العدد 34 - أردني
 

خليل الخطيب

يشكو بعض أطباء الامتياز من نوعية التدريب الذي يتلقونه على مدار عام كامل قبل التقدم لامتحان الاختصاص"البورد الأردني" الذي يصفونه بأنه مضيعة للوقت. ويشكو أطباء من صعوبة الامتحان وتعقيده، كما يشكو بعض الناجحين فيه من قلة التدريب الفرعي المتخصص بعد "البورد"، مع أن مستشفيات المملكة تعاني نقصاً كبيراً في هذه الاختصاصات كالكلى والقلب.

جذر المشكلة

وزير الصحة الأسبق، زيد حمزة، يعيد المشكلة إلى جذورها فيقول: "برزت هذه المشكلة نتيجة لنظام شبه عرفي أصدرته الحكومة العام 1965 يقضي بتفرغ أطباء وزارة الصحة وعدم السماح لهم بالعمل في عيادات خاصة، ما خلق مشكلة أساسية في تدريب الأطباء الجدد لأن الأطباء من ذوي الخبرة أصبحوا ينتقلون للعمل في القطاع الخاص ومعهم خبراتهم وكفاءتهم".

ويضيف: "وترتب على ذلك خسارة لا تقدر بثمن في نوعية التدريب حيث أن الأطباء الجدد لا يجدون أطباء خبراء ليدربوهم في ميدان العمل".

وينتقل حمزة إلى جانب آخر من جوانب المشكلة، فيشير إلى أن الحكومة "أسست المجلس الطبي الأردني العام 1982 ليكون مسؤولا عن استدامة وتطوير تدريب الأطباء على كافة المستويات وبمختلف التخصصات".

لكنه يرى أن المجلس "تحول إلى جهة اختبارية تعقد الامتحانات ولا تعمل في مجال التدريب".

شكاوى الأطباء

يتفق عدد من طلبة الامتياز استطلعتهم «السّجل» في ثلاثة مستشفيات مع ما ذهب إليه الوزير السابق، إذ يقولون: "نحن لا نتدرب على شيء ولكننا نستخدم لأخذ ضغط المريض أو سؤاله عما يشكو، أو نقل العينات من وإلى المختبر، وهذه مضيعة للوقت ولا علاقة لها بموضوع الامتحان".

طبيب الباطنية خالد زايد، الذي حصل على البورد الأردني في دورة شباط 2008 يضيء جانباً آخر فيؤكد لـ«السّجل»: "المشكلة ليست في تدريب طلبة الامتياز ولا في امتحان البورد على صعوبته، ولكنها في التخصصات الفرعية ما بعد البورد، فالتدريب هنا أقل بكثير من المطلوب".

ويتابع زايد "إذا توجهت إلى مستشفيات الجنوب، فلن تجد أي أخصائي كلى، باستثناء مستشفى الكرك الذي يزوره طبيب كلى عسكري ثلاث مرات في الأسبوع".

المجلس الطبي يوضح

الأمين العام للمجلس الطبي الأردني، سمير الكايد، يؤيد ملاحظات د. زيد حمزة وأطباء الامتياز والبورد ويوضح: "المجلس الطبي الأردني يعمل الآن على تطوير برامج تدريبية لكافة المستويات والتخصصات خاصة في مجال الامتياز والبورد".

ويتابع الكايد مفصلاً "بالنسبة للامتياز سوف يوزع دليل تعليمي بالإجراءات والمهارات الطبية التي يُدرب عليها الطلبة توقع من قبل الأطباء المشرفين اعتباراً من دورة أيلول القادم".

أما بالنسبة لامتحان البورد، يتابع الكايد: "فرغم أن البورد الأردني امتحان عادل وله مكانة محترمة عربيا وعالميا، إلا أننا نعمل على تطويره مستفيدين من تجارب عالمية وعربية".

ويؤكد: "نحن نقوم الآن بتفعيل اللجان العلمية لتقوم بتطوير برامج تدريبية لكافة التخصصات بمستويات مختلفة، لكن المجلس الطبي لا يستطيع أن يقدم الكثير فيما يتعلق بالتدريب الفرعي المتخصص بعد البورد".

ويناشد الكايد وزارة الصحة والخدمات الطبية الملكية والمستشفيات الجامعية أن تزيد من طاقتها الاستيعابية لهذا النوع من التدريب حيث أن فرص التدريب الخارجي "انقطعت" بحسب تعبيره.

حلول مقترحة

مفتاح الحل لهذه المشكلة بشكل جذري يراه الكايد في "تحسين الظروف المعيشية لأطباء وزارة الصحة بشكل عادل".

ويتفق معه وزير الصحة الأسبق زيد حمزة الذي يرى أن "السماح لأطباء الوزارة بالعمل في عياداتهم الخاصة بعد دوامهم سيجعلهم يتمسكون بوظائفهم فيتوقف نزيف الخبرات المتواصل منذ أربعة عقود". لكن طبيب الباطنية زايد لا يرى في ذلك حلا معقولا لأنه سيضع الطبيب في خانة "الاتهام بتحويل مرضاه في مستشفيات الوزارة إلى عيادته الخاصة"، ويرى أن "تجربة العيادات الخاصة في المستشفيات الجامعية هي الحل الأفضل من كل الوجوه".

ويشرح زايد: "يمكن تخصيص عيادات خاصة لأطباء الوزارة في مستشفياتهم بعد أوقات الدوام يكون للطبيب نسبة من دخلها، ويكون للمريض الذي لا يرغب بالانتظار أن يختارها، وفي الوقت نفسه يتحقق دخل للمستشفى يمكن استثماره في التطوير".

رغم الاتفاق على جدية مشكلة تدريب الأطباء في الأردن، كما ونوعا، والاختلاف على طريقة الحل، إلا أن أصابع جميع من حاورتهم ےحول الموضوع تشير إلى وزارة الصحة باعتبارها الجهة التي تمتلك المفتاح الأساسي للحل المطلوب.

**

خصي الذكور.. تاريخ من الاعتداء

محمد شما

عرف العالم قديماً «خصي العبيد» لاستخدامهم في خدمة النساء، داخل جدران القصور والبيوت، من باب الحرص على عفّة النساء. وكانوا يرون أن ذلك لا يتم إلا عن طريق خصي الرجال.

ويعود «خصي الذكور» إلى عصر الاستعباد الأول، حيث كان يخصى العبيد عند الأثرياء في دول أوروبية تحديداً، وكانت العملية تتم بإزالة الخصيتين ما يؤدي إلى ضمورهما، ونتيجة لذلك تتليف خلايا الخصية التناسلية التي تنتج الحيوانات المنوية، فلا يستطيع الإنجاب عندها.

كانت تجارة الرقيق تجري على يد أوروبيين، حيث كانت مدينة براغ تعد مركزاً للخصيان، حيث كان يتجه العبيد إلى المدينة ليتم خصيهم، ومن هناك كانوا يوزعون على الأسواق الأوروبية.

وكان النوبيون في مصر، والسودان يخصون الأطفال «غير الأسوياء»، ولاسيّما في الأديرة المسيحيّة في تلك المنطقة.

قبل سنوات قليلة، عمد أطباء فرنسيين، بطرق غير مشروعة، ولكن بموافقة المريض بنقص المناعة المكتسبة الإيدز، على «خصيه»، وذلك في محاولة التخفيف من طرق انتقال المرض. وهذه الطريقة كانت مطبقة حتى وقت قريب في فرنسا، التي تعد من أكثر دول العالم تطوراً، حتى سنوات قليلة ماضية.

لكن فريقاً من الباحثين الفرنسيين، طوّروا عقاراً جديد لعلاج مرض الإيدز، حيث اكتشفوا أن خصي الرجال يوفر الظروف المواتية لتكاثر فيروس HIV المسبب لمرض الإيدز.

**

"الأطباء": إطار نقابي أم حزب سياسي؟

سليمان البزور

منذ تأسيسها في العام 1972، لم تخرج نقابة الأطباء الأردنيين من عباءة العمل السياسي، الذي يرى كثيرون أنه يتم على حساب العمل المهني النقابي وتطوير المهارات والقدرات العلمية لأعضائها، وهو ما يفترض أن النقابة تأسست لتؤديه.

في الذاكرة الموثقة في سجلات نقابة الأطباء صعدت قوائم سياسية وتزعمت سدة النقابة، وكان المرشحون لانتخابات مجلس النقابة يفوزون تبعاً لخلفياتهم السياسية والتحالفات التي تبرم مع شتى الاتجاهات للفوز بمنصب النقيب وعضوية مجلس النقابة.

يعقوب زيادين، إسحق مرقة، ممدوح العبادي، محمد العوران، نقباء أطباء، وأعضاء مجالس نقابة، أسماء مرتبطة بالعمل السياسي والعمل النقابي المهني في الوقت نفسه.

وفيما تشهد نقابة الأطباء تفاعلاً مع مختلف الأحداث السياسية، من خلال ارتباطها بقوى المعارضة، في الشوارع والاجتماعات العامة، فإن منجزها على مستوى الخدمات يكاد يقتصر على تنفيذ المشاريع وإقامة الصناديق المالية ( صندوق إسكان الأطباء، التقاعد والضمان الاجتماعي، التأمين الصحي، التكافل، الادخار). أما تطوير المهنة فإنه يكاد يكون في آخر قائمة أولويات النقابة.

نقيب الأطباء زهير أبو فارس، يعزو انحسار الدور المهني للنقابة على الحكومات بذريعة أن "هناك تقصيراً حكومياً في التجاوب مع النقابة لتطوير المهنة"، ويستذكر المشروع الذي طرحته النقابة قبل عام على وزارة الصحة والسلطة التشريعية بشقيها: "طرحنا، بالاشتراك مع المجلس الطبي الأردني، آلية لإنشاء هيئة وطنية للتعليم الطبي، تكون بمثابة المسطرة الطبية التي تقّوم، تعدل، وتنظم العمل الطبي".

يواصل أبو فارس: "نحن ندق ناقوس الخطر فيما يتعلق بضرورة وضع استراتيجية وطنية للتأهيل والتدريب؛ نعقد مؤتمرات طبية، ورش عمل باستمرار، لكن هذا غير كاف للحفاظ على المستوى الطبي الأردني الذي يتطلب منا الشروع ببرامج وطنية للتدريب وتعليم الأطباء."

يرى الطبيب عمر حزين أن نقابة الأطباء تختزل دورها في عقد المؤتمرات وورش العمل بعيداً عن التدريب الفعلي والحقيقي الذي يصقل الخبرات الطبية، للأطباء ويطورهم.

يضيف الطبيب: "هناك حلقة مفقودة لدينا، بخلاف دول الغرب، في أوروبا يتتلمذ على يد كل طبيب عدة أطباء، ويصبح لديه مدرسة طبية خاصة به، وهكذا تستمر الدورة التعليمية."

وينتقد الطبيب محمد عبد الفتاح دور نقابة الأطباء :"الصلة الوحيدة التي تربط الأطباء بنقابتهم هي تسديد الاشتراكات، والانتخابات، هناك قصور كبير في موضوع التأهيل الخاص بالأطباء، والنقابة ليست معنية بتأهيل أعضائها وتطوير مستواهم المعرفي، والنقيب بمجرد أن ينجح في النقابة يتخلى عن الكثير من المشاريع التأهيلية".

تدريب الأطباء في الأردن.. نقص في الكم وأزمة في النوع
 
10-Jul-2008
 
العدد 34