العدد 6 - أردني
 

تعمقت المشاكل داخل البيت الإخواني، وأخذت منحنيات مختلقة بعد هزيمتهم في الانتخابات التشريعية، فبعد استقالة مجلس شورى الجماعة جاء الدور على الأمانة العامة لحزب الجبهة، إذ وردت معلومات من داخل البيت الإخواني افادت بوجود مطالبات بتحويل الأمين العام للحزب زكي بني ارشيد لمحكمة حزبية، إضافة الى النائب السابق محمد أبو فارس.

هذه المطالبات جاءت على خلفية موقف الأول من مرشحي الحزب وقائمته في الانتخابات الماضية ومعارضته له، وموقف الثاني من اختيار المراقب العام السابق للجماعة عبد المجيد ذنيبات لعضوية مجلس الأعيان.

ولم تمهل “الهزات الارتدادية” الداخلية، المتوقعة منذ “زلزال” الخسارة القاسية للحركة الإسلامية في الانتخابات النيابية الأخيرة- الحركة طويلاً، فلم يكد يمضي أسبوع على انتهاء “عرس النيابية” حتى أطاحت صدمتها بأعلى الهيئات القيادية للحركة، مجلس شورى الإخوان المسلمين، لتفتح الباب على غاربه لـ “أوسع عملية اعادة هيكلة للأطر القيادية، ولخطابها السياسي” منذ عقود.

ولم تمنع التفاصيل الصغيرة، التي طبعت أداء وقرارات الحركة الإسلامية في تأزم العلاقة مع الحكومة والمؤسسة الرسمية خلال الأسبوعين الماضيين، بعد هزيمة الانتخابات، من تلمس المراقب لحجم التغييرات العميقة التي بدأت عجلتها بالدوران داخل أكبر التنظيمات السياسية الشعبية الأردنية، والتي كان حل شورى الإخوان (45 عضواً) الأربعاء الماضي لنفسه أبرز محطاتها.

وتجزم مصادر رسمية في الحركة ذاتها أن خطوة حل شورى الإخوان، راسم وصانع سياسات الحركة “ستنعكس” على مجلس شورى جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان، وعلى مكتبه التنفيذي، حيث باتا مرشحين، “خلال أسبوعين على الأكثر” للحل، تمهيداً لانتخاب قواعد الحركة أطراً قيادية جديدة في الإخوان والجبهة.

وكشف مصدر إسلامي مطلع، في هذا السياق أن تياري الوسط والحمائم، الذي بات مهدداً بتراجع نفوذه وحضوره في الأطر القيادية أمام تقدم الصقور، يحاول حالياً فرملة الاندفاع نحو حل مجلس شورى الجبهة، وبالتالي حل المكتب التنفيذي للحزب، لـ “خشيته من فقدان وزنه وحضوره في الانتخابات المقبلة”. وأحبط تيار الوسط والحمائم قراراً بحل شورى الجبهة كاد أن يتخذه المكتب التنفيذي للإخوان في اجتماع طارئ له الجمعة قبل الماضية، واستطاع تأجيل القرار.

وتقدم لصدارة المشهد الإسلامي خلال الأيام القليلة الماضية موضوع تعيين المراقب العام السابق للإخوان الحمائمي عبد المجيد الذنيبات في مجلس الأعيان، وصدور قرار عن تنفيذي الإخوان (الذي بات ينوب عن شورى الإخوان بعد حله) يطالب الذنيبات بالاستقالة من الأعيان، احتجاجاً على ما جرى في الانتخابات.

وفي وقت حسمت النقاشات الداخلية لقيادة الإسلاميين موضوع بقاء نوابهم الستة في مجلس النواب، وعدم الاستقالة الى حين اتخاذ قرار لاحق، فإن قضية الذنيبات والضغط عليه للاستقالة من الأعيان فاقمت من حدة التوتر بين الإسلاميين والمؤسسة الرسمية، والتي كانت العلاقة بينهما دخلت نفقاً جديداً من التصعيد والتأزيم غير المسبوق على خلفية الموقف من الانتخابات البلدية والنيابية.

ورغم أن الذنيبات يبدو الأكثر تضرراً في أي من خياريه، الاستقالة من الأعيان، أو رفض قرار قيادته التي تعني تنظيمياً فصله من الإخوان، في سابقة ستكون الأولى من نوعها لمراقب عام سابق، فإن حجم الأزمة لدى قيادة الحركة في هذه الجزئية لا يقل عن أزمة الذنيبات، فالاستقالة من “مجلس الملك” تتجاوز بحدود الخلاف بين الإخوان والحكومات الى مديات أبعد!

وبحسب مراقبين، فإن الدلالة الأخطر في قضية مطالبة الذنيبات بالاستقالة أنها جاءت من تيار الوسط الذي يسيطر على المكتب التنفيذي للإخوان، وإن كان مدفوعاً بالجو العام في الحركة المحبط من “الاستهداف الحكومي” في الانتخابات، الذي قلص وزن الإسلاميين في المجلس النيابي الى ثلث ما كان عليه في المجلس السابق، بفوز ستة نواب فقط، بعد أن كان للإسلاميين 17 نائباً في المجلس السابق.

ويرى المراقبون أن الإصرار على استقالة الذنيبات من الأعيان ينذر بمرحلة جديدة من التأزيم في الموقف الرسمي ضد الجماعة، التي عانت على مدى السنتين الماضيتين من حملة قضم منظم وأفقية لأذرعها المالية (جمعية المركز الإسلامي) والدعوية، وأخيراً الشعبية والتمثيلية في معاقلها بالمدن الكبرى!

أما على جبهة النيابة، فتتجه خيارات الحركة الإسلامية –بحسب مصادر متطابقة فيها- الى البقاء في هذه المؤسسة، وعدم الانسحاب، ومحاولة إيصال صوت الحركة عبر هذا المنبر. في حين يدفع تيار في الحركة بأن يبقى موضوع النواب الستة ملفاً مفتوحاً بيد قيادة الحركة المقبلة، التي ستفرزها الانتخابات الداخلية، ضمن إدارتها للأزمة مع الحكومة.

وتفيد المعلومات المتسربة من خلف أسوار الحركة الإسلامية الى عمليات التحشيد والاستقطابات تتسارع بين تيارات الحركة المتصارعة استعداداً لمعركة الانتخابات الداخلية لمجلس شورى الإخوان، التي يجب أن تكتمل خلال ثلاثة أشهر من قرار حل الشورى السابق. حيث نشطت التيارات المختلفة في تصويب الأوضاع التنظيمية للقواعد المحسوبة عليها، عبر دفع اشتراكاتها للتنظيم، لتمكينها من المشاركة بالانتخابات.

وتؤشر المعطيات الحالية – بحسب المراقبين- الى أن تيار الوسط والحمائم خرج خاسراً بقوة من معركة الانتخابات النيابية وقبلها البلدية، وقد تعرض هذا التيار في اجتماع شورى الإخوان على مدى ست ساعات الأربعاء الماضي لقصف وانتقادات واسعة من تيار الصقور، على ما اعتبره الصقور “رهاناً غير منطقي ودون ضمانات على الحكومة بنزاهة الانتخابات النيابية بعد ما جرى في البلدية”.

ولذلك تكاد تجمع أوساط الإسلاميين على أن تيار الصقور، والتيار الرابع الذي يمثل أمين عام الجبهة زكي بني ارشيد أبرز رموزه “سيعود بقوة عبر الانتخابات الداخلية المقبلة”، ما يفتح الباب واسعاً لتوقع مزيد من التأزيم والانحدار في العلاقة بين الحكومة والحركة الإسلامية.

ورغم صعوبة الحديث عن أسماء القيادات المقبلة للإخوان والجبهة، التي يتوقع أن يطالها التغيير، فإن الحديث يتنامى في أروقة الحركة عن التغيير قادم على شخصي المراقب العام للإخوان سالم الفلاحات وأمين عام الحزب زكي بني ارشيد، فضلاً عن تغيير محتمل على أغلب أعضاء المكتبين التنفيذيين.

وفي ظل توقع غلبة تيار الصقور والتيار الرابع على تركيبة شورى الإخوان المقبل، فإن الترشيحات تقدم نائب المراقب العام الحالي الوسطي جميل أبو بكر بصورة أساسية، ونائب المراقب السابق الصقوري همام سعيد لاحتلال منصب مراقب الإخوان المقبل.

أما للحزب فتقدم الترشيح لمنصب الأمين العام المقبل، أمينا عامي الحزب السابقين عبد اللطيف عربيات، وحمزة منصور.

وبات في حكم المؤكد، بحسب المراقبين ان العلاقة بين الحركة الإسلامية والحكومة مقبلة على تغييرات جذرية وهامة. وبخاصة أن تيار الصقور يدعو لأن تتبنى الحركة نهج تغيير أسس اللعبة السياسية مع الحكومات، باتجاه البحث عن دور أكبر للحركة، في حين يتمسك الحمائم والوسط بنهج البحث عن مساحة تلاقي وتعايش سياسي مع القبول بتقليص الهامش السياسي المتاح أمام الإسلاميين.

إعادة هيكلة أطر الإسلاميين تتسارع
 
13-Dec-2007
 
العدد 6