العدد 5 - رزنامه
 

لدينا حياة ديمقراطية نسبية كما لدى مصر ولبنان مستوى مشابهاً منها. ومع ذلك فإن القارىء الأردني يتابع مجريات الحياة السياسية اللبنانية والمصرية بشغف، يفتقده لدى متابعة الحياة السياسية عندنا.

من واجب السياسيين والإعلاميين أن يتساءلوا عن سر هذه الظاهرة.وأن يحاولوا الإجابة عن سؤال قد يكون صعباً وهو : لماذا تفتقد حياتنا العامة الى الجاذبية الإعلامية والى الحيوية الخاصة بها التي تغري بالمتابعة رغم وجود ثلاثين مطبوعة سياسية دورية، ومع وجود الهامش المعقول رغم حالات المد والجزر لحرية تداول المعلومات والأفكار، ورغم الانطباع الذي يحتاج الى تفحص بأن شعبنا مسيس «حتى العظم» وبخاصة في ضوء الانتخابات الأخيرة حيث جرى التصويت على أساس عائلي وعشائري وليس أبداً على أساس سياسي؟.

يجيب البعض أن الفئات الشابة وحدها هي المنقطعة عن الشأن العام، أما الفئات الأكبر سناً المكتهلة والمخضرمة، فما زالت على تواصل مع مجريات الحياة العامة.على أن ذلك ليس صحيحاً. فهناك عزوف واضح وعام يشمل فئات شتى، عن متابعة وقائع الحياة السياسية الأردنية. قلة قليلة من الناس من تعرف أسماء الحكومة السابقة والحالية ومجلس النواب السابق والجديد، وقلة أقل من تعرف أسماء الأحزاب والرموز الحزبية، وحتى أسماء الصحف الأسيوعية وبعض اليوميات.

في القناعة أن هناك عوامل متضافرة،ودوافع مختلفة تجعل الناس في بلادنا لا تولي اهتماماً بجوانب السياسة المحلية مقارنة باهتمامها بما يجري في مصر كانتخابات نقابة الصحفيين هناك ونشاطات حركة كفاية، أو ما يجري من سجالات في لبنان ين قوى 14 آذار و8 آذار وانتخابات الرئاسة.

من هذه العوامل أن المجتمع السياسي والمجتمع بعامة في كل من لبنان ومصر أكثر انفتاحاً وتسامحاً حيال المختلف والآخر. وهو ما يحفز على الشفافية والمصارحة حتى لو تم اعتماد نبرة حادة في الخطاب فذلك يحسب ضمن الاختلاف في الرأي لا من قبيل المساس بالكرامة الشخصية، كما يحدث عندنا حيث الناس مستنفرون، على الدوام، حيال بعضهم بعضا للدفاع عن حياض كرامتهم المهددة. ضمن هذه الأجواء الرحبة عند الأشقاء يتم فرز تيارات سياسية وفكرية، تتولى إصدار نشرات ومطبوعات وكتب وتقيم أنشطة مختلفة بما يســهم في الارتقـــاء بالوعـــي العام ويعـــزز عادات ذهنية في تقبل الاختلاف.

مع افتقاد هذه الأجواء لدينا تنشأ جماعات وتكتلات على أسس شخصية وجهوية ومناطقية. وتنشأ ازدواجية بين ما يقال داخل الغرف المغلقة وما يقال في العلن. ومع مضي الوقت وتأصل هذه العادات، تتركز حالة من الباطنية، ومعها تختفي الصراحة، ويتم الجنوح الى الإنشاء والتكرار في تصريحات السياسيين. فلماذا الاستغراب بعدئذ إزاء حالة العزوف العام عن المتابعة والاهتمام؟!

الاهتمام المفقود – محمود الريماوي
 
06-Dec-2007
 
العدد 5