العدد 32 - حريات
 

حسين ابورمّان

تمترست أغلبية نيابية في جلسة الأحد الماضي ضد "دمقرطة" مشروع القانون المعدل لقانون الاجتماعات العامة، كما جاء من الحكومة مع تعديلات طفيفة عليه أدخلتها لجنه الحريات وحقوق المواطنين في المجلس.

نواب كتلة جبهة العمل الإسلامي، وآخرون في مقدمتهم: بسام حدادين، علي الضلاعين، عدنان العجارمة، صلاح الزعبي، يوسف القرنة، وقفوا إلى جانب "حل وسط" يتمثل في إجراء تعديل جوهري على مشروع القانون المعدل، يكتفي بإشعار الحاكم الإداري لعقد اجتماع عام، وحصر الموافقة المسبقة بتنظيم المسيرات.

الدعوة إلى تعديل القانون، جاءت في خطاب الملك عبدالله الثاني بعيد الاستقلال، من أجل "تيسير الاجتماعات العامة"، فسارعت الحكومة لتقديم تعديلات شكلية على القانون تتعلق بالتعاريف وتوقيتات، لكنها لم تطل الجوهر.

قانون الاجتماعات العامة رقم 7 لسنة 2004، يشترط الحصول على موافقة خطية مسبقة لعقد اجتماع عام أو تنظيم مسيرة، ويعطي الحاكم الإداري سلطة مطلقة في الموافقة على الطلب أو رفضه حتى دون بيان الأسباب، ولا مجال للطعن في قراره.

ثلاث مداخلات رئيسية طالبت بإلغاء شرط الموافقة المسبقة على طلب عقد اجتماع أو تنظيم مسرة، وجاءت باقتراحات شبه متطابقة.

عزام الهنيدي اقترح التعديل التالي على مشروع القانون "للأردنيين الحق في عقد الاجتماعات العامة وتنظيم المسيرات شريطة تقديم إشعار لهذه الغاية للحاكم الإداري المختص". وكان الهنيدي بدأ مداخلته بتاكيد أن التعديلات التي أتى بها مشروع القانون تناقض أسبابه الموجبة التي تحدثت عن التزام الحكومة "بالاستمرار في برامج الإصلاح السياسي"، وبوضع التشريعات التي "تجسد المشاركة وتعظم الثقافة الديمقراطية وتكفل حرية الرأي والتعبير وحقوق الإنسان". وأعرب عن قناعته في أن يكون للأردنيين حق عقد الاجتماعات العامة بصفته "حقاً مؤكداً ومصاناً في الدستور ولا يجوز تقييده بأي شكل من الأشكال".

علي الضلاعين، اقترح إلغاء كل بنود المادة الثالثة موضوع النقاش، واستبدالها بالنص على أن "للأردنيين حق عقد الاجتماعات العامة أو تنظيم المسيرات شرط تقديم طلب للحاكم الإداري". وقال قبل ذلك إنه "عندما عرض مشروع القانون رفضته بسبب مبرراته غير الكافية وغير المنطقية، وأنا الآن مجبر على مناقشته". ودعا زملاءه بعد نهاية المناقشات إلى رفضه كرسالة سياسية واضحة إلى أهمية النهج الديمقراطي الذي "صار إلنا 20 سنة نشتغل عليه، وكلما تقدمنا خطوتين، نعود بعدها 20 خطوة للخلف". وأضاف "كل ما متنفس شوية بطلعنا قانون يعيدنا للخلف".

حمزة منصور اقترح من جهته أن يكون نص المادة الثالثة من القانون "للأردنيين حق عقد الاجتماعات العامة أو تنظيم المسيرات شريطة تقديم إشعار لهذه الغاية إلى الحاكم الإداري المختص". وكان ذكر أن قانون الاجتماعات العامة هو أحد ثلاثة قوانين يمكن من خلالها الحكم على الوضع أنه ديمقراطي أو غير ديمقراطي، أما القانونان الآخران فهما قانونا الأحزاب والانتخابات. وشدد على أن المادة الثالثة من المشروع هي أهم مواد القانون. وأضاف أنه يشارك الزملاء الذين أشاروا إلى أن هذه المادة غير دستورية، بل تتناقض مع المادة 16 من الدستور التي أعطت الأردنيين حق الاجتماع، مؤكداً أن القانون يوفق مع الدستور لا أن تلوى نصوص الدستور.

مجموعة ثانية من المداخلات، ذهبت نحو البحث عن حل وسط، وهذا الحل اقترحته منظمات مجتمع مدني في لقائها مع لجنة الحريات.

عدنان العجارمة أعلن أنه يوافق على اقتراح زميله علي الضلاعين فيما يخص الاجتماعات العامة. أما فيما يخص المسيرات، فاقترح أن يخصص لها بند منفصل يؤكد أنها تحتاج إلى موافقة الحاكم الإداري.

وقال: أريد أن أذهب أبعد مما طالب به الزملاء الذين سبقوني. مشروع القانون المعدل هذا مخالف ليس فقط للأسباب الموجبة، وإنما كذلك للمعايير الدولية، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والتي وقع عليها الأردن ونشرت في الجريدة الرسمية، بما يعني انه أصبح لها قوة التشريع الوطني. وأضاف أن الأصل في اي قانون هو السماح والإباحة وليس المنع. لذا يكون الخلاف هنا حول تفسير المادة. وأعرب عن اعتقاده أنه يكفي لعمل تمييز في بداية المادة الثالثة بين الاجتماع والمسيرة بحيث يتم تفصيل كل نشاط بطريقة مختلفة.

بسام حدادين، بدأ مداخلته في جو مشحون، مخاطباً رئيس المجلس "أعطيت نقاط نظام لـ 15 شخصاً وأنا الوحيد تسألني عن نقطتي. وأضاف ليس هناك نقطة نظام اعطيت في هذه الجلسة ينطبق عليها انها نقطة نظام، كلها تسلل. نقطة النظام عندي هي أن النقاش تحول إلى فقة دستوري، وكل واحد بدأ يفتي في الدستور بما يخدم وجهة نظره. الدستور يحدد الحقوق والواجبات، ويطلب من القانون أن ينظمها. هذا صحيح، والصحيح أيضاً أن القانون يجب أن لا يخالف روح وجوهر الدستور. لذلك يجب أن ندقق في القانون وتفاصيله. فما ورد في مشروع القانون مخالف لروح الدستور الذي يفترض أن الإباحة هي الأساس.

وأضاف "عندما طالبنا برد هذا المشروع، لم نكن نرغب بالعودة إلى القانون السابق، إذ كنا سنطلب من الحكومة ان تعبر عن إرادتها السياسية والإرادة السياسية التي عبر عنها جلالة الملك برفع سقف الحريات الديمقراطية".

وفي مداخلة لاحقة، أيد حدادين التمييز بين الاجتماعات والمسيرات، وقدم اقتراحاً يكتفي بإشعار الحاكم الإداري بخصوص عثد الاجتماعات العامة، وربط الموافقة المسبقة بتنظيم المسيراتـ. محمد عقل قال من جهته إن الرواد الأوائل الذين وضعوا الدستور لم يكن يدور في خلدهم أن يأتي زمن يتم فيه التراجع عن الفهم المتقدم الذي ضمنوه للدستور عندما نتحدث عن الاجتماعات وحق الأردنيين في عقدها. واستخلص من قانون 1953، أن الحق في عقد الاجتماعات العامة ييطلب الإشعار وليس الإذن.

صلاح الزعبي ذهب منحى جديداً، مؤكداً أنه مع إيمانه القاطع بضرورة رد هذا المشروع، إلآ أن الأمر بحاجة إلى مزيد من التشاور. وقدم مقترحاً يتطابق مع مقترح زملائه الذين ميزوا الإجراءات المطلوية للاجتماعات عن تلك المطلوبة للمسيرات، في حال كان هناك إصرار على حسم الأمور. وبدأ الزعبي مداخلته قائلاً: إن حرية الكلمة هي المقدمة للديمقراطية، وعليه فإن تعزيز السلوك الديمقراطي يجب أن بصوغه قانون ديمقراطي عصري قادر على مواجهة تحديات العصر. لكن للأسف الشديد، جاء هذا القانون يتعارض مع توجهات الدولة للإصلاح والتنمية السياسية. مشيراً إلى أن الأردن يتعرض إلى الانتقادات الداخلية والخارجية، وإلى أن مشروع القانون جاء معارضاً للميثاق العالمي لحقوق الإنسان الذي أكد على الحق في التجمعات السلمية.

سليمان السعد، أيد فكرة الزعبي بإرجاء النظر في حسم المشروع لمزيد من التشاور، حيث ان الغالبية العظمى ترى أن القانون مهم جداً وبحاجة إلى إنضاج وتفاهم كذلك بين الحكومة والمجتمع المدني لأن هذا المشروع مقيد للحريات العامة.

يوسف القرنة، تحدث عن موقع الأردن الجيوسياسي، والتحديات التي تواجهه. وقال إن الحكمة الملكية من تعديل قانون الاجتماعات العامة هي تعزيز التنمية السياسية التي نحن بأمس الحاجة إليها ما يتطلب من نواب الشعب أن يكونوا مع قانون يتماشى مع الدستور وليس العكس. وطالب بالتمييز بين تنظيم المسيرات وعقد الاجتماعات العامة، واقترح بناء على ذلك ان يكون النص "للأردنيين حق الاجتماعات العامة شريطة تقديم إشعار لهذه الغاية قبل 48 ساعة من عقد الاجتماع. وللأردنيين حق تنظيم المسيرات شريطة مخاطبة الحاكم الإداري قبل 48 ساعة للحصول على الموافقة".

انتهت الجلسة "العتيدة" بتمرير مشروع القانون الذي سيحول إلى مجلس الأعيان دون تغيير مهم على الصيغة التي جاء بها من الحكومة. مشروع القانون تمسك بربط الحق في الاجتماعات والمسيرات بالموافقة المسبقة للحاكم الإداري، ولجنة الحريات مع الأغلبية النيابية حافظت على هذا الشرط الذي طالبت منظمات المجتمع المدني وقوى ونشطاء سياسيين بإلغائه لصالح الاكتفاء بالإشعار للحاكم الإداري، أو بالحد الأدنى، الإبقاء على الموافقة المسبقة للمسيرات والاكتفاء بالإشعار للاجتماعات العامة.

“النيابي” قاوم تعديلات متوازنة على قانون الاجتماعات
 
26-Jun-2008
 
العدد 32