العدد 32 - أردني
 

أثارت قضية اختراق فتى لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره لعدد من أجهزة البنوك الرئيسية في الأردن، وقيامه بتحويل ما يقارب 12 ألف دينار لحسابه الخاص، الكثير من التساؤلات حول حقيقة ما حدث، وحول الدوافع التي تجعل طفلا في عمره يقوم بعملية تخريبية بهذا الحجم، وعن مدى انتشار هذا النوع من الجرائم الجديدة.

نشر الخبر لأول مرة في نيسان الماضي في صحيفة "الغد" التي أوردت حوله تفاصيل مقتضبة ، تفيد بأن الطفل نجح عبر تخطيط محكم وعمل دؤوب، في الحصول على مبالغ مالية ضخمة من بنوك أردنية. فعل الطفل ذلك من خلال تحويل مبالغ صغيرة من حسابات عملاء البنوك المذكورة، وعلى مدى فترة زمنية طويلة، ليستطيع في النهاية جمع آلاف الدنانير.

أحيطت القضية بتكتم شديد، من الجميع: الأجهزة الأمنية والبنوك وذوي الطفل، فلم يعرف الكثير عن ملابساتها وتفاصيلها، وقد علمت "ے" أن صفحة القضية قد طويت بعدما تعهد المتهم بعدم تكرار فعلته هذه، واعادة جميع الأموال التي حولها إلى حسابه ، للبنوك التي تعرضت لهذا الاختراق.

في إطار عملية التسوية، برزت مشكلة حصر الحقوق وإعادتها لأصحابها، وذلك بسبب ضآلة المبالغ التي تم الاستيلاء عليها من الحسابات الفردية، فتمت التسوية مع البنوك المتضررة فقط .

انتهت القضية، لكن الأسئلة حول إمكان دخول فتى بهذا العمر إلى أنظمة محصنة لبنوك كبرى ما زالت تتردد، لتضاف إلى قصص شبيهة حدثت على مستوى العالم.

تحاكي هذه القضية قضية تتعلق ببنك سوسيته جنرال الفرنسي الذي تعرض في أوائل العام الجاري، لعملية احتيال خسر من خلالها بلايين الدولارات، إضافة إلى الكثير من مصداقيته في العالم. فالأسس التي قامت عليها العمليتان واحدة، إذ إنها تقوم على اختراق الأنظمة والمواقع، للوصول الى نقطة يمكن فيها للشخص المعني تعديل المعلومات الأساسية الخاصة بحسابات معينة، وإدخال عمليات وهمية إلى نظام البنك، وهو ما يتطلب دراية تامة بسير العمليات البنكية حتى اكتمالها، وهي مهارات كانت متوافرة لدى الشخصين المذكورين.

ما فعله الطفل لم يكن فريدا في البلاد، ففي مجال آخر من مجالات الاختراق الإلكتروني، استطاع بعض "الهاكرز" الأردنيين الوصول إلى فك شيفرات تخص أحد أنواع الهواتف الخلوية، وبيعها لمحلات صيانة أجهزة هذا النوع من الهواتف، ما تسبب في إلحاق أضرار كبيرة بوكلاء الشركة المحليين، فضلا عن مشاكل سببتها لهم العملية مع الشركة الأم. ورغم أن هذا النوع من الاختراق منتشر بشكل واسع بين الشبان، فإن دقة هذه العملية واتساعها، دفعا السلطات للتحقيق فيها وكشفها. وقد كشفت التحقيقات ونوعية الجرائم، وهي جرائم حديثة العهد بدأت مع بدايات انتشارالإنترنت، عن ثغرات قانونية كبيرة، إذ لم تجد أجهزة الأمن تهمة مباشرة تسندها للمتهمين في هذا النوع من السرقة الإلكترونية.

الثغرات القانونية التي ينفذ منها مرتكبو الجريمة الإلكترونية، تملي ضرورة معالجتها بعقاب واضح لمرتكبي هذه الجرائم، حتى لا يصبح تكرارها والإقبال عليها أمراً وارداً في المستقبل القريب، مع التطور التكنولوجي المتسارع وازدياد مصادر التعلم عند الشبان.

وربما كانت أوجه القصور هذه تحديداً، هي ما يجعل الحديث عن مثل هذه الجرائم التي تنتشر بين حين و آخر، يتم بتكتم واقتضاب، فتبقى تفاصيل وظروف ارتكابها وملابساتها، محصورة في نطاق ضيق، نتيجة الجهل العام بالتكنولوجيا واستخداماتها، وعدم القدرة على التعاطي مع هذا النوع من القضايا بفعالية، ما يترك الباب مفتوحاً أمام المزيد من هذه الجرائم المعقدة.

هناك عقول شابة قادرة على تحقيق الكثير في المجال الإلكتروني، غير أن بعض أصحاب هذه العقول يسلكون وجهة خاطئة، وهو ما يلقي المسؤولية على المؤسسات التعليمية والتربوية التي يقع على كاهلها عبء تصويب التوجهات الخاطئة ، وتوجيهها نحو القيام بإنجازات عالمية يسجلها شبابنا في المحافل الدولية التكنولوجية، كما نجح في ذلك العديد من الشبان المتميزين في السنوات القليلة الماضية.

قصص نجاح محلية في مكافحة الجريمة الإلكترونية
 
26-Jun-2008
 
العدد 32