العدد 32 - زووم
 

خالد أبو الخير

تصدح الطيور والباعة في شارع خلفي مخنوق، بين صفين من البنايات على امتداد شارع الطلياني في وسط البلد.

حساسين وكناري وحمام وببغاوات وغيرها من الطيور تباع في السوق الذي يقام على عجل يوم الجمعة. بعد الصلاة مباشرة.

يشهد الرصيف الأخرس على الصفقات التي تتم في ضوء الشمس، لبيع وشراء شتى الطيور وبعض الحيوانات. بين باعة ومشترين من أبناء الطبقة الفقيرة أو المتوسطة. أما الأثرياء فلهم اهتمامات أخرى تتعدى العصافير وتغريدها. ليس معروفاً متى دجن الإنسان الطيور. أو الأصح حفنة من أنواعها المتعددة، فكثير منها بقيت مخلصة لوحشيتها، تتمرد على "الخم" والأقفاص.

من أين تأتي كل هذه الطيور غير المدجنة التي تعرض في السوق: بعضها محلي، من أصول ومنابت مختلفة، وبعضها مستورد. غير أنها جميعا اصطيدت بواسطة الافخاخ والشراك.

تشتهر في العراق قصة ذات مغزى: تمكن احد الصيادين من تدجين طير وحشي من طيور الماء، ولاحظ هذا الصياد مستغرباً إن الطير أخذ يطير صوب الهور المجاور ويغيب قليلا ثم يعود جاراً وراءه سرباً من أبناء جنسه من طيور الماء لتقع فريسة وصيداً سهلاً بيد سيده الصياد. سُرّ الصياد بهذا الطير ذي الفائدة العظيمة.

سمع بقصة هذا الطير الغريب أحد حكماء وشيوخ القرية، فعرض على الصياد أن يشتريه مقابل مبلغ مغر. وهكذا كان.

جمع الشيخ الحكيم أهل القرية وذبح الطير أمامهم وسط دهشتهم البالغة، وقال "إن مثل هذا الفعل الدنيء والخيانة الكبرى التي يقوم بها هذا الطائر بجلبه أبناء جنسه للسقوط في شباك الصياد مايجعله قاتلا لأبناء جنسه، لا يمكن أن تعالج إلا بهذه الطريقة". وحرّم الشيخ الحكيم أكل لحم هذا الطير لئلا ينقل طبع خيانته لمن يأكله.

ما زالت في السوق طيور تغرد.. وباعة ومتسوقون مع اقتراب شمس اليوم من المغيب.

باعة ومتسوقون في سوق الطيور
 
26-Jun-2008
 
العدد 32