العدد 31 - حتى باب الدار
 

(1)

تبدلات في الدورة النفسية

تُنسَب الحكومات في الأردن الى رئيسها، وليس الى مجموع وزرائها ولا الى نهجها وسياستها أو الزمن الذي تشكلت فيه. فنقول على سبيل المثال: حكومة الذهبي مثلما قلنا قبل ذلك حكومة البخيت وحكومة الروابدة أو حكومات مضر بدران او زيد الرفاعي وغيرهم. يحدث أحيانا أن يتغير أغلب وزراء حكومة من الحكومات في تعديل أو أكثر، لكنها تبقى تنتسب الى رئيسها، مثلما يحصل في أحيان أخرى أن يستمر اغلب الوزراء ويغادر رئيسهم لكنهم ينتقلون في الانتساب الى الرئيس الجديد.

صحيح أن عُمر الحكومة الأردنية الواحدة قصير، لكن أغلب رؤساء الوزارات في الماضي تمكنوا من تشكيل أكثر من حكومة لكل منهم، مما كان يعني أن احدهم إذا اكتشف أن هناك أشياء بقيت في نفسه ولم يتمكن منها أو من تنفيذها في حكومته الأولى، فإن بمقدوره القيام بذلك في حكومة لاحقة.

إن تغيير الحكومات السريع هو ديناميكية أردنية خاصة، فيها قدر كبير من الاستجابة للدورة النفسية الشعبية على الصعيد السياسي الداخلي، التي أصبحت مدتها التقليدية حوالي السنة قد تزيد او تنقص قليلاً. قد يجادل أحد أن هذا التغيير السريع هو الذي حدد مدة هذه الدورة وليس العكس، لكن ذلك لا يغير شيئاً من جوهر الفكرة التي تدور حولها هذه السطور.

الملاحظ في العقد الأخير أن ظاهرة الرئيس متعدد الحكومات قد تلاشت، ويندر عند التشكيلات الأخيرة أن تطرح أسماء من الرؤساء السابقين، وأغلب الظن أننا دخلنا في مرحلة من التغيير الرئيسي في الأساس الذي تتكون منه الدورة النفسية/ السياسية الأردنية، فبدلاً من أن تكون مبنية على أساس المدة، أي سنة واحدة لكل رئيس، قابلة للتكرار أو للتجديد بين فترة واخرى، فإن الدورة الجديدة مبنية على أساس الشخص الواحد، بمعنى أن الرئيس الواحد يأخذ حصته مرة واحدة، على أن يكون التنافس بين الرؤساء على أساس طول مدة دورته النفسية وليس عدد تلك الدورات.

فضيلة مثل هذا التحول، أنه يريح الذاكرة الشعبية.

(2)

الطاقم الجيد "طقم" جيد

دلالات كلمة «طاقم» أكثر أبهة ورفعة من دلالات كلمة «طقم»، (مع أن هذه الأخيرة هي الكلمة الفصيحة فيما كلمة «طاقم» هي كلمة عامية رغم ادعائها الفصاحة) ونحن عادة نقول: الطاقم الحكومي أو طاقم القيادة أو طاقم الطائرة... وغير ذلك من المعاني العالية والرفيعة.

بالمقابل تقتصر المعاني الايجابية لكلمة «طقم» على استخداماتها غير البشرية وفي المعاجم، حيث تعني «المجموعة المتكاملة من الأدوات» كالملاعق والسكاكين. لكن استخداماتها البشرية لا تحمل الدلالات نفسها، فنحن قد نقول عن جماعة ما أنهم «من الطقم نفسه» أو «كلهم طقم واحد» كما قد يتبرم تاجر فيقول «جاءني اليوم طقم زبائن، يا لطيف!» ... الى آخره من استخدامات غير ودية.

فقط في حالة الحديث عن النساء، فإن لكلمة «طقم» معان إيجابية، إذ قد يقول أحدنا مبتهجا: «رأيت اليوم طقم ستات ما شاء الله».

الغريب ان الحكومات التي تحرص على أن يكون اعضاؤها «طاقماً»، لا تضم الا مجموعة من « الطقم» نفسه، أي الطاقم الوزراي الجيد يقوم بدوره كما لو أنه «طقم واحد»، وهو المعنى الفعلي لعبارة «روح الفريق».

أطالب بعودة الاعتبار الى كلمة «طقم» والى استخداماتها الايجابية وحينها سيكون عندنا «طقم حكومي ما شاء الله».

رؤساء الوزارات ووزراؤهم: مداخل سيكولوجية
 
19-Jun-2008
 
العدد 31