العدد 31 - ثقافي
 

مراجعة:ديفيد م كرين*

"من الثابت الآن في أذهان كثير من المسلمين في أرجاء الكرة الأرضية، أنه، في القرن الحادي والعشرين، تعتبر المطامع الاستعمارية الرئيسية للولايات المتحدة غزوا للأراضي الإسلامية المقدسة، والأمم الإسلامية وتدميرا لقيمها وتقاليدها.(ص 9) بمثل هذه التأكيدات الجريئة في مقدمة كتابه، يجذب المؤلف اهتمام القارئ. هنالك حاجة إلى كتاب يناقش ويدرس ويراجع القانون الإسلامي والإرهاب، وبخاصة من جانب الغرب، فكثير مما يزعم عن "صدام الحضارات" يمكن رده إلى عدم الثقة الناجم عن عدم الفهم. وعلى الشرق والغرب أن يتوقفا عن المدافعة ودراسة السبب ،في ما يبدو من وجود لصدام من نوع ما. وفي كثير من الأذهان، فإن فهم الغرب هو حجر الزاوية اللازم لبناء علاقة جديدة مع العالم الإسلامي، وكذلك لمكافحة الإرهاب. إن هذا النموذج الجديد للإرهاب سوف يفوز، ليس في ساحة القتال، بل بكسب معركة الأفكار من خلال الفهم والمعرفة. ولا يمكن للمرء أن يقول ببساطة "ألا نستطيع نحن جميعا الاستمرار؟".

"ممارسات الدولة الإسلامية، القانون الدولي وخطر الإرهاب"، هو مجرد بداية، ولكنه ليس العمل الحاسم حول هذا الموضوع. كتاب جافيد رحمن يدرس هذا النقاش، وكذلك كيفية مواجهة حكم القانون للنموذج الجديد للحرب على الإرهاب، والتخصص البارد والمحايد هو الذي سيجسر الفجوة الموجودة في "الصدام". لكن هذا ليس الكتاب المنتظر، بل هو عمل خفيف مع بعض التبصرات الأكاديمية. ومن سوء الحظ بالنسبة للقارئ متفتح الذهن، أنه سوف يستمتع بالنقاش الذي يستحضره عنوان الكتاب والموضوعة الأساسية فيه، غير أن المرء سيخرج بإحساس بأنه ليس كتابا تبدأ به لكسب معرفة بهذه القضايا الحساسة، فهو يبدو لهم صعبا في مواضع ضعيفة الصياغة وناقصة التحرير. وعلى أي حال، فإنها البداية، وعلى المرء أن يحيي المؤلف على هذا الجهد. ولكن هنالك الكثير مما يجب عمله، لدراسة الربط بين ممارسات الدولة والقانون والحرب الجديدة على الإرهاب، وبخاصة حين تتأمل عبارة "صدام الحضارات" في ضوء هذا النموذج الجديد الذي أصبح يعادل، بل يناقض الغرب. وعلى الرغم من غياب التعليق الافتتاحي، وقلة المقتطفات، فإن المنهج العام للمؤلف صحيح.

لقد أعجبت عموما بالتنظيم الذي يتمتع به، فهو نظم أفكاري ووضع منهجا تحليليا محتملا لمزيد من الدراسة. وكانت الفصول الثلاثة الأولى ذات أهمية خاصة، حيث أنها حاولت أن تقدم للقارئ نظرة مستقبلية من وجهة نظر إسلامية. وبما يتعلق بالفصل الأول، فإن تأملات المؤلف النافذة حول التفسير الإسلامي للقانون الدولي كانت مفيدة لهذا المختص ذي التفكير الغربي؛ كما أنني وجدته معيناً ووجدت نقاشاً حول أثر الإمبريالية الأوروبية، وكيف ينظر المسلمون اليوم إلى عالمهم. إضافة إلى ذلك، ففي الفصل الثاني، يتناول المؤلف وفي صورة جيدة، مفهوم الجهاد في علاقته بالعنف، واستخدام القوة، والتحدي العام للإرهاب الدولي. ففي كثير من الأذهان، هذا واحد من مفاتيح الإسهام المستقبلي للكتاب بما يتعلق بالاختصاص في هذا الحقل. قدم المؤلف بعض الآراء المهمة جداً في فصله الختامي أيضا، ما يوضح أنه على مر التاريخ، حتى الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001 وما بعده، فإن القانون الإسلامي يدعو لحكم القانون، وبخاصة القانون الدولي، وهذه فكرة، من المحزن أنها مفقودة في الغرب المحصور بين عواطف الأزمان.

إن التأملات النافذة القليلة التي خرجت بها بعد قراءتي للكتاب – مثلا، أن الاختلالات الاقتصادية والسياسية في النظام العالمي الجديد هي التي تغذت على الشعور بالتهميش لما كان يوما حضارة عظيمة، خلقت صداما محتملا- جعلني أرغب في تناول مستقبل هذه المنطقة. غير أن هذا الكتاب لم يساعدني على فهم كيف أن عادات وتقاليد وقانونا يمتد قرونا، قد أثر على نهج الدول الإسلامية في العمل مع الغرب والحرب على الإرهاب اليوم. وهكذا فإن على المرء أن ينظر إلى الببليوغرافيا الممتازة للأعمال الأخرى التي يمكن أن تساعد على فهم هذه التأثيرات المهمة.

هذا كتاب يستحق التقدير وهو خطوة في الاتجاه الصحيح. وثمة حاجة إلى مزيد من الحوار والدرس قبل أن يفهم الغرب الشرق. فمنذ قرون، استعاد البابا يوليوس الثالث أعباء وظيفته بهذه الكلمات: "أتعلم، يا بني، بأي قدر قليل من الفهم يحكم هذا العالم؟".

*كلية الحقوق، جامعة سيراكيوز، نيويورك

* بالتعاون مع:

المجلة الدولية لدراسات الشرق الأوسط

International Journal of Middle East Studies

انهماك شرقي وغربي في المدافعة بدل فهم أسباب “الصدام”
 
19-Jun-2008
 
العدد 31