العدد 31 - اقتصادي
 

السجل-خاص

عادت ثنائية السياسة المالية "عجز الموازنة والدين العام" تسبب الصداع من جديد لمهندسي المالية العامة في الحكومة ولكن هذة المرة مبكرة قليلا.

فما ان انتهت الحكومة من تنفيذ عملية شراء الدين المبكر "صفقة نادي باريس" حتى عاد اجمالي الدين للارتفاع من جديد، لكن هذه المرة من بوابة الاستدانه الداخلية والتي جاءت بهدف تغطية نفقات طرأت في الشهور الاولى من العام، في الوقت الذي تراجع الدين الخارجي بمقدار قيمة صفقة نادي باريس عاد الى الارتفاع بسبب تغير اسعار الصرف مقابل الدولار البالغة 2.1 مليار دولار.

وهذا ما يطرح تساؤلاً...هل سيعيد الاقتراض الداخلي الدين العام إلى المربع الأول بعد تنفيذ صفقة نادي باريس ؟!.

احدث البيانات الصادرة عن وزارة المالية، تقول إن الدين العام بلغ مطلع نيسان الماضي 7.73 مليار دينار منخفضا بنسبة 5.7 بالمئة عن مستواه نهاية العام الماضي والبالغ انذاك 8.2 مليار دينار.

وبذلك انخفض الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي الى 60.27 بالمئة نهاية الربع الاول من العام الحالي فيما كان 73 بالمئة نهاية العام الماضي وانخفض نصيب الفرد من الدين العام من 1433 دينارا نهاية العام الماضي الى 1344 دينارا نهاية الربع الاول من العام الحالي.

ولا يفاضل استاذ الاقتصاد الكلي في جامعة الحسين بن طلال فؤاد كريشان بين نوعي الدين /داخلي- خارجي/ بالنظر الى ان الدين بشكل عام هو أحد الظواهر السلبية في اي اقتصاد الا أنه يدعو الى سياسات تقشفية على صعيد المالية العامة وضبط العجز في الموازنة المسبب للاستدانه خاصة بعد تخفيف عبء الدعم في الموازنة الذي بقي في مستويات متدنية بعد تحرير اسعار المشتقات النفطية.

وتوقع كريشان آثارا ايجابية لصفقة شراء الدين المبكر لتخفيف عبء الاقساط والفوائد على المالية العامة التي تقدر بحوالي 200 مليون دولار سنويا الا انة المح الى ان تغير سعر الصرف سيبقى لاعبا رئيسا في مجال تحديد قيمة الدين الخارجي.

واقع الدين الخارجي بعد صفقة نادي باريس

بلغ الدين الخارجي نهاية الربع الاول من العام الحالي 3.78 مليار دينار فيما كان 5.25 مليار دينار نهاية العام الماضي بنسبة انخفاض بلغت 28 بالمئة.

عملية إعادة شراء الدين التي قامت بها الحكومة بتاريخ 31 اذار الماضي مع دول نادي باريس العشر نفذت بسعر خصم بلغ حوالي 11 بالمئة من القيمة الاسمية للدين المعاد شراؤه البالغ 2362.6 مليون دولار, اي تم توفير ما مقداره 260 مليون دولار من اصل الدين وتم تخفيض الرصيد القائم للدين الخارجي من 7698.7 مليون دولار الى 5336.1 مليون دولار وخفضت خدمة الدين من الأقساط والفوائد المستحقة خلال السنوات الاربع عشرة المقبلة بمعدل سنوي 172 مليون دولار أقساطا وحوالي 65 مليون دولار فوائد, وبالتالي تخفيف العبء على الموازنة العامة بحوالي 237 مليون دولار سنويا ولـ14 سنة مقبلة.

وبما ان عملات اليورو والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري تشكل حوالي 75 بالمئة من الدين المعاد شراؤه، فإن ذلك سوف يؤدي الى تخفيف المخاطر الناتجة عن تقلبات اسعار صرف هذه العملات على الدين الخارجي.

وستخفف العملية من المخاطر الناتجة عن تقلبات اسعار الفائدة على خدمة الدين الخارجي حيث ان حوالي 79 بالمئة من الدين المعاد شراؤه ذو فائدة متغيرة.

سعر الصرف

وبقي التغير في اسعار صرف العملات الرئيسية مبررا اساسيا لارتفاع الدين الخارجي حيث زاد هذا السبب من قيمة رصيد الدين الخارجي 310 ملايين دولار امريكي او حوالي 220 مليون دينار في الربع الاول من العام الحالي عنه نهاية العام الماضي.

الدين الداخلي

وعلى العكس وصل الدين العام الداخلي نهاية اذار الماضي الى 3.9 مليار دينار فيما كان 2.9 مليار دينارنهاية العام الماضي بارتفاع بلغت نسبته 34بالمئة او 1000 مليون دينار.

الحكومة بررت زيادة الاقتراض المحلي بتغطية بنود الدعم التي برزت في الشهور الاولى من العام الحالي حيث تم تحرير اسعار المحروقات في فترة لاحقة وبقي الدعم لاصناف من المواد التموينية والغاز المنزلي ايضا.

ولا يرى الخبير المالي جمال أبو عبيد في زيادة الاستدانة والاقتراض من المصادر المحلية أي آثار سلبية على حجم السيولة بل على العكس فان حجم السيولة وإدارته في مستويات متميزة للغاية، الأمر الذي يعتقد آخرون بغيره (انظر تحليل السيولة في هذا العدد).

وأكد أبو عبيد على ان الاقتراض المحلي يلغي اثر التغير في سعر صرف العملات على المديونية اذ انه لو تم الاقتراض بعملات اخرى كاليورو والجنية الإسترليني والين لارتفعت قيمة هذة القروض فوق مستوياتها الطبيعية وقيمة القرض الأساسي نتيجة التغير في سعر الصرف وهو أمر غير موجود في الاقتراض المحلي مشيراً الى اثر الاقتراض المحلي في تعزيز بيئة الاستثمار والثقة بالقطاع المالي الاردني.

بالمجمل ادت تطورات المالية العامة في الربع الاول الى ان يبلغ الدين الخارجي مطلع نيسان 3.78 مليار دينار فيما كان 5.25 مليار دينار نهاية العام 2007 كما وصل الدين الداخلي الى 3.9 مليار دينار فيما كان 2.9 مليار دينار نهاية العام الماضي.

وزير المالية حمد الكساسبة وخلال لقائه رئيس وأعضاء اللجنة المالية في مجلس النواب 24 أيار الماضي قال «انه لو لم يتم تحرير اسعار المحروقات لوصل حجم الدعم في الموازنة الى أكثر من 1.3 مليار دينار».

الدين الداخلي ارتفع 1000 مليون دينار في ثلاثة أشهر، كما زاد الدين الخارجي 220 مليون دينار نتيجة تغير سعر الصرف...ترى ماذا كان حال الدين العام لو لم يتم تنفيذ «صفقة شراء ديون نادي باريس» ولو لم يتم «تحرير اسعار المحروقات»...؟.

ثنائية العجز والدين العام ثنائية العجز تربك مهندسي المالية العامة
 
19-Jun-2008
 
العدد 31