العدد 31 - اقتصادي
 

السجل - خاص

تفرض الوقائع الاقتصادية على المواطنين منحى جديداً من التكيف والسلوك الاستهلاكي والذي امتد من الترشيد في استهلاك الوقود الى التقنين في التسوق وصولاً الى القبول بوحدات سكنية بمساحات صغيرة لم يعتد عليها المواطن ولا العائلة الأردنية.

فها هي الشقق التي تقل مساحتها عن 120 مترا تلقى رواجا وطلبا في السوق الأردنية قل نظيره، اذ بيع منها نحو 2715 شقة في الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري، في الوقت الذي اعلنت فيه دائرة الاحصاءات العامة أن معدل التضخم للفترة ذاتها اقترب من نحو 13 بالمئة، وهو معدل التضخم الاعلى منذ نحو عقدين من الزمن.

ما يحدث يأتي استجابة لواقع ارتفاع اسعار البناء وتكاليفه العالية مؤخرا وبنسب وصلت الى نحو 300 بالمئة مما غير من توجهات العائلات الأردنية لتقبل بمساحة سكن اقل من السابق.

ولا يخفي المواطن ايمن سلمان رغبته في تملك بيت جيد المواصفات او شقة بمساحة«مريحة» باعتبار ذلك حلماً لطالما راوده...... الا أنه أكد أن الأسعار العالية باتت فوق قدرته المالية الامر الذي يضطره للقبول بـ«شقه العمر» بمساحة وان كانت صغيرة شريطة ان يكون سعرها رخيصاً وضمن نطاق قدرته التمويلية التي ترتبط بالحد الاعلى للقرض الذي سيلجأ لاستلافه من احد البنوك التجارية.

وبحسب بيانات رسمية فقد شهدت الشقق بمساحات تقل عن 150 م2 اقبالا كبيرا مؤخرا وجاء ذلك في مسعى لتقليل الكلف ما امكن بهدف تخفيف الكلف الاقتصادية.

وفي ذلك تقول بيانات دائرة الأراضي والمساحة إنه خلال الشهور الخمسة الاولى من العام الجاري فان المشتريات من الشقق التي تقل مساحاتها عن 150 مترا مربعا بلغ نحو 5691 شقة مقابل 4719 شقة للفترة ذاتها من العام الماضي أي ان المشتريات من هذه الشقق ارتفع بنسبة 21 بالمئة.

في المجمل بلغ عدد الشقق المباعة في الشهور الخمسة الاولى من العام الجاري 9501 شقة فيما كانت 7716 شقة للفترة ذاتها من العام الجاري وبنسبة زيادة بلغت نحو 23 بالمئة.

وبذلك، فإن 60 بالمئة من الشقق المباعة في المملكة خلال الشهور الخمسة الاولى من العام الجاري كانت من ذوات المساحة التي تقل عن 150 مترا مربعا.

ويرى مختصون وعاملون في قطاع العقارات والانشاءات الأردني ان اسعار الشقق في زيادة مستمرة نتيجة حزمة من الأسباب منها تنامي الطلب وارتفاع اسعار الاراضي وتلحقها الزيادات الطارئة على كلف المواد الإنشائية كأسعار الحديد والإسمنت وارتفاع أجور العمالة والوقود والنقل، وهو ما ادى الى صعود كلف البناء ، ما عدل من توجهات المواطنين صوب القبول بشقق ووحدات سكنية بمساحات اقل تكون ارخص في أسعارها من المساحات الكبيرة.

ويؤكد مستثمرون على ان تنامي الطلب على شراء شقق بمساحات صغيرة يدلل على وجود تعديل واضح في توجهات المواطنين للتملك واستجابة حقيقية لارتفاع اسعار المباني والشقق اضافة الى تزايد الطلب الإسكاني.

وعبّر رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان م. زهير العمري عن تفاؤلة بتعديل التوجهات من قبل المواطنين اذ ان هذا سيعدل من التوجهات لدى المستثمرين في بناء شقق بمساحات صغيرة، مما يلبي الاحتياجات المتزايدة اذ يمكن ومن خلال مساحة ارض صغيرة بناء عدد اكبر من الشقق بمساحات اصغر.

الا ان المستثمر غالب الجعفري يؤكد ان المواطنين يرغبون في اقتناء شقة معفاة بشكل تام من رسوم التسجيل التي تصل قيمتها الى نحو 10 بالمئة من قيمة العقار إذ إن الحكومة عدلت قبل نحو اكثر من عام من قيم هذة الإعفاءات وحصرتها في المساحات الصغيرة فقط، وهو أمر يغري المواطن للإقبال على هذة الشقق للاستفادة من الإعفاءات.

ويرى الجعفري في هذا النهج وتعميقه على المستوى الشعبي فوائد اقتصادية جمة على مستوى الاقتصاد الجزئي والكلي فذلك يخفف من حجم الإنفاق على مستوى الأسرة على الأقساط الإسكانية الشهرية انطلاقا من مسلمة مفادها «مساحة اقل اسعار ارخص» وعلى مستوى الاقتصاد الكلي بشكل عام فهذا يعني تقليل فاتورة الإنفاق على البناء وتلبية الاحتياجات الإسكانيةالمتنامية.

ويضع مدير شركة بيت العائلة للإسكان كمال العواملة الكرة في ملعب الشركات العقارية داعيا لبناء شقق بمساحات صغيرة تتواءم مع احتياجات الشرائح الاجتماعية الاقل دخلاً في المملكة، كما ان على المكاتب الهندسية وضع تصاميم تتفق مع توجهات المواطنين، وتستفيد ما أمكن من المساحات المتاحة من الأراضي والعقارات.

الأردنيون يتكيفون مع ارتفاع أسعار العقار
 
19-Jun-2008
 
العدد 31