العدد 5 - اقتصادي
 

تباينت آراء خبراء الاقتصاد حيال منظومة الرقابة على الشركات مع تنامي نشاطها وأعدادها. فبينما يطالب بعضهم بتوحيد مؤسسات الرقابة على الشركات المتعاملة بأموال المواطنين، يرى آخرون أن تعدد الجهات الرقابية يعزز نجاعة الرقابة عليها ويدعم هياكلها.

على أن خبراء الاقتصاد يجمعون على أهمية إلزام الشركات المتعاملة بأموال المواطنين بالإفصاح عن أوراقها ووسائل عملها تحاشياً لتكرار فضائح مؤسسات مالية ضخمة استنزفت مئات الملايين من الدنانير منذ عام 1989.

يأتي هذا السجال بعد رصد سلسلة تجاوزات لدى شركات متعاملة بأموال المواطنين، ما أدى إلى إفلاس عدد منها وضياع مدخرات العشرات من المستثمرين الصغار. ويستشهد أصحاب الدعوة إلى توحيد المرجعيات الرقابية بنمو سوق رأس المال وتنوعه خلال الأعوام الماضية.

وفي هذا الإطار، يوصي خبراء ماليون بضرورة التزام الشركات المتعاملة بمدخرات المواطنين وأموالهم بالإفصاح عن بياناتها المالية، استناداً إلى مبادئ الحاكمية المؤسسية، وتعزيزاً للرقابة على الإدارات من قبل الهيئات العامة بما ينسجم والتشريعات النافذة في ظل اختلاف أنواع الشركات من بنوك وشركات ووساطات مالية وعقارية وأعمال التأمين، وشركات أخرى مثل: شركات الصيرفة واستثمار أموال الأردنيين في الأسواق المالية الخارجية.

الجهات والآليات الرقابية تختلف بحسب نوع الشركة أو المؤسسة، فالرقابة على البنوك من قبل البنك المركزي تهدف إلى الحفاظ على أموال المودعين من خلال تعليمات تفصيلية تتعلق بأسلوب عمل البنوك، بينما لا تخضع الشركات المالية لرقابة جهة معينة، يل ترتبط بأحكام قانون الشركات ومراقب الشركات في وزارة الصناعة والتجارة، أما شركات الوساطة المالية، فهي تخضع لرقابة هيئة الأوراق المالية التي تراقب الملاءة المالية والقدرة على العمل وترخيص الوسطاء.

الشركات المساهمة

مساعد مراقب عام الشركات في وزارة الصناعة والتجارة محمد العماوي، أكد في تصريح لـ «السِّجل» أن القانون كَلّف «دائرة مراقبة الشركات» بمراقبة الشركات المساهمة بأنواعها، حيث يتوجب عليها تقديم بياناتها الختامية للسنة المالية ليتم فحص حساباتها وقيودها، وللتأكد من التزام الشركة بالغايات التي أسست من أجلها، ترسيخاً لمبدأ الشفافية وحق المساهم في الاطلاع على وثائق الشركة».

وأضاف أنه في حال «عدم التزام شركة بتقديم بياناتها الختامية فتفرض عليها عقوبات قانونية، تصل في بعض الأحيان إلى التصفية الإجبارية إذا ثبت وجود خلل في ميزانياتها»، وأشار إلى أن أكثر من 95%من الشركات المساهمة (العامة أو المحدودة أو الخاصة) ملتزمة بتقديم بياناتها الختامية، إلا أن بعض الشركات تتجاوز المدة القانونية المحددة بأربعة أشهر من السنة المالية للشركة. وهنا تقوم الدائرة بمخاطبة الشركة لتسريع تقديمها البيانات المطلوبة، وذكر أنه تم دمج وفسخ أكثر من 100 شركة مساهمة مسجلة.

الخبير الاقتصادي المالي الدكتور جمال أبو عبيد، أكد أن الدول تحرص على سن التشريعات ووضع الضوابط التي تحمي حقوق المواطنين، فمعظم الأموال العاملة في البنوك والمؤسسات المالية هي أموال المودعين، في حين لا تشكل أموال المساهمين سوى نسبة ضئيلة من حجم الأموال المتاحة لهذه البنوك والشركات ما يعني أن الرقابة على أعمالها مهمة وضرورية.

شركات الوساطة المالية

توجب المادة الثالثة من تعليمات الإفصاح في بورصة عمان الكشف فوراً عن المعلومات والبيانات التي ترد إليها ليظهر أثرها على أسعار الأوراق المالية وحركة التداول، وتتضمن المعلومات اسماء الجهات المصدرة للأوراق المالية المدرجة في البورصة، واسماء الجهات الموقوفة عن التداول، والبيانات اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية المتضمنة حركة التداول لكل شركة، والحركة القطاعية من حيث عدد الأسهم المتداولة وحجم التداول، وعدد العقود والأسعار والأرقام القياسية، والمؤشرات المالية الرئيسية، والبيانات المالية للأعضاء.

إن «لتوافر المعلومات وأخبار الشركات أثراً كبيراً في تحديد القرارات الاستثمارية في البورصة، لأنه يكشف عن قوة أسهم شركة ما، ويساهم أيضاً في تطبيق مبدأ الشفافية» حسبما يشييرالخبير المالي وجدي مخامرة، منبهاً في الوقت ذاته إلى ضعف القوانين وقصورها في معاقبة الشركات، حيث تقتصر النصوص على مخاطبة الشركة لإتمام عملية الإفصاح، خصوصاً أن غياب المعلومات والتكتم عليها، واقتصارها على بعض التسريبات من هيئة الأوراق المالية يضر بصغار المستثمرين.

واتفق الخبير الاقتصادي صبري الديسي مع ما جاء به مخامرة، موضحاً أن الإفصاح مطلب أساسي تفرضه القوانين التي تحكم التعامل في الأسواق المالية، وأن نشرها يشعر المستثمرين بالاطمئنان.

وهنا أكد أبو عبيد أن اهتمام الجهات الرقابية بأعمال الشركات المتعاملة بأموال المواطنين، يأتي في إطار الحرص على سلامة أوضاع هذه المؤسسات ومتانتها، وأشار إلى استمرار حالات التلاعب في المؤسسات مهما بلغ مستوى الحرفية في الأداء لدى المؤسسات الرقابية التي لن يكون باستطاعتها منع حصول المشاكل، وإنما التقليل منها وتقليص حدتها إن حدثت.

وفيما يرى أبو عبيد أن التشتت والاختلاف في التعليمات والقوانين موجود، ولكن ليس على نطاق واسع، يجد مخامرة أن التنوع في الجهات الرقابية يؤدي للتكامل، فالتعدد برأيه لا يعني تشتت أو اختلاف هيكل عمل هذه الجهات، بل يؤدي إلى تكامله حيث تقوم كل منها بتولي الإشراف على جهات معنية مختصة في حقول مالية مختلفة، ولكن التنسيق فيما بينها يعزز من كفاءة الرقابة.

الرقابة الموحدة على الشركات العامة بين مؤيد ومعارض – معاذ فريحات
 
06-Dec-2007
 
العدد 5