العدد 30 - رزنامه
 

السجل – خاص

يؤشر معرض "عن أريب" (أي: من قرب) للفنانة ألمى خصاونة، على تلك الرغبة العارمة في اختزال الأشياء للنظر إليها بعمق، وكأنما الفنانة تحاول إيجاد علاقة جديدة بين ما هو مادي ملموس (الأحجام)، وما هو معنوي (الرؤية).

يضمّ المعرض المقام على جاليري المركز الثقافي الفرنسي، لوحاتٍ أنجزت من خلال الكولاج وتخطيطات بالحبر الأسود تبدو للوهلة الأولى عادية وأحياناً مكرورة في تشكيلاتها، غير أن المدقق يلحظ ابتعاد الفنانة عن تنميط اللوحة من خلال تطعيمها بالعديد من الأشياء والمواد من مثل: الألمنيوم، الحديد، الخرز، قصاصات من الورق الملون، خشب أنابيب الهواء والأسلاك والصوف.. لتنجز لوحات ذات مقاسات صغيرة ينتشر على سطحها موتيفيمات يحتاج التدقيق فيها إلى منظار، وهو ما حسبت ألمى حسابه، فوضعت إلى جانب كل لوحة عدسة مكبرة. والمثير هنا هو ما يراه المتلقي بالنظر إلى مفردات اللوحة بعد تكبيرها، إذ يشعر أن كل واحدة منها تشكّل عالماً خاصاً له محمولاته ورموزه. فتبدو صفائح الألمنيوم والقصدير والحديد المركّبة الواحدة تلو الأخرى مدناً وعمارات؛ فيما تبدو حبات البرق والخرز كأنها أناس يتراكمون بعضهم فوق بعض يلفّهم ضجيج المدينة، ولعل ذلك ما تكشف عنه عناوين الأعمال التي تجاوزت الثلاثين عملاً: "نجوم الليل"، "خلية نحل"، "متاهة حمراء"، "ميكانيكي"، "فقاعات"، "لفة"، "الممر"، "سرير فوناجت"، "أم واحدة"، "شمس وأمواج"، "سمكة"، "نار وماء"، ، "مطل مدينة"، "دجاجة" و"وردة"..

وبموازاة لوحات الكولاج التي رُتّبت على طاولات صغيرة، ثمة لوحات معلقة على الجدران منجزة بالغواش والحبر على الورق. وتسبح في عمق اللون الذي اختارته الفنانة للشكل المجمل البارز في اللوحة، أشكالاً هندسية متناهية الصغر من دوائر ومربعات وخطوط مستقيمة متوازية ومتقاطعة.

وفي صالة العرض، ثمة فيديو بعنوان "تُمّ السمكة"، حيث تتوالى وجوه أصدقاء الفنانة الذين يحاولون تشكيل أفواههم لتصبح شبيهة بفم السمكة وكأنهم يصنعون لوحات من الكولاج بالتلاعب بتفاصيل وجوههم. وتلتقط الكاميرا الوجوه مـــن قــريب وبعيد وبطريقة تُظهرها أحياناً مشوهـــة وغريبة، فــي إشارة إلى مقدار التــلاعب بتجربــة يومية وإعادة إنتاجها فنياً.

تطرح الأعمال ما يمكن أن تحققه وجهات النظر المتباينة التي تبحث وتدقق في موضوع أو جزئية منه بما يخلق مساحة جديدة ويطلق العنان للمخيلة ويفتحها على آفاقها. وتبدو هذه الأعمال المعروضة جميعها وبالنظر إليها من الأعلى، أكثر صغراً ونحولاً، وكأنما هي مفردات للوحة أكبر حجماً، وهو ما يدفع للتساؤل عن أهمية التفاصيل في الواقع والوجود الإنساني.

ولدت ألمى في عمّان سنة 1978. درست العلوم البيئية في جامعة ميشيغن وحصلت في العام 2007 على شهادة الماجستير من جامعة رود آيلاند للتصميم في التربية الفنية المجتمعية. شاركت في ورشات عمل مثل صناعة الرسوم المتحركة والفيديو. لها مساهمات في معارض جماعية في التصوير والرسم والتركيب، وبالاشتراك مع فنانين أردنيين قامت المجموعة الثلاثيّة بصناعة عمل تركيبيّ بعنوان «تضاريس» في دارة الفنون في عام 2004. كما أن لها تجربة في صناعة الأفلام القصيرة ومنها فيلم صور متحركة بالمعجون بعنوان «جود» وفيديو قصير بعنوان «دوّار باريس في عمّان».

معرض “عن أريب” لألمى خصاونة: اختزال الحياة في اللوحة
 
12-Jun-2008
 
العدد 30