العدد 30 - استهلاكي
 

كل سبت، تتجه حليمة التي تسكن في الشونة الجنوبية إلى عمان لبيع منتجاتها من المعجنات في "سوق الأرض"، وتعود بربح معقول، تقول إنه ساعدها في اكتشاف معنى أن يكون لها استaقلالها المالي في دعم أسرتها وتغيير حياتها.

«سوق الأرض» سوق مفتوح يقوم على مساحة من الأرض قدمها مجانا الصندوق الأردني الهاشمي، لمجموعة من المزارعين والمنتجين الصغار لبيع منتجاتهم إلى المستهلكين. وبذلك فإنه يعتبر من بين أول التجارب المحلية لتنفيذ مبادئ التجارة العادلة، حيث يتم تمكين المنتجين والمزارعين من بيع منتجاتهم إلى المستهلكين من دون المرور بحلقات متعددة تضعف ربحهم وتزيد الأسعار.

لا يتجاوز ربح حليمة، السيدة الأربعينية والأم لثلاثة أطفال، في كل مرة تبيع منتجاتها في سوق الأرض، 20 دينارا، ولكنها تقول إن هذا القدر من النقود ساعدها في مصروف أسرتها ومساعدة زوجها الذي لا يتجاوز راتبه 120 دينارا يجنيها من العمل «سفرجيا» في أحد مطاعم عمان.

مسح نفقات ودخل الأسرة، الذي أجرته دائرة الإحصاءات العامة، يبين أن معدل دخل الفرد الأردني لا يتجاوز 1082 دينارا سنويا، أي 90 دينارا شهريا. انخفاض معدلات الدخل نسبة إلى الإنفاق، بخاصة وأن الفرد الأردني ينفق ما معدله 120 بالمئة من دخله، دفع العديد من السيدات إلى مساعدة أزواجهن في الحصول على دخل إضافي لأسرهن. التغير الذي حصل في القرى مؤشر على تغير مجتمعي حيث كان من «العيب» في السابق أن تعمل السيدة لمساعدة زوجها.

حليمة كانت تلقت منحة لتمويل مشروعها «الصغير» فضلا عن تدريب على الطبخ الصحي وطرق حفظ الأطعمة من قبل الصندوق الذي ينظم سوق الأرض في بيت البوادي في عبدون كل سبت. السيدة كانت تلقت أيضا تدريبا حول كيفية إدارة مشروع صغير لزراعة الدجاج، بوصفه جزءا من مشروع إسباني تم تنفيذه في مركز الأميرة بسمة للتنمية في منطقة الكفرين، وهي الآن «خبيرة» في إنتاج المعجنات والشطائر.

يشارك في سوق الأرض، الذي ينظم بالتعاون مع تحالف التجارة العادلة / الأردن، وبتمويل من برنامج سابق / الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، حوالي 35 مزارعاً من مناطق مختلفة من المملكة، حيث يوفر السوق تنوعا كبيرا في المنتجات الزراعية مثل الخضروات الطازجة، والفواكه، واللحوم، والبيض والجبنة، بالإضافة إلى زيت الزيتون والعسل واللبنة والمخللات وكل ما يتعلق بالمنتجات المنزلية، وحتى الصناعات اليدوية. معظم المنتجات تباع بأسعار أقل من أسعار السوق.

حليمة تؤكد أن دخلها الخاص هذا «أشعرني باستقلال كبير وأهمية أكثر في عائلتي، وبخاصة أنني أقوم باتخاذ القرارات المتعلقة بعملي بنفسي. وعندما توقف سوق الأرض مؤقتاً السنة الماضية، قمت بتسويق منتجاتي في الحي الذي أعيش به، والآن يوجد عندي العديد من الزبائن الذين يتعاملون معي بالإضافة إلى عملي في سوق الأرض».

ومن السيدات اللواتي تلقين دعما من الصندوق أم عبد الله، التي تقطن قرية باعج في المفرق. بعد أن تعلمت كيفية صنع اللبنة المنكهة بالزعتر والجوز، تتوجه أم عبد الله إلى سوق الأرض لبيع منتجاتها ومساعدة زوجها المتعطل عن العمل.

تقول أم عبد الله إن زوجها كان يمانع أي مساهمة لها في مصروف الأسرة، ولكنه «غير رأيه» بعد أن ساهم ذهابها إلى المراكز التنموية في تغيير نظرته إلى عمل المرأة ومساعدتها لأسرتها.

نائب المديرة التنفيذية للصندوق إيمان النمري ترى أن المراكز التنموية المنتشرة في المحافظات ساهمت في بناء جسور من الثقة مع المجتمعات المحلية. النمري تؤكد أن هؤلاء السيدات يساهمن في عملية التغيير المجتمعي إيجابا، وبخاصة في إزالة المعوقات الاجتماعية التي كانت تحد من قدرات كثيرات منهن في المساهمة بفعالية في تطوير مجتمعاتهن وتغيير حياة أسرهن.

يسهم السوق بحسب النمري، في تـقوية مفهوم التجارة العادلة، عبر توضيح المفاهيم المتعلقة بالتجارة العادلة من خلال توفير ظروف مناسبة للعمل تراعي المساواة والبيئة عبر إعطاء المزارعين والمنتجين الأدوات التي تساعدهم في تنفيذ مشاريعهم الصغيرة.

سوق الأرض: الربح للأسرة والإنصاف للمرأة
 
12-Jun-2008
 
العدد 30