العدد 30 - كتاب
 

الأردن بصدد تنفيذ مشروع السكة الخفيف بين عمان والزرقاء ينفذه ائتلاف كويتي اسباني بكلفة 236 مليون دينار، ترغب الوحدة الاستشارية للضمان الاجتماعي في الاستثمار ب 26% من المشروع، وبدعم من الحكومة بقيمة 63.3 مليون دينار تتوزع بين بنية تحتية واستملاك أراضي، كما تم إعفاء المستثمر من جميع الرسوم والضرائب ليصل هذا المشروع، من خلال 11 محطة، أكبر تجمعين سكانيين في المملكة.

أهمية المشروع تكمن في كونه موفر للطاقة التي أصبحت أسعارها لا تحتمل مع وصول النفط إلى أكثر من 140 دولار، وهبوط سعر الدولار الذي يرتبط به الدينار إلى أقل من نصف ما كان عليه في 2002. أيضاً تعتبر وسيلة النقل هذه من أقلل الوسائل خطراً على البيئة، وأكثرها كفاءة في استخدام الطاقة من أجل نقل أكبر عدد ممكن في بلد يستهلك قطاع النقل فيه 37% من حجم الفاتورة النفطية، كما أن التنقل بالقطار يعتبر من أكثر الوسائل أمناً وراحة للمسافر وسيكون له أثر كبير في نقل هذه التجربة إلى باقي المملكة لأهمية ربط الشمال بالوسط والجنوب، وبالتالي تشجيع التعليم والعمل والسياحة الداخلية بين محافطات المملكة دون إرهاق المسافر أو اضطراره للرحيل من القرية إلى المدينة أو من منطقة إلى أخرى، وبذلك فإن مثل هذه الشبكة ستوفر الكثير من الضغط على البنية التحيتة والموازنة الحكومية التي تفتقر لا الى مصادر الدخل بل الى المرونة في أوجه الإنفاق.

يشكل مثل هذا الاستثمار لأموال الضمان من الناحية الاقتصادية التنموية المحضة الاستخدام الأمثل لمدخرات عمال الأردن وهو بصراحة استثمار نحتاج إلى الكثير من مثله. غير أن صعوبة التحضير له، والمهارات الفنية التي يتطلبها، ونفتقر لمثلها لا لأننا لا نعلم بها بل لأننا صدرنا مواهبنا وأجرناها طلبا لحوالاتهم ووفوراتهم في الغربة لدعم ميزان مدفوعاتنا، وهو أيضا ما يجعلنا ننجرف خلف الاستثمارات العقارية البسيطة.

المطلوب أن تتحاشى الحكومة منح احتكارات حمائية لمنفذي المشروع وأن تستعيض الحقوق الحكرية بدعم مادي مباشر يعوض المستثمر عن الاحتكار. وأن لا تتوقف الحكومة عن منح التراخيص لمواصلات النقل الأخرى كالباصات والمراكب العمومية بين عمان والزرقاء من أجل تشجيع منفذ المشروع على الاستثمار. لماذا؟ لأن جميع الاحتكارات التي منحتها الحكومات السابقة أدت إلى تراجع التنمية لا تحفيزها. كما أن أحد الحكومات السابقة كانت قد التزمت بعدم منح أي احتكار جديد. كما أن من المعروف أن المحتكر الذي لا ينافسه احد يصاب بالكسل والخمول (مثله في ذلك مثل الموظف المعين بالواسطة أو الذي يترقى لأنه ابن فلان) ولا يقوم بعمله كما يجب ويرفع الأسعار ليحصد كل فائدة يجنيها المستهلك.

المفروض أن يكون هناك منافسة وأن تستمر المنافسة قبل وخلال وبعد المشروع. لقد ندمنا على كل احتكار حتى الآن وخسرنا مئات الملايين على مر السنين نتيجة تخلّف المحتكر دون مستويات الكفاءة والتنافسية المطلوبة؛ أرجو أن لا يعيد التاريخ نفسه. لذلك نرجو أن لا يكون ضيق الحال وازعا لمنح الاحتكارات فنبيع المستقبل من أجل تسيير الأمور الآن.

يوسف منصور: احتكار البنية التحتية
 
12-Jun-2008
 
العدد 30