العدد 29 - ثقافي
 

نهاد الجريري

مشكلة وسام أنه لا يجد ما يكفي من الجدران لتستوعب رسوماته. فهي رسومات غير عادية تبالغ في تصوير حجم الأشياء ،وترفض أن تظل حبيسة المعارض والغاليريات.

يقول وسام ذو الثلاثين عاما، إن الرسم على الورق لا يستهويه، فهو يبقى في النهاية رسماً. لكن الرسم على الجدار أو الغرافيتي "يعبر عن إحساس خاص يؤثر في المحيط العام."

بدايات وسام مع الغرافيتي كانت في جنوب إفريقيا حيث عاش فترة شبابه الأولى. ويذكر أن أول رسم خطه على جدران جوهانسبيرغ كان صورة شاب يخرج من رحم المدينة. وفي عمان يستذكر أن أول غرافيتي رسمه كان في خريف عام 2001، عندما أحسّ "باضطراب" بسبب تغيير التوقيت من الصيفي إلى الشتوي. على جدار مقابل مبنى بنك الإسكان رسم شخصية كاريكاتورية مضحكة "برأس كبير وجسم صغير"، بدت تائهة لا تدري في أي فصل هي: في الصيف أم الشتاء؟ .

ويتابع أنه ظل يمارس هوايته المفضلة ويرسم "خربشاته" على جدران غرفته؛ فيمحو "واجهة" ويعيد رسمها. ومنها انتقل إلى الجدار المحيط بالسطح؛ هناك، يصوّر أحاسيسه وينفث فيها الحياة فيعطيها وجهاً وجسماً ويطرح من خلالها "وجهة نظر" خاصة به.

وسام طور هذه الهواية حتى امتهنها، فكثيراً ما يطلب منه أصدقاؤه أن "يرسم" أسماء محلاتهم بطريقة ثلاثية الأبعاد، وأن يزيّن زاوية من زوايا المكان.

لكن "الجدران" في عمان على كثرتها تظل "عصيّة" على محبي هذا الفن. يروي همام طالب الثانوية في مدرسة البيادر أنه كثيرا ما يلاحقه عمّال البلدية أو أصحاب البيوت والمحلات التجارية ،الذين يعتبرون هذا الرسم "نوعا من التلوث البصري."

ياسمين طالبة التوجيهي في المدارس العربية النموذجية تلاحظ أن رسوم الغرافيتي "القليلة" التي تراها هنا وهناك "سرعان ما تختفي!" رغم أنها "تشعرها بالابتهاج"، وبخاصة مع "الألوان التي تضفي رونقا يكسر رتابة المكان" .

ياسمين، التي عاشت سنوات في بولندا، تلفت إلى أن الغرافيتي في الأردن لم يتطور بعد إلى مواضيع مميزة، كما هي حال الغرافيتي في الغرب، "فهي ما زالت قاصرة في مجملها على رسم الكلمات والأحرف الإنجليزية تحديداً." وهذا أمر متوقع بالنظر إلى تجربة رسامي الغرافيتي الأردنيين التي لم تتجاوز سبع سنوات. هؤلاء يتمنون لو تتاح لهم الفرصة ليعكسوا هوية المدينة بكل خلجاتها، وليساهموا في تجميلها بالطريقة التي يعرفون.

غرافيتي أردني: الفن في مدينة عصية الجدران
 
05-Jun-2008
 
العدد 29