العدد 29 - حريات
 

سامر خير أحمد

"أنا طالبة في قسم الحاسوب، طموحة ومثقفة، وأحلم بتأسيس شركة حاسوب خاصة، أرغب بالارتباط بشاب طموح يساعدني على تحقيق أحلامي". "أنا فتاة مرحة، أحب الوسيقى والرياضة، أرغب بالزواج من رجل ثري، يحمل جنسية أجنبية، وأفضّل أن يكون صاحب صوت جميل".

هذان نموذجان من إعلانات للبحث عن شريك، نشرتهما فتاتان أردنيتان على موقع "قران" المتخصص -مثل عدد كبير من المواقع الشبيهة- بتمكين الرجال والنساء من عرض "طلباتهم" للزواج، متضمنة مواصفاتهم، من حيث الشكل والثقافة والهوايات والأحلام.. إلخ، إلى جانب المواصفات المأمولة من الشريك المطلوب، كي يتمكنوا من الالتقاء، وبعدها يمكن أن يقيّموا بعضهم البعض، ويكملوا "مشروع الزواج"، بالطريقة والإجراءات المتعارف عليها اجتماعياً، أو لا يكملوه.

مواقع الإنترنت المتخصصة بالزواج، يمكن أن تتولى إرسال إشعارات لمشتركيها بتوافر "المواصفات المطلوبة" لدى شريك محتمل، من خلال البريد الإلكتروني. كما يمكن للشخص استعراض الصفحات التي يعرض فيها أشخاص من الجنس الآخر مواصفاتهم، ويكون متاحاً له اختيار من يراه مناسباً منهم، ومراسلته عبر الإنترنت، ما يتيح له من ثم التعرف إليه عن قرب.

وداد زكي (36 عاماً، غير متزوجة) اشتركت منذ ثلاث سنوات في أحد مواقع "الزواج" آملة الالتقاء بشريك حياتها، وقد تلقّت خلال هذه المدة عدداً من العروض من شباب اشتركوا بالخدمة نفسها، بعضهم كان جاداً، وبعضهم الآخر –كما تقول- لم يكن كذلك، لكن "الشريك المطلوب" لم يتوافر حتى الآن. تقول وداد إنها لجأت للإنترنت بعدما اقتنعت بأنها وصلت مرحلة تقلّصت فيها فرصتها بالزواج من شخص تحدد هي مواصفاته، فما بات ممكناً من خلال المجتمع، هو زوج يكبرها سناً بكثير، أو متزوج يبحث عن زوجة ثانية. وتضيف أنها وجدت أن البحث عن زوج من خلال الإنترنت لا يختلف أبداً عن مبدأ "الخاطبة" أو الالتقاء بشخص بالصدفة أو من خلال المناسبات الاجتماعية، لأن الرغبة بالزواج في حالات كهذه تتكون هي الأخرى، كما الإنترنت، من خلال انطباعات أوليّة، تتم بعدها دراسة الموضوع، والسؤال عن الطرف الآخر، ومن ثم الزواج أو عدمه. وداد، تشجّع الشباب على استخدام الإنترنت للبحث عن شريك، وتؤكد أن إمكانية الخداع، أو الالتقاء بشخص غير جاد بالزواج، همّه أن يتسلى، ليس مقصوراً على الإنترنت، فهذا ممكن بكل طرق الزواج الأخرى، لكنه في كل الأحوال سينكشف، ما يعني أن خطورة الخداع من خلال الإنترنت ليست استثنائية.

مأمون سعيفان (27 عاماً، غير متزوج) وضع هو الآخر مواصفات شريكته المطلوبة على أحد مواقع الإنترنت، لكنه يقول إنه عندما فعل ذلك، فإنه لم يكن يستهدف سوى خوض تجربة التعارف عبر الإنترنت، كأنه يستكشف مجهولاً أو محرّماً، همّه فقط أن يلتقي بفتاة، من دون أن يجزم بما قد تؤول إليه العلاقة. ويقول إنه تلقى «عروضاً» من بعض الفتيات حول الزواج منه، ولمس من بعضهن جدية في ذلك، لكنه ما زال متردداً تجاه الفكرة ذاتها، إذ إنه يفضّل الزواج من فتاة يلتقيها مباشرة، ويقع في حبّها!

بعض هذه المواقع يحمل الصفة الدينية، مثل موقع تابع لشبكة «الإسلام أون لاين» المقربة من الشيخ يوسف القرضاوي، ما يعني أن هذا الدور موافق عليه حتى من جهات محافظة، تبدو -في هذا الشأن- أكثر تقدمية من قطاعات واسعة في المجتمعات العربية، ومنها المجتمع الأردني، ما زالت تتخوف من هذه الطريقة، فلا تقبل الاستفادة من الإنترنت لحل المشكلات المتعلقة بالزواج، بما فيها «العنوسة»، رافضة إقبال عدد من الشباب والفتيات على استعمال ما يوفره الإنترنت من فضاء بديل يمكن أن يكون ملاذاً للباحثين عن الزواج. ويبرر الناس مواقفهم المتخوّفة بعدة أسباب، أبرزها التقاليد المحافظة، وعدم الطمأنينة لعلاقات تنشأ «عن بُعد»!

أكرم الصقر (42 عاماً، متزوج) يؤكد أنه يشجع على الزواج بأية طريقة ممكنة، ولا يمانع بالطرق المبتكرة للزواج، فكلها في النهاية تخدم المجتمع، لكنه لا يرى من داعٍ لفكرة الزواج من خلال مواقع التزويج الإلكترونية، قائلاً إن المجتمع لم يعدم الوسائل الأخرى التي يمكن من خلالها التعارف بين الشباب والفتيات مباشرة، التي تجعل –برأيه- فرص الزواج أفضل مقارنة بالإنترنت، فهذا الأخير يقدم مواصفات افتراضية، قد تكشف المشاهدة العيانية أنها غير صحيحة، وبالتالي لا يتم الزواج بعد أن يكون الأمل قد تولد لدى أحد الطرفين بأنه وجد شريكه.

أبو محمد (53 عاماً)، يرفض فكرة الزواج عبر مواقع الإنترنت من أساسها، ويؤكد أنه لن يوافق ولده، لو جاءه يوماً طالباً الزواج من فتاة تعرّف إليها بعد أن عرضت مواصفاتها على أحد مواقع الإنترنت. يؤكد أبو محمد، أن دافعه الأساسي لاتخاذ هذا الموقف، هو ما يتيحه الإنترنت من فرص للخداع، واصطياد الطرف الآخر من دون أن تكون لدى الشريك المحتمل تلك الأخلاق الواجب توافرها لتكوين أسرة صالحة.

إسلام أبو حية (33 عاماً، متزوج) يعتقد أن من غير اللائق قيام الفتاة بعرض نفسها عبر الإنترنت، فنحن –حسبما يقول- مجتمع محافظ، ومن عاداتنا التي تكرّم المرأة، أنه يُطلب منها عدم الإفصاح عن رغبتها في الزواج، بل انتظار الزوج حتى يدق بابها ويطلب يدها، وعندها تضع شروطها قبل أن توافق وأهلها على طلبه.

نداء جعفر (26 عاماً، متزوجة) ترى أن طريقة الزواج هذه لا تساعد المجتمع في شيء، فهي لن تسهم في حل مشكلة العنوسة مثلاً، وإن فعلت فإن مساهمتها لن تتعدى –بتقديرها- نسبة واحد بالمئة، ومن ثم فإن فرص التلاعب والخداع التي توفرها لأصحاب الأخلاق السيئة، تتسبب في ضرر يزيد أضعافاً على ما يمكن أن توفره من إيجابيات، أو مجالات أمام الفتيات لعدم الوقوع في العنوسة.

لـــلـــمـــشـــــاركـــــة وإبــــــداء الــــــرأي: www.al-sijjil.com

الانترنت فضاءٌ بديل لفُرص الزواج.. والمجتمع لا يقبله!
 
05-Jun-2008
 
العدد 29