العدد 28 - اقتصادي
 

السجل-خاص

عاودت أسعار بعض السلع والمواد الغذائية الارتفاع، في الوقت الذي أعلنت الحكومة فيه عن جملة من الإجراءات الهادفة لخفضها.

فبعد انخفاض شهدته أسعار جملة وافرة من السلع مؤخراً من بينها الخضار والفواكه، بدأت بعض الأصناف رحلة ارتفاع جديد في الأسعار لتطرح تساؤلاً حول التخفيضات الضريبية والجمركية وأين ذهبت.

منتصف الشهر الماضي قررت الحكومة حزمة من الإجراءات والتخفيضات على المواد الأساسية لتأمين الحماية الفورية للمواطنين من موجة الغلاء، فقررت إلغاء نسب الأرباح على المواد التي تبيعها المؤسسة الاستهلاكية العسكرية والمدنية لتباع بسعر الكلفة.

كما قررت زيادة المخزون الاستراتيجي من القمح، إرجاء خصخصة شركة الصوامع، فتح 22 سوقاً استهلاكية، تمديد قرار عدم تصدير بيض المائدة ثلاثة أشهر أخرى وتخفيض الرسوم الجمركية على بعض المواد الغذائية، وإخضاعها للضريبة العامة على المبيعات بنسبة صفر بالمئة لا سيما اللحوم، الأسماك المجمدة والطازجة، المعلبات كالسردين والتونة، ومنتجات الألبان القابلة للدهن، والأقمشة، والمنسوجات.

في الوقت ذاته بدا المواطن في الأيام الأولى لاتخاذ القرار بتلمس ثبات وتخفيض على أسعار بعض الأصناف، لكن المواطن بلال حسن، يرى أن الأسعار ترتفع ولا تنخفض، إذ إن زيادة الأجور لا توازي حجم الارتفاع في الأسعار.

ويدعم هذا الرأي تقرير مؤشر أسعار المستهلك الصادر عن دائرة الاحصاءات العامة الذي أفاد بأن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بنسبة 14.8 بالمئة.

في التفاصيل، ارتفعت أسعار الحبوب ومنتجاتها 25 بالمئة و اللحوم 8 بالمئة، والأسماك 11 بالمئة، والألبان والبيض 33 بالمئة، والزيوت 23 بالمئة والفواكه 27 بالمئة، والخضراوات 12 بالمئة، والشاي والبن 10 بالمئة.

ويؤكد نقيب تجار المواد الغذائية، خليل الحاج توفيق، أن الأسعار المحلية لكثير من الأصناف الغذائية ما تزال أقل من مستواها في بعض أسواق المنطقة، نتيجة توافر مخزون جيد منها وشراء التجار من بلاد المنشأ في أوقات كانت فيه الأسعار مقبولة.

يقول الحاج توفيق، إن الأسعار في بلد المنشأ لبعض الأصناف ترتفع بشكل كبير، فمنذ نهاية العام الماضي ارتفعت أسعار الأرز مثلاً بواقع 200 بالمئة لدى الدول المصدرة كالهند وفيتنام مثلاً، وهذا بالضرورة ينعكس على السعر المحلي بحسب الحاج توفيق.

كذلك، يساهم ارتفاع كلف النقل والشحن تبعاً للارتفاع في أسعار النفط العالمية في زيادة التكلفة محلياً لتحبط محاولات حكومية لضبط الأسعار.

يدعم الحاج توفيق وجهة نظره بالقول إن بيانات البنك المركزي حول الشيكات المرتجعه تؤكد ان قيمتها فاقت ربع بليون دينار في الشهرين الأولين من العام الجاري نتيجة ارتفاع الاسعار العالمية ونقص الطلب المحلي للإيفاء بتمويل عمليات شراء التجار من الخارج بأسعار مرتفعة.

ويشدد على أن مشكلة أسعار المواد الغذائية وارتفاعها هي بالأساس مشكلة عالمية ولا تقتصر على الأسعار المحلية، إذ تتغير الأسعار العالمية بشكل سريع ولحظي في البورصات.

حول أثر تخفيض الرسوم والضرائب على أسعار المواد محلياً، يؤكد الحاج توفيق أن الارتفاع العالمي للأسعار فاق حجم التخفيض في الضرائب والرسوم الجمركية، وبالتالي لا يشعر المواطن بأثر ملموس للتخفيض باستثناء الأصناف التي ثبتت أسعارها في البورصات العالمية.

وللخوض في تفاصيل أسباب الزيادة الكبيرة التي طرأت على أسعار المواد الغذائية حتى بعد إلغاء الضرائب والرسوم عليها، يرمي مدير عام مصنع زيوت «الغزالين» النباتية باسل الريماوي الكرة في ملعب الأسباب الخارجية التي لا يد للمصنعين والتجار المحليين فيها.

يقول الريماوي لـ«ے» أن الولايات المتحدة رفعت أسعار المواد الغذائية، كما أن ارتفاع أسعار النفط فوق مستوى 75 دولاراً تجعل من استخدام المواد الغذائية لاستخراج الايثانونل، والديزل الحيوي من القمح، والسكر، والذرة، والزيوت أمراً مجدياً اقتصادياً.

بحسب الريماوي، فإن مئات مصانع الزيوت النباتية في كثير من دول العالم أنتجت 100 مليون طن وقود حيوي من الزيوت النباتية، ما أحدث خللاً في السوق العالمية وغير الأولويات، من تلبية الاحتياجات الغذائية الى تلبية احتياجات أرباب العمل والمصانع.

يشير الريماوي إلى أن أسعار مدخلات الإنتاج الأخرى ارتفعت بشكل «خيالي»، فأسعار العبوات البلاستيكية المنتجة من مشتقات نفطية ارتفعت بالتزامن مع صعود أسعار النفط، كما أن أسعار الصفيح والحديد ارتفعت هي أيضاً بشكل كبير، وزادت أسعار الكرتون والنايلون والدهانات وكلف النقل...الخ.

ويوضح أن صعود أسعار النفط عن مستوى 100 دولاراً زاد اسعار الزيوت النباتية بنحو 40 ديناراً للطن، إضافة إلى ارتفاع الأسعار الأخرى كالصفيح والتي زادت أسعار المنتج النهائي 25 ديناراً للطن.

يقدر الريماوي قيمة الارتفاع في اسعار الزيوت النباتية منذ عام بنحو 100 بالمئة يضاف الى ذلك اثر الزيادة على أجور العاملين التي حملت المصانع عبئاً جديداً.

يدعو الريماوي إلى شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص للبحث في مشاكل الصناعات الغذائية التي تواجه منافسة من الدول المجاورة، التي تقل فيها اسعار المنتج الغذائي عنها محلياً نتيجة انخفاض أسعار الطاقة فيها عن مستوياتها في المملكة.

الباحث النفطي عبدالحي زلوم عنون أحد أبواب دراسة له حول سياسة تعويم اسعار النفط «زيادة أسعار البترول : غلاء وبلاء». وفيها يؤكد أن سعر البترول يؤثر على المنتجات الغذائية والصناعية والاستهلاكية كافة، إذ تحتاج المصانع الى 10 سعرات بترول لانتاج غذاء واحد، وهذه السعرات تذهب لإنتاج الأسمدة والمبيدات والمواصلات والمكننة.

يستند زلوم إلى الدراسات الدولية التي تؤكد أن إنتاج سيارة واحدة يتطلب 20 برميلاً من البترول، وانتاج طن واحد من النحاس يحتاج الى 17 برميل بترول.

يقول رب العائلة الأربعيني أبو سامر إنه يحاول الالتفاف على أثر ارتفاع أسعار المواد الغذائية بتخفيف حجم المشتريات وتقليص عدد الوجبات. ويضيف.. لا مفر من شراء المواد الغذائية حتى لو ارتفعت الاسعار، وسنبقى نحاول الالتفاف على المشكلة ريثما تنخفض الأسعار.

لكنه يتساءل: هل ستبقى الأسعار على هذا الحال طويلا؟ وهو أمر تؤكده المؤشرات على المستوى القريب والمتوسط وخطوات برميل النفط المتسارعة صوب سعر 150 دولاراً.

مؤشر الأسعار يواصل صعوده متجاهلاً الإجراءات الحكومية
 
29-May-2008
 
العدد 28