العدد 27 - أردني
 

أمام مكتب التسجيل في الجامعة الأردنية وقف طالب ينتمي لإحدى العشائر الأردنية متسائلاً عن اسم أستاذ في إحدى الكليات ومدى تعاطف ذلك الأستاذ مع أبناء عشيرته. لكن طالباً كان يقف على مقربة منه تطوع لطمأنته على أن الأستاذ المذكور يقوم بتوزيع العلامات على الطلبة بناء على انتمائهم العشائري.

تخرج الطالب بعد خمس سنوات بتقدير مقبول، فهذه الطريقة في الدراسة الجامعية لم تكن متيسرة له دائماً، وفي إحدى السنوات الجامعية لم يتمكن من العثور على أستاذ من العشيرة نفسها ليمنحه العلامات على الأسس التي يريدها، فيما لم يوافق أستاذ من أبناء عشيرته على منحه العلامات التي يريدها لأنه لا يؤمن بمثل هذه الطريقة أسلوباً للعمل الأكاديمي. وكانت النتيجة أن خسر الطالب سنة جامعية وهو يبحث عن أستاذ "عشائري" لم يوفق في إيجاده في تلك السنة الدراسية.

في ما بعد التحق الطالب بوظيفة رسمية، وهنا أيضاً لعبت العشائرية دوراً في الأمر، حيث ساهم أحد أقاربه المتنفذين في توفير الوظيفة له، إلا أن الإحساس لم يفارقه بأنه يحتاج إلى جهد كبير لإعادة ترميم ثقافته وتحصيله العلمي المتهالك.

مشهد الطالب ذاك، تكرر على مدار أربع سنوات أمضاها الطالب في الجامعة الأردنية، متنقلاً ما بين كليات علمية وكليات علوم إنسانية، ساعياً إلى تأمين علامات في مباحث بعيدة عن تخصص العلوم الذي يدرسه، من خلال أساتذة ينتمون إلى العشيرة نفسها، ممن يقبلون منح العلامات على أسس الانتماء التقليدي، وهو ما يشهد الآن، بعد سنوات من تخرجه أنه لم يكن أمراً سهلاً.

إلى ذلك، فإن ظاهرة توزيع العلامات على أساس عشائري تتم من خلال التحايل على الخطة الدراسية التي تمكن الطالب من دراسة أربع مواد حرة في أي من الحقول العلمية التي يرغب فيها، ما يمكن الطالب من تسجيل المواد مع أساتذة الجامعة من أبناء عشيرته، فيما تبقى خيارات الطالب في الكلية التي يدرس فيها، محصورة في الجهد الذي يبذله لتحصيل العلامات ومدى توافر شبكة من الصلات تمكنه من إيجاد مدرسين متعاطفين معه.

ظاهرة التعاطف ما بين الطالب والمدرس الجامعي تبقى محصورة في نطاق ضيق، فيما يقع العديد من الطلبة في فخ "العشائرية العلمية"، إن جاز التعبير، دون جدوى.

حالة الطالب المشار إليه ليست فردية، فالمشهد نفسه، يتكرر سنوياً في معظم الجامعات الأردنية العشرين، حيث يتم التسجيل لدراسة مادة ما بناء على الصلة العشائرية بين الطالب والأستاذ من خلال اقتناص فرصة وجود أستاذ جامعي من العشيرة نفسها لتأمين الحصول على علامات مرتفعة.

يزن، أحد خريجي كلية الحقوق في الجامعة الأردنية، توسط لدى أستاذ في كلية علمية ليمنحه علامة مرتفعة، ليتمكن الطالب من التخرج بعد سبع سنوات قضاها في الجامعة بمعدل مقبول على ما يستذكر الطالب. الأستاذ الجامعي في كلية الزراعة منح العلامة للطالب بعد إلحاح من أقاربه الذين طلبوا من الأستاذ أن يسهم في تخفيف العبء عنهم بحسب الطالب ذاته.

ويرى يزن أن مثل هذا الإجراء يتنافى مع أفكاره ومعتقداته، غير أن تقاليد اجتماعية وروابط أسريه دفعته لاتخاذ مثل هذا الموقف.

في المقابل، برر خالد، الأستاذ الجامعي، التعاطف مع الطلبة من أقاربه "ممن لا يجدون أي سند لهم في تعليمهم الأساسي"، كما يقول، ليكونوا مهيئين لتلقي التعليم الجامعي. ويقر الأستاذ بتوزيع العلامات على أساس عشائري مبررا ذلك بقوله إنه يسهم في تخرجه من الجامعة، "بعدين يدبر حاله".

علامات جامعية على أسس عشائرية!
 
22-May-2008
 
العدد 27