العدد 27 - أردني
 

السّجل - خاص

التصاق سمة "العجز" بميزانيات الجامعات الأردنية الرسمية، أي فقد التوازن بين حجم الإيرادات والنفقات المتوقعة، أصبح من البديهيات، فدائماً ما تكون الكفة لصالح الأخيرة بأنواعها المختلفة.

وقد تكون بادرة الحكومة بتسديد أقساط مديونية الجامعات وفق الآلية المتفق عليها بين الجامعة والجهة الدائنة، بشروط منها عدم كفالة الحكومة لأي من الجامعات وعدم اللجوء للديون، بداية لاتخاذ الجامعات وقفة مراجعة شاملة لجميع مسارب الإنفاق، وكذلك الأنظمة الضابطة لها من جهة، وتفعيل الجانب الاستثماري لهذه المؤسسات من خلال الاستغلال الكامل لإمكانياتها البشرية والمادية من جهة أخرى. ولعل الجامعة الأردنية، باعتبارها الجامعة ألام، تشكل حالة نموذجية للتعبير عن واقع الجامعات، ففي ظل المنافسة العالمية التي يفرضها عصر العولمة، على هذه المؤسسات الأكاديمية أن تكون على قدر هذا التحدي، والذي يقتضي رفع سوية التعليم نوعيا، وهو ما يتطلب رفع سوية البنية التحتية من مختبرات وأجهزة.

لفهم واقع موازنات الجامعات تبرز أهمية التعرف على واقع تلك الجامعات من ناحية مصادر التمويل؛ فهي مثلا تخلو من مصادر التمويل المتعلقة بالبحث العلمي، وحجم إيراداتها الاستثمارية ضئيل، ما يعني أن الرسوم الجامعية تبقى أكبر مصدر تمويلي لها، وهذا يعني أنه إذا ما أرادات الجامعة زيادة الموارد فلابد من زيادة الطلبة، ومثل هذه الخطوة تشكل عبئا على أعضاء هيئة التدريس مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية على المخرجات سواء في المدى القريب والبعيد.

في موازاة ذلك لابد من الوقوف على واقع الجامعات من ناحية جهات الإنفاق ودراستها، وهذا يذكر بتوصيات وردت في تقرير أصدره ديوان المحاسبة حول الجامعات الرسمية، فقد أشار ذلك التقرير إلى وجود حالات "سوء استغلال" للموارد، وعدم تفعيل أنظمة التحصيل، نشير بذلك إلى نفقات السيارات، والى الذمم المالية المتراكمة على المبتعثين والموفدين. وعند استعراض بنود أي موازنة جامعية نجد أن الرواتب والعلاوات تستحوذ على أكثر من ثلثي النفقات، فيما تشكل التعويضات والتأمينات عبئاً آخر على موازنات الجامعات، ما يتطلب إعادة النظر في التشريعات الناظمة، بما يكفل تحقيق العدالة بين العاملين في الجامعات من جانب، وتعزيز قدرتها المالية من جانب آخر.

مثل هذا الطرح ليس بجديد، إذ كان مجلس التعليم العالي طلب من مجلس الوزراء الموافقة على توحيد الأنظمة في الجامعات الأردنية فيما يختص بالعمر الذي تنتهي فيه خدمة الموظف المصنف، ليصبح عند سن الستين للذكور، ويجدد بعقود رسمية حتى سن الخامسة والستين، وللإناث عند سن الخامسة والخمسين يجدد سنويا بعقود رسمية حتى سن الستين.

تنسيب مجلس التعليم العالي، الذي لم يطرأ عليه جديد وما زال حبرا على ورق، يساعد الجامعات، وعلى المدى البعيد، في تلافي أزمة مالية، خصوصا إذا ما عرفنا أن الجامعات لا تطبق نظام الخدمة المدنية على موظفيها، إنما أنظمة وضعت في ظل ظروف كانت تقتضيها مرحلة التأسيس، في حين يترتب عليها ما يمكن تسميته "بخلل بسلم الرواتب" بين العاملين.

تخليص الجامعات من عجزها المالي يتطلب رؤية مستنيرة لواقعها، وسبل استغلال إمكانياتها المالية والبشرية لتساهم في رفدها بموارد مالية من شأنها تقليص الفجوة بين نفقاتها وإيراداتها.

عجز موازنات الجامعات: آن أوان التصحيح
 
22-May-2008
 
العدد 27