العدد 26 - أردني
 

السّجل - خاص

ووجه قرار استثناء المؤمّنين صحياً من تلقي العلاج في مركز الحسين للسرطان وتحويلهم إلى مستشفيات وزارة الصحة، والمستشفيات العسكرية ، بانتقادات حادة، وبخاصة من جانب مرضى السرطان أنفسهم، الذين نفذوا اعتصاماً أمام المركز احتجاجاa على القرار، الذي أبقى على علاج الأطفال في المركز، لعدم توافر خدمات لهم في مستشفيات أخرى.

التعليمات الجديدة أوجبت على المريض مراجعة وحدة إعفاء المرضى بنفسه «مهما كانت حالته الصحية»، واشترطت على المريض مراجعة دائرة الأراضي والمساحة لجلب كشف أملاك، واشترطت على المشمولين بالتأمينات الصحية العسكرية والمدنية، تلقي العلاج في مستشفيات وزارة الصحة.

الحكومة بررت الخطوة، بحسب وزير الصحة صلاح المواجدة، بالكلفة المرتفعة للإعفاءات السنوية: «كلفة الإعفاءات السنوية الصادرة عن وحدة شؤون المرضى التابعة للديوان الملكي بلغت 137 مليون دينار» كما قال في مؤتمر صحفي عقده حول هذا الشأن في العاشر من أيار الجاري.

ودافع المواجدة عن مستشفيات وزارة الصحة قائلا إن وزارة الصحة «تتمتع بقدرات تمكنها من إدارة الإعفاءات الصحية التي كانت تصدر عن وحدة شؤون المرضى». ونفى ما يتردد من أن الإعفاءات الطبية تذهب لمتنفذين بقوله: «لن تذهب الإعفاءات الطبية للمقتدرين الأغنياء».

وحاول المواجدة التخفيف من آثار الصدمة التي تلقاها المواطنون: «العمل جار على تأهيل مستشفى البشير لاستقبال مرضى السرطان بالتعاون مع مركز الحسين للسرطان، وستدرس الحكومة إمكانية تأسيس مراكز متخصصة بعلاج السرطان في شمال وجنوب المملكة مستقبلا».

وكان عشرات من المرضى وناشطون في حملة «لأ» من شبيبة الحزب الشيوعي الأردني نفذوا الأسبوع الماضي احتجاجاً أمام مركز الحسين للسرطان مطالبين بضرورة التراجع عن القرار الذي، بحسبهم، سيخلق مشكلات وأزمات، مشككين في قدرة وجهوزية مستشفيات وزارة الصحة لعلاج مرضى السرطان. واعتبر مواطنون أن القرار سيحرمهم من الاستفادة من الأجهزة، المتطورة والكوادر المتخصصة في المركز الذي افتتح في عام 1997 بكلفة 24 مليون دينار، كانت في قسم كبير منها تبرعات من أبناء الأردن والوطن العربي.

محمد فرج الناشط في حملة"لأ" التي تساوقت مع المواطنين في اعتراضهم، وأطلقت حملة (العلاج ليس للأغنياء فقط)، استغرب القرار الحكومي قائلا: "كنا نأمل بتوسع المركز وتفرعه في المحافظات الأردنية، ثم تأتي هذه الخطوة لتقصم ظهور المواطنين المنهكة أساساً".

يضيف فرج:»إذا كانت الحكومة تدعي أنها قادرة من خلال مستشفيات وزارة الصحة على استقبال الحالات، فلماذا أبقت على تلقي الأطفال المصابين بالسرطان في مركز الحسين، أعتقد أن هذا السؤال خير برهان على وجود نوع من المغامرة الحكومية في هذا الموضوع».

وأضاف أن الأيام المقبلة سوف تشهد تنظيم حملة جمع تواقيع لثني الحكومة عن قرارها، مشيرا إلى أن النية تتجه لتنفيذ مزيد من الاعتصامات بالتعاون مع المرضى والمتضررين.

الدكتور خالد زايد، اختصاصي الكلى في مستشفى الأمير حمزة، يقول: «غالبية المرضى يعتقدون أن مركز الحسين أكثر تطوراً من باقي المراكز ومستشفيات وزارة الصحة، وهم لا يعلمون أن معظم العاملين في هذا المركز هم من خريجي المستشفيات الحكومية والعسكرية، ويقدمون خدمات مميزة، أي كان موقع خدمتهم».

يواصل زايد: «المرضى تشكل لديهم انطباع بأن المركز الوحيد القادر على علاجهم هو مركز الحسين للسرطان، و لكن أجهزة الحكومة ككل ممتازة وإذا ما كانت الحالة تستدعي العلاج في مركز الحسين، أو إن لم نكن قادرين على ذلك فإننا نقوم بتحويلهم إلى المركز بكل سلاسة ودون أية عقبات».

إلا أن سعد أبو يوسف أحد المشاركين في الاعتصام كان له رأي آخر: «لقد جربنا مراراً، المستشفيات الحكومية، ونسمع كل يوم عن كم هائل من الأخطاء الطبية التي تقع في المستشفيات، ثم إن تلك المستشفيات تعاني أساسا من نقص في الكوادر ومن عبء كبير على كاهلها، فهل ستنجح حقاً في تحمل مسئولياتها؟».

تنص المادة 4 من قانون (مؤسسة الحسين للسرطان) رقم 7 لعام 1998 على أن «للمؤسسة في سبيل تحقيق أهدافها القيام بما يلي: إنشاء المراكز الخاصة بأمراض السرطان والقيام بالبحوث المتعلقة بها والإشراف عليها، وجمع التبرعات».

وجاء في المادة 16 من القانون ذاته: «لهيئة الأمناء منفردة أو بالتعاون مع آخرين إنشاء صندوق تأمين لمعالجة أمراض السرطان تحدد مساهمات المشتركين فيه وسائر الأمور المتعلقة به بمقتضى تعليمات تصدرها هيئة الأمناء لهذه الغاية».

بالتوازي مع ذلك يمنح القرار الجديد المركز فرصة لاستقبال مرضى جدد من الفئات المقتدرة ماليا والعرب والأجانب، الذين تصل نسبتهم من بين الذين يعالجون حاليا في المركز إلى حوالي 20بالمئة بحسب أرقام المركز.

يذكر أن عدد الإصابات بمرض السرطان في الأردن يبلغ زهاء 3500 حالة سنوياًُ بحسب السجل الوطني للسرطان، وتقدر موازنة وزارة الصحة بحوالي 240 مليون دينار تنفق ما نسبته حـوالـي 25بالمئة علـى الرعايـة الصحيـة الأوليـة.

الأجندة الوطنية التي خططت استراتيجياً للأردن في عام 2005 أوجزت في محور الصحة آليات النهوض بالقطاع فارتأت لمواجهة التحديات وجوب الأخذ بمبادرات لتطوير سياسات القطاع الصحي وتحسين إطار العمل المؤسسي، شمول كافة الأردنيين بالتامين الصحي من خلال إيجاد نظام تأمين صحي كفء، تحسين كفاءة التشغيل لنظام الرعاية الصحية العامة وتطبيق معايير الجودة.

في المحصلة باستطاعة 30 مستشفى حكومياً وثلثها من مستشفيات الخدمات الطبية المنتشرة من الرمثا إلى العقبة، تشخيص الإصابة بمرض السرطان، وإجراء العمليات الجراحية لمرضى السرطان، إلا أن العلاج الكيميائي يبقى محصوراً في مستشفيات (الحسين للسرطان، البشير، الملك المؤسس، الأميرة بسمة)، ما يثير تساؤلات عن مدى أهلية وفعالية القرار الحكومي الأخير في ظل قطاع صحي متأرجح بين نقص الكوادر وشح التجهيزات.

الصحة تعدل نظام معالجة مرضى السرطان ومواطنون يردون باعتصام
 
15-May-2008
 
العدد 26