العدد 26 - اقتصادي
 

جمانة غنيمات

بعد ثلاثة عقود وأكثر من الحديث عن مشروع جر مياه الديسي الى عمان، تعاقبت خلالها أكثر من عشرين حكومة، تأتي حكومة نادر الذهبي المحملة بالتحديات الاقتصادية لتخطو خطوات في طريق جعل المشروع واقعاً.

بدأ التفكير بجر مياه الديسي، لأول مرة، في أواسط السبعينيات من القرن الماضي، إذ تقدر كميات المياه الجوفية غير المتجددة التي يمكن استخراجها من الحوض، بنحو 142 مليون متر مكعب سنوياً لمدة مئة عام تتوزع على مساحة تزيد على 600 كم مربع، تمتد كجزء من حوض الجفر إلى وادي عربة.

أهم الإنجازات في هذا الملف القديم الجديد هو توفير مصادر التمويل، إذ تمكنت الحكومة بعد بحث طويل، من الاتفاق مع مؤسسة الاستثمار الخاص لما وراء البحار الأميركية OPIC ومؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي للحصول على قروض لتمويل المشروع في بلد يعتبر احد أفقر عشر دول مائياً.

ومن المشاكل الشائكة حول المشروع تحديد الجهة المنفذة له بعد اختلاف كبير على هذه النقطة. فتارة تتجه الأنظار الى الجيش وتارة أخرى الى الحكومة، حتى تم في عهد حكومة معروف البخيت إعلان فوز شركة «جاما» التركية بالمشروع وإحالته عليها، في حين تم في عهد حكومة نادر الذهبي الانتهاء من الإغلاق المالي والاتفاق النهائي مع الشركة للشروع في التنفيذ.

بحسب إدارة المشروع، فإنه سيورد 100 مليون متر مكعب من المياه الصالحة للشرب سنوياً إلى عمان على مدى مئة عام، بواقع 40 مليون متر مكعب إلى خزان أبو علندا الذي تبلغ سعته التخزينية 150 ألف متر مكعب، و الـ60 مليون متر مكعب المتبقية ستذهب إلى خزان دابوق الذي تبلغ سعته 250 ألف متر مكعب.

الرئيس التنفيذي لمؤسسة الاستثمار الخاص لما وراء البحار OPIC روبرت موزباكر يقول في تصريح خاص بـ"السّجل" إن مجلس إدارة المؤسسة وافق على منح الأردن قرضاً مقداره 250 مليون دولار خلال مدة تنفيذ المشروع.

مؤسسة الاستثمار الخاص لما وراء البحار (OPIC) هي هيئة تابعة للحكومة الأميركية، أنشئت عام 1971، إبان الحرب الباردة لخدمة الولايات المتحدة في توسيع انتشار افكار الاقتصاد الحر في دول العالم الثالث اذ شاع في ذلك الوقت اتجاهين الأول يدعو لخروج الحكومة من العمل العام والثاني لبسط سيطرتها عليه.

تهدف المؤسسة إلى مساعدة الشركات الأميركية على الاستثمار في الخارج وتهتم بتعزيز التنمية الاقتصادية في الأسواق الجديدة الواعدة وتلعب دوراً مكملاً للقطاع الخاص في إدارة المخاطر المصاحبة للاستثمار الأجنبي المباشر.

يبيّن موزباكر أن القرار النهائي سيتخذ قبل نهاية حزيران القادم، وهو الموعد الذي حددته الحكومة للشروع بتنفيذ المشروع. كما أن مؤسسة التمويل الدولية وافقت هي الأخرى على تقديم المبلغ نفسه لإتمام مشروع جر مياه الديسي إلى عمان الذي يستغرق تنفيذه أربع سنوات.

توفير مصادر التمويل تتطلب الشروع فوراً بتنفيذه، لا سيما وأن تكلفة التنفيذ ترتبط بعوامل خارجية منها ارتفاع أسعار الحديد، ما يفرض الانتهاء من المشروع قبل أن تطرأ عوامل جديدة تساهم بزيادة التكلفة. أدى الارتفاع العالمي لأسعار الحديد والطاقة إلى رفع شركة «جاما» لكلفة المشروع، من 622 مليون دينار إلى 702 مليون دينار، وستبلغ كلفة سعر المتر المكعب الواحد من المياه 87 قرشاً وربع القرش.

ويتضمن المشروع إنشاء محطة ضخ تعزيزية في أراضي الطنيب/ مادبا، على مساحة مقدارها 52 دونماً، بالإضافة إلى المباني التشغيلية وتوابعها من المباني الإدارية والتنظيمية.

ينفذ المشروع من قبل شركة «جاما» التركية التي بدأت المفاوضات في 21/10/2007، وانتهت في 7/4/2008 بتوقيع الاتفاقية.

تنفيذ المشروع، يتضمن حفر 55 بئراً في منطقة الديسي بعمق500 متر، إضافة إلى 120 كم خطوط تجميع ومحطات ضخ وخزانات تجميع، بناقل رئيس للمياه بطول 325 كم، وبقطر يتراوح بين 1600 و 1800 مليمتر، واستهلاك 250 ألف طن من الحديد.

توفر مياه الحوض فرصة استثمارية، فيما لو أحسن استغلال الحوض بالتعبئة والتسويق، لأمكن تأمين عوائد تقدر بـ 5.7 مليار دينار إذا بيع اللتر الواحد بعشرة قروش.

ايضاً يؤكد الحاجة لهذا المشروع تزايد النمو السكاني والضغط على مصادر المياه، والاستنزاف الهائل الذي بات يصيب أحواض المياه الجوفية في محيط مدينتي عمان والزرقاء التي وصلت الى مستويات لا يمكن استمرارها.

مشروع الديسي.. آن لأهالي عمان أن يتذوقوا مياهه
 
15-May-2008
 
العدد 26