العدد 26 - كتاب
 

«تجربة الاردن المائية أصبحت درساً يتعلم منه الباحث ما يجب ألا يفعل»، هذا ما قاله لي على عجالة خبير مياه دولي خلال لقاء الأسبوع الماضي، وحين أمطرته بوابل من الأسئلة قال: إذهب وابحث بنفسك، فالأرقام هناك لمن يريد أن يتعلم. بدأت بكتابات صديقي باتر وردم، وانتقلت الى انسايكلوبيديا المياه لأجد أن أرقامنا غريبة وخطيرة أيضاً.

المعروف أن الأردن واحد من أفقر عشر دول في العالم مائياً، إذ يستهلك الشخص الواحد أقل من 160 متراً مكعباً من الماء سنوياً، أي أن الأردن يحتاج مع فقره المائي الى ما يزيد على 900 مليون متر مكعب من الماء سنوياً. يتم استهلاك 74 بالمئة من المياه في قطاع الزراعة الذي يوظف أقل من 4 بالمئة من العمالة في الأردن، و1 بالمئة لتربية المواشي، و3.4 بالمئة للصناعة التي توظف ثلث العمالة تقريباً، و22 بالمئة للاستخدام البشري (الأرقام مدورة للسهولة).

لا تتعدى طاقة السدود الاستيعابية في الأردن 143 مليون متر مكعب، بينما يهطل على الأردن 8.43 كيلو متر مكعب من الماء سنوياً، إذ تتراوح نسب الهطول بين 50 ملم و 650 ملم سنوياً، ويهطل في 90 بالمئة من مناطق المملكة ما يقل عن 200 ملم.

ومع انحسار دعم الحكومة للمياه من 60 بالمئة في 1995 الى 35 بالمئة في 2005، ومع خطط ترشيد الاستهلاك، يدفع المواطن في المتوسط 1.5 دينار للمتر المكعب الواحد من مياه الشرب لسيارات الشحن، ومع حوادث تلوث المياه، أصبح في الأردن أكثر من 300 شركة خاصة تقوم بتنقية المياه وبيعها بأسعار لا تعتبر متماشية مع دخل المواطن، لا سيما وأن 90 بالمئة من الأسر لا يتعدى دخلها السنوي 6200 دينار حسب إحصائيات 2007.

هناك مشاريع لجذب المياه من حوض الديسي بدأ الحديث عنها منذ 1979، وما زلنا نبحث عمن يمولها، رغم توافر أموال التخاصية العام الماضي لتغطية كلفتها، غير أن المستفيد الأكبر منها بضع شركات زراعية. كما أن كلفة تطوير مشاريع مياه تمد الأردن بنحو 400-500 مليون متر مكعب من الماء، وكانت لا تزيد على نصف الدخل المتحقق من التخاصية. وهنالك مشروع قناة البحرين الذي سنبحث عن مصادر لتمويله إذا ما انتهت الدراسة ووافق عليها جميع الأطراف، وغيره. كما أن الهدر السنوي من الشبكة المائية فقط، الذي تحدثوا عنه ونظّروا له منذ منتصف التسعينيات يتجاوز 130 مليون متر مكعب سنوياً.

إذا كان هذا هو الوضع، أليس من الأحرى أن يكون جل إنفاقنا على بناء السدود، تطوير الديسي، وتحسين شبكة المياه؟ كلها مشاريع ستخلق فرص العمل، وتوظف أموال التخاصية لتحل مشكلة المياه، أهم مشاكلنا التي لم تصبح مدعاة للقلق بعد عند الكثير من الناس، ولكنها ستمد رأسها يوما ما وربما قريباً، وأرجو أن لا ننتظر أكثر لنفزع حين يحين الأوان فيكون الفأس قد وقع في الرأس.

يوسف منصور: أرقامنا حول المياه غريبة وخطيرة
 
15-May-2008
 
العدد 26