العدد 4 - اقتصادي
 

خطت معظم الدول العربية أولى خطواتها في درب العولمة الاقتصادية وتحرير التجارة في السنوات التي شكلت الرابط ما بين القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين، وكانت بذلك تقدم مؤشرا للانتقال من عصر اقتصادي تميز بسيطرة مركزية القطاع العام مع نسبة عالية من الفساد إلى بعد اقتصادي جديد اعتمد على تفكيك القطاع العام وفتح المجال أمام انتشار عقيدة السوق الحرة، وسيطرة القطاع الخاص ووكلاء الشركات الأجنبية، مع نسبة أخرى من الفساد الذي يرافق الخصخصة.

من بين الدول العربية التي كانت الأكثر سرعة في التحول الاقتصادي نحو العولمة تظهر الحالة الأردنية متميزة في الكثير من الخصائص. الأردن بلد فقير بالموارد الطبيعية، وبخاصة المياه والنفط والأراضي القابلة للزراعة، ويقع في جوار جغرافي ساخن ومتوتر ما بين الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، والاحتلال الأميركي الجديد للعراق. وقد واجه الأردن في العام 1989 أزمة اقتصادية حقيقية سببها التضخم وانخفاض قيمة الدينار الأردني وتسببت في رفع أسعار المشتقات النفطية وحدوث أزمات سياسية، وتسبب ذلك في دخول الأردن منذ العام 1991 وحتى العام 2004 في برنامج «الإصلاح الهيكلي» المدعوم من صندوق النقد الدولي الذي ساهم في النهاية في تحسين قيمة الموجودات المالية وتخفيض التضخم، ولكن على حساب القوة الاستهلاكية والمعيشية للمواطن. ورافق ذلك ارتفاع كلف المواد الأساسية وحدوث أزمات كبيرة في قطاع الطاقة كان آخرها نتيجة الحرب الأميركية على العراق، وتوقف إمدادات النفط العراقي الذي كان يباع إلى الأردن بأسعار أقل كثيراً من الأسعار العالمية الذي كانت نتيجته اضطرار الأردن إلى شراء النفط من السوق العالمي بدون خصائص تفضيلية. ولكن اندماج الاقتصاد الأردني في النظام الاقتصادي الدولي بدأ في العام 2000 من خلال الانضمام إلى منظمة التجارة الدولية كرابع دولة عربية، ومن ثم توقيع اتفاقية فريدة للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة في نهاية العام 2000 تعتبر الأولى أميركياً مع أية دولة عربية، والثالثة بعد اتفاقيات واشنطن مع المكسيك وكندا. وهذا ما جعل الاتفاقية هامة جدا في الأردن حيث أعتبرت مكافأة اقتصادية على دور سياسي هام في تثبيت أركان السلام الرسمي الهش شعبياً مع إسرائيل. وفي العام 2002 وقع الأردن على اتفاقية الشراكة الأوروبية-المتوسطية ليكون قد استكمل دمج بنيته الاقتصادية في الاقتصاد الدولي.

اتفاقية التجارة الحرة الأردنية-الأميركية:

من الجدير للانتباه أن اتفاقية التجارة الحرة الأردنية-الأميركية كانت هي الاتفاقية التجارية الأولى التي وقعتها الولايات المتحدة التي تضمنت نصوصاً عمالية وبيئية ضمن الاتفاقية. وكان السبب الرئيس في ذلك يعود إلى الأولويات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة. فقد بدأ التفاوض على الاتفاقية مع الإدارة الديمقراطية للرئيس كلينتون في بداية العام 1999 وكانت إدارة كلينتون تؤيد إدخال البعد البيئي في اتفاقيات التجارة، وعلى هذا الأساس تعاملت الإدارة مع اتفاقية التجارة الأردنية بوصفها نموذجاً، لما ترغب هذه الإدارة في تطبيقه على اتفاقيات التجارة الحرة اللاحقة وبخاصة اتفاقية ما بين الأميركيتين. وأصر الأميركيون على وجود بنود في الاتفاقية تتضمن عدم المساس بالتشريعات والمعايير العمالية والبيئية من أجل جذب الاستثمارات، وقد تم إنشاء لجان تفاوضية خاصة حول العمالة البيئة. وانتهى التفاوض على الاتفاقية مع نهاية عهد الإدارة الديمقراطية التي تركت خلفها نصاً لإقراره في الكونغرس. ولكن الإدارة الجمهورية الجديدة « غير الرفيقة بالبيئة والعمال» اعترضت على تضمين الاتفاقية لبنود بيئية وعمالية، وحاولت إزالتها من النص وإعادة التفاوض من جديد لكن قراراً سياسياً أميركياً من الكونغرس ساهم في إقرار الاتفاقية كما هي. وكان العديد من الصناعيين والاقتصاديين في الأردن أعربوا عن خشيتهم في أن تتسبب البنود البيئية في اتفاقية التجارة الحرة في تقييد وصول البضائع الأردنية إلى الأسواق الأميركية، كما كانت هناك خشية من سيادة المعايير العمالية الأميركية الصارمة على أنظمة العمالة في الأردن. ولكن الطريقة التي تم الاتفاق فيها على صيغة النصوص البيئية والعمالية المعتمدة على كلمات ومصطلحات غير مرتبطة بمعايير أداء ومؤشرات زمنية ورقمية لا تفرض على أي من البلدين اتخاذ إجراءات معينة من منطلقات بيئية وعمالية أكثر مما يتم تطبيقه في منظمة التجارة الدولية وفي البلد المعني بالتطبيق، وهذا يعني أنه في التطبيق الفعلي، فإن البنود البيئية والعمالية في الاتفاقية هي عبارة عن «التزامات ومعايير» أخلاقية أكثر من كونها ملزمة قانونياً للطرفين. وهذا ما ظهر واضحاً خلال التطبيق، وبخاصة في الجانب البيئي، حيث لم تقدم الولايات المتحدة أي دعم تقني أو مالي في المجالات البيئية إلى الأردن بموجب هذه الاتفاقية، واكتفت بإصدار بيانات تعقب اللقاءات التشاورية تتحدث عن «تعاون فني « في مجالات تفعيل القوانين والاشتراطات البيئية، ولكن بدون نتيجة على أرض الواقع. لقد كان دعم وكالة المساعدات الأميركية لوزارة البيئة في الأردن صفراً من الدولارات منذ العام 2000 مقابل تقديم الوكالة نفسها لدعم بعشرات الملايين في خصخصة مرافق إدارة مياه الشرب ومعالجة المياه العادمة ذات التأثير السياسي والاقصادي الهائل في الهيمنة على قطاع المياه الاستراتيجي في الأردن. أما في الجانب المتعلق بالعمالة، فقد ساهم نشاط المؤسسات العمالية الأميركية في العام 2006 في كشف حالات من انتهاك حقوق العمال في المناطق الصناعية المؤهلة تسببت في أزمة تجارية، وأضطرت بعدها الحكومة الأردنية والشركات المستثمرة في المناطق الصناعية إلى تطوير إجراءاتها الرقابية والالتزام الأفضل نسبياً بقوانين العمالة المحلية، وهذا ما سيرد ذكره بالتفصيل لاحقاً.

المناطق الصناعية المؤهلة:

بالنسبة لمؤيدي الاتفاقية الأردنية-الأميركية وبخاصة من السياسيين، فإن المؤشر على نجاح الاتفاقية يمكن تقديمه بالأرقام، حيث كان مجموع صادرات الأردن إلى الأسواق الأميركية عام 1999 هو 13 مليون دولار ليقفز عام 2005 إلى مليار دولار، وهي زيادة ضخمة بكل المقاييس جعلت من الولايات المتحدة الشريك التجاري الرئيس للأردن. وقد اعتمد نمو الصادرات الأردنية إلى الأسواق الأميركية على إنتاج المناطق الصناعية المؤهلة Qualified Industrial Zones حيث توجد في الأردن ثلاث عشرة من هذا النوع تم انشاؤها بعد توقيع اتفاقية السلام الأردنية-الإسرائيلية. يوجد في هذه المناطق (59) مصنعاً موزعة على (15) جنسية مختلفة، ويبلغ عدد المصانع ذات الجنسية الأردنية (9) مصانع، والإسرائيلية (4) مصانع، والبريطانية (11) مصنعاً، والباكستانية (8) مصانع، والأميركية (5) مصانع، والصينية (3) مصانع، والهندية (8) مصانع، والتركية (3) مصانع، ومصنع واحد لمستثمرين من كل من هونغ كونغ وهولندا وتايلاند وكوريا والإمارات وعمان وسنغافورة وسيرلانكا. وقدرت مصادر في وزارة الصناعة والتجارة الأردنية أن حوالي %90 من “الصادرات الأردنية” إلى الأسواق الأميركية ما بين الأعوام 2001 و 2004 قد تم من خلال هذه المناطق وليس من خلال بنود اتفاقية التجارة الحرة، ولكن هل هذه الصادرات هي أردنية بحق؟

تم تأسيس هذه المناطق الصناعية بموجب اتفاقية السلام الأردنية-الإسرائيلية، بوصفها احدى وسائل تحفيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، حيث يشترط وجود %9 من رأسمال الشركة المستثمرة من مدخلات إسرائيلية، وتكون المكافأة هي دخول المنتجات إلى السوق الأميركية مباشرة بدون جمارك. وكانت أكبر شركات النسيج الإسرائيلية ضمن الشركات الأولى التي أنشأت مصانعَ في المناطق الصناعية المؤهلة بمشاركة شركاء أردنيين، وتشكّل منتوجات هذه الشركات المشتركة حوالي ثلث الصادرات الأردنية من الأنسجة. بالنسبة للغالبية العظمى من الأردنيين غير المسيسين، فإن وجود نسبة رأسمال إسرائيلي أو عدمه في المناطق الصناعية ليست قضية جوهرية، ولا تثير انزعاجاً إلا لدى النخبة المسيسة والرافضة للتطبيع السياسي مع إسرائيل، لأن غالبية الناس تريد الوظائف. ولكن المشكلة أن الوظائف التي توفرها المناطق الصناعية المؤهلة ترتبط بالحد الأدنى من الأجور وهو 85 دينارا (حوالي 120 دولاراً) وأحياناً أقل وظروف عمل سيئة مما يجعل غالبية الأردنيين رافضين لهذه الوظائف ولا يقبلونها إلا في حالة الفقر المدقع. وهذا واضح في تركيبة العمال في المناطق الصناعية، حيث يعمل فيها، حسب إحصائيات وزارة العمل الأردنية، حوالي 28 ألف عامل غير أردني من دول آسيا من أصل 44 ألف عامل. هناك حوالي 8 آلاف فرصة عمل موجودة في المناطق الصناعية المؤهلة حسب الإحصائيات الرسمية ولكن الأردنيين غير مقبلين على التوجه إليها، مما يترك المجال أمام ازدياد عدد العمال المهاجرين الآسيويين في ظل الرواتب المتدنية، وظروف العمل السيئة، وعدم دفع الرواتب في وقتها المحدد. وتزيد الأمور صعوبة بالنسبة للنساء العاملات، إذ أشارت دراسة لمنظمة العمل الدولية إلى أن نسبة 2ر1 بالمائة منهن فقط يتقاضين أكثر من 160 دينارا شهرياً، وأنهن يواجهن التمييز، وعدم العدالة ولا أماكن مخصصة لهن للاستراحة كما إنهن مضطرات للتعايش في بيئة يصل عدد العمال الأجانب فيها إلى نسبة تتجاوز 85 بالمائة.

وبالنسبة لمعدل الأجور للعاملين في المناطق الصناعية والبالغ 85 ديناراً شهرياً مقابل عمل 72 ساعة في الأسبوع، فهو الحد الأدنى من الأجور الذي حددته الحكومة فيما تشير تقديرات رسمية إلى أن الأسرة العادية تحتاج إلى 156 ديناراً لتلبية الاحتياجات الأساسية والبقاء فوق خط الفقر.

وفي العام 2006 قررت الحكومة الأردنية رفع الحد الأدنى للأجور إلى 110 دنانير (155 دولاراً) شهرياً بعدما كان 55 ديناراً ولكنها استثنت في ذلك مستثمري المناطق الصناعية المؤهلة الذين واصلوا استخدام الحد الأدنى السابق بالرغم من استمرار تمتع هؤلاء المستثمرين بإعفاءات تامة من ضريبة الدخل والمبيعات.

تقييم الأداء:

إذا بدأنا بلغة مؤشرات الاقتصاد الليبرالي، فإن المناطق الصناعية المؤهلة تكون قد حققت للأردن نمواً هائلاً في مجال التجارة والتصدير. فقد جمع تقرير صدر عن منظمة التجارة العالمية في العام 2003 الكثير من المؤشرات الرقمية المرتبطة بالاقتصاد الكلي محاولاً تقديم مرافعة اقتصادية لمصلحة المناطق الصناعية. يشير تقرير منظمة التجارة العالمية إلى ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بالأردن من 8.1 مليار دولار عام 1999 إلى 9.9 مليار دولار عام 2003 بنسبة تغير %22.2. كذلك بلغت نسبة النمو السنوي فى الناتج المحلي الإجمالي 3.2% عام 2003 مقابل %3.1 عام 1999. وبلغ حجم التجارة السلعية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالى عام 1999 نحو %68.2 ارتفعت إلى %88.2 بنسبة زيادة %29.2 وارتفع إجمالي حجم تجارة الأردن من 5.5 مليار دولار إلى 8.7 مليار دولار بنسبة زيادة %57.4 بينما ارتفع إجمالي الصادرات من 1.8 مليار دولار إلى 3.1 مليار دولار بنسبة زيادة %68.2، وارتفع إجمالي الواردات فى الوقت نفسه من 3.7 مليار دولار إلى %5.7 مليار دولار بنسبة زيادة 52.1. ومن الواضح أن المناطق الصناعية المؤهلة تحقق أرباحاً هائلة من خلال التصدير المباشر للسوق الأميركي، وأن الغالبية العظمى من مجموع المنتجات الأردنية التي يتم تصديرها إلى السوق الأميركي تأتي من خلال المناطق الصناعية وتصل إلى حوالي مليار دينار سنوياً وهي معفية من كل ضرائب الدخل والمبيعات والرسوم كما هي أيضا مدخلات الإنتاج . وهذه الأرباح تذهب مباشرة إلى المستثمرين من الصين وكوريا والفيلبين وتايوان والباكستان وإسرائيل ولا تدخل في حسابات الاقتصاد الأردني، ولا يوجد في هذا المجال إلا الوظائف والخدمات التي تقدم لهذه المصانع ويمكن أن تدخل في حسابات الاقتصاد الأردني باستثناء ناتج المصانع الأردنية.

ومن المشاكل الرئيسة الأخرى غياب الأمن الوظيفي، حيث يمكن أن يتم إغلاق المصانع، كما حدث في الكثير من الحالات عندما يهرب المستثمر الأجنبي، وهذا ما يجعل العمال يفقدون وظائفهم وحقوقهم بدون تعويض من قبل الحكومة التي لا تمتلك شروطا قانونية تطبقها على المستثمر الذي يهرب بأمواله. أما فيما يتعلق بنوعية المنتجات في هذه المناطق التي تستفيد من مزايا اتفاقية التجارة الحرة، فإن معظم هذه الصادرات من المصنوعات النسيجية. ولا تعد هذه الصناعات من الصناعات عالية التصنيع أو الصناعات التي تتطلب عمليات تصنيع معقدة وقيمة مضافة عالية، لكن معظمها كانت صناعات نسيجية، وألبسة للأطفال. وهذا يعني أن هذه الصناعات لا تتمتع بقيمة مضافة عالية، وأن مستوى استفادة السوق الأردني منها لا يتعدي العمالة بوضعها المتردي والنقل.

ومن أصل 59 شركة اشتركت بشكل فعلي في المناطق الصناعية، هناك فقط 9 شركات أردنية. لقد كانت أكثرية تلك الشركات من دول آسيا الشرقية وبخاصة الصينية التي تمركزت في الأردن لفترة مؤقتة، وذلك من أجل أن تصدر إلى الولايات المتحدة من دون رسوم. مجموعات رجال الأعمال الأردنية البارزة هي التي تدير المناطق وتحصل على الريع، ولكنها لا تساهم بشكل فعلي في الاقتصاد. فكل النسيج يستورد من آسيا، ولا يستورد من الأردن أية مواد، باستثناء مساهمة أردنية بسيطة في آلات التشغيل والنقل بشكل محدود، وعليه، تنحصر معظم المساهمة الأردنية في تقديم الماء والطاقة. ويظهر هذا واضحاً لأن مستلزمات صناعات النسيج تستورد كلها من الخارج تقريباً، حيث إن قيمة الاستيراد اقتربت من قيمة المصدر، فقد وصلت قيمة ما دفعه الأردن في استيراد تلك المستلزمات عام 2004 إلى 360 مليون دينار، وبالتالي فإن ثلث الدخل الذي تحقق من التصدير تم دفعه في الاستيراد.

ويرى بعض المحللين الاقتصاديين الأردنيين أن هناك إشارات واضحة تقدم معلومات تدلل على عيوب أخرى كامنة في اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة الأردنية ومنها: أن تجربة الأردن في تطبيق الاتفاق منذ عام 1999 التي أدت إلى ارتفاع عدد المناطق إلى 13 منطقة صناعية مؤهلة، تعاني من خلل يقلل من القدرة التنافسية للمنتجات في أسواق التصدير عالمياً، ومنها بالطبع السوق الأميركية، ويرجع هذا الخلل إلى أن مكونات الإنتاج الإسرائيلية المفروضة وفقاً لقواعد المناطق الصناعية مرتفعة الثمن، ومن ثم فإنها تجعل من المنتجات الأردنية أقل تنافسية في الأسواق العالمية. أما المشكلة الأخرى فستكون بداية غزو منتجات النسيج الآسيوية للأسواق الأميركية مباشرة منذ بداية العام 2005 نتيجة لسريان المزايا التفضيلية، وهذا ما سيجعل الشركات الآسيوية غير راغبة في الاستثمار في الأردن طالما أن بنود اتفاقية التجارة الدولية تتيح لها النفاذ المباشر إلى الأسواق الأميركية.

دراسة فريدة

وفي دراسة فريدة نشرتها وزارة الصناعة والتجارة في الأردن عام 2005 تبين تواضع الاستفادة من استثمارات المدن المؤهلة” وذلك لأسباب عديدة منها أن مستلزمات الإنتاج الوسيطة لهذه الصناعات مستوردة، وتحول أرباح تلك المصانع للخارج، كما أن أكثر من نصف الأيدي العاملة في تلك المصانع من العمالة الوافدة وتفقد هذه المدن خزينة الدولة جزءاً من إيراداتها نتيجة لما تتمتع به هذه الصناعات من إعفاءات جمركية وضريبية. وكشفت وثائق رسمية أن عوائد الخزينة العامة السنوية من المصانع المؤهلة أقل من (%1)، في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الصناعة والتجارة أن صادرات هذه المناطق للسوق الأميركي وصلت إلى مليار دولار. ومن أهم محاولات تقييم أداء المناطق الصناعية المؤهلة ما قام به وفد من وزارة الخارجية الأميركية في العام 2005 الذي رصد عدة انتقادات أهمها ما يلي:

1 - تستند المناطق الصناعية المؤهلة الحالية إلى رأسمال آسيوي، وتوظف قطاعاً كبيراً من العمال غير الأردنيين.

2 - يجعل أحد شروط المناطق الصناعية المؤهلة المتعلق بضرورة استخدام الإسهامات الإسرائيلية المنتج الأردني أقل تنافسية. لأن هذه الإسهامات بالغة التكلفة. ونتيجة لذلك، اقترح الوفد على الأردن التحرك بسرعة لاستخدام قاعدة التأهيل المتعلقة باتفاقية التجارة الحرة بدلاً من المناطق الصناعية المؤهلة.

3 - يتعين على الأردن تنويع الإنتاج في المناطق الصناعية المؤهلة بعيداً عن المنسوجات ويتعين عليه أيضاً تطبيق التكامل العمودي على العمليات ذات القيمة المضافة التي تتعدى المنتجات الأساسية.

4 - مع أن المناطق الصناعية المؤهلة لم تكن منتجة بمستوى التنفيذ الكامل نفسه لاتفاقية التجارة الحرة، فإن المناطق الصناعية المؤهلة كانت مفيدة للأردن. فعلى وجه الخصوص، عززت مكانة الموظفات الأردنيات وأوجدت فرصاً للتوظيف، ووفرت للصناعة الأردنية مهارات لتجعلها أكثر حرفية، وقدّمت دروسا في الإنتاج بالجملة وفي الإدارة.

المناطق الصناعية المؤهلة في الأردن: وعود غير منجزة..
 
29-Nov-2007
 
العدد 4