العدد 26 - حتى باب الدار
 

«كان الأنباط قوم تجارة ، وقد كانوا يفرضون عقوبة علنية على كل شخص تتناقص ثروته، اما الشخص الذي ينمي ثروته فيلقى تكريماً وتشريفاً، وكانوا في تعاملهم الاقتصادي يخدمون أنفسهم وأقاربهم والآخرين، لذلك اختفت عندهم مؤسسة العبيد». إذا صحت هذه الملاحظة، فإما أن الأنباط ليسوا أجدادنا الحقيقيين، أو أنهم أجدادنا بالفعل، لكننا تنكرنا لهذه الصفات.

في ثقافتنا الحاضرة تنطوي لفظة تاجر على بعض الدلالات السلبية، وعندما نقول إن لفلان «عقلية تاجر» فإن في الأمر جانباً من الإدانة، حتى لو كان يسيراً.

«فلان يسعى الى الربح» أو «فلان هدفه الربح».. عبارات نشتم بوساطتها بعضنا البعض، وعموماً فإننا نسير على قاعدة: «العمر بخلص والشغل ما بخلص».

صحيح أن أصحاب الثروات يلقون منا التكريم والتشريف، كما هي الحال أيام الأنباط، لكن الفرق بيننا وبينهم ان الأنباط كانوا يفصحون عن أن الثروة هي سبب التكريم، أما نحن فما زلنا نجري الكثير من التمويه، تحت عنوان أن «المهم هو الأخلاق».

ان خاتمة العمر المرجوة عند الواحد منا أن «يقعد لقهوته ودلاله». وإذا تقدم العمر بأحدنا وهو مواظب على عمله، فإنه يكون كمن يريد أن «يأكل الدنيا»، وذلك مفهوم لأن «بني آدم لا يملأ عيونه إلا التراب»، ويلوم الأبناء المقتدرون والدهم الذي يواصل القيام بعمله لأن ذلك «مش مليح بحقنا يابا»! .

ملاحظة: المعلومة حول الأنباط مصدرها دراسة للباحث نايف النوايسة بعنوان «سيكولوجيا الأنباط» قدّمها في ملتقى عمان الثقافي العاشر/ 2002.

الأنباط لم يقعدوا لقهوتهم ودلائهم
 
15-May-2008
 
العدد 26