العدد 4 - اقتصادي
 

مجلس النواب الخامس عشر يصطبغ بحيتان اقتصاد ورجال أعمال غالبيتهم مطلع على الأحوال المعيشية على المستويين الكلّي والجزئي. فكثير منهم طالب من موقعه السابق بخفض الضرائب وضبط الأسعار وأطلق الأحكام في معالجة قضيتي الفقر والبطالة، بحسب خبراء اقتصاد.

ويضم المجلس أساتذة جامعات، تجارا، مقاولين ونقابيين يقدرّون دور التشريعات في دفع أو إبطاء دورة الحياة الاقتصادية. غير أن خبراء اقتصاد يرون أن الحكومة وطاقمها تبقى المرجعية الأكثر فعالية في التعامل مع الظروف الدقيقة التي ستواجهها البلاد في الشأن الاقتصادي.

الخبير الإقتصادي يوسف منصور يرى أن دور المجلس المقبل “عموما والنواب ممن يملكون خلفيات اقتصادية يتمثّل بالتشارك مع السلطة التنفيذية في مواجهة التحديات التي يواجهها الاقتصاد الوطني” إلى ذلك يعتقد منصور “أن وضع خطط اقتصادية-اجتماعية وسياسية ينبغي أن يشارك بها ثلاثة محاور: القطاعان العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني لبلوغ أفضل التشريعات”.

فالنتائج التي تنبع عن القوانين التي سيقّرها النواب وخصوصا الاقتصادية ستؤثر على معظم أفراد المجتمع، بحسب منصور الذي يدعو النواب إلى “وضع النتائج الشاملة للتشريعات نصب أعينهم”. كما يطالب “بوضع دراسات وسماع وجهات نظر الخبراء للخروج بأفضل النتائج”.

يتفق مع هذا الطرح الخبير الاقتصادي هاني الخليلي. ويضيف الخليلي “أن عمل أي شخص في المجال الاقتصادي لا يعني بالضرورة عمله بالاقتصاد” معتبرا “النواب بمثابة قاعدة فكرية وعلمية تساعد الحكومة على الوصول إلى تشريعات تراعي مصالح معظم فئات المجتمع”.

يعتبر خبراء اقتصاد أن الحكومة أو النواب مضطرة لزيادة أسعار المحروقات لمواجهة مشكلة أسعار الطاقة في المدى القصير في ضوء اختراقها حاجز ال 100 دولار/برميل.

ويبرز الملف الاقتصادي كأهم الأولويات المطروحة على جدول أعمال مجلس النواب كونه يمثل “الوجع الأردني”، بحسب شعارات المرشحين. كذلك سيناقش المجلس التوجهات الحكومية لرفع أسعار المحروقات ومعالجة الاختلالات في المالية العامة.

يرى وزير سابق في حقل المال “أن ايلاء الملف الاقتصادي أهمية كبيرة أولوية وأن الشأن الاقتصادي ومعالجة الإختلالات مسؤولية الحكومة في الدرجة الأولى”.

يرى الوزير الذي لم يشأ الإفصاح عن هويته أن على المجلس سن قوانين ملحّة تتعلق بالملف الاقتصادي.

ويعرب عن الأمل في “أن يكون النواب عقلانيين ويطالبوا برفع الأسعار، لإنقاذ وضع الخزينة المهدد بازدياد عجزه نتيجة الاستمرار في دعم للمحروقات، مؤكدا أن ذلك سيتسبب في زيادة لجؤ الحكومة إلى الاقتراض وبالتالي تفاقم العجز”.

ويظهر بند دعم المحروقات جزءا من نفقات المالية العامة. ويبلغ بنهاية أيلول (سبتمبر) 105.6 مليون دينار مقارنة بـ194.3 مليون دينار خلال الفترة ذاتها العام الماضي، ليسجل بذلك تراجعا نسبته 42.7 %.

ولكن نشرة وزارة المالية الصادرة أخيرا توقعت أن يرتفع بند دعم المحروقات بواقع 94.4 مليون دينار خلال الربع الأخير العام الحالي مقارنة بالربع ذاته العام الماضي حين بلغ آنذاك 21.4 مليون وبنسبــة زيـادة 341 %.

ويتأثر حجم النفقات في الربع الأخير بدعم المحروقات بشكل ملحوظ خلال الربع الأخير مقارنة بالأشهر الثلاثة الأولى المنصرمة جراء تحمل هذه الفترة دعم محروقات عن أسعار نفط مرتفعة بلغت مستويات قياسية على عتبة 100 دولار للبرميل، فيما بنيت موازنة العام الحالي على سعر 60 دولارا للبرميل بلا دعم، ثم عادت الحكومة واصدرت ملحق موازنة استند إلى 70 دولارا لسعر برميل النفط.

ولم تهبط أسعار نفط برنت عن مستوى 70 دولارا للبرميل في الأسواق العالمية منذ أيلول (سبتمبر) الماضي.

وقال الخبير الاقتصادي الدكتور يوسف منصور “أن ارتفاع أسعار النفط وضعف الدولار، وما رافقها من صعود في أثمان السلع الأساسية في المملكة،بات يشكل وجع الأردنيين،الذي ركز عليه المرشحون في بياناتهم الانتخابية”.

وأكد أن التجربة السابقة أثبتت بأن الفقر والبطالة لم تستطع أي من البرامج والمبادرات تخفيضها،وبالتالي فإن غالبية الأردنيين لم يقطفوا ثمار النمو الاقتصادي.

وأشار إلى أن المرشحين قد راعوا في بياناتهم على الملفات الداخلية والتي يعاني منها المواطنون من منظورهم لواقع المجتمع، مؤكدا أن نسبة قليلة ركزت على القضايا الإقليمية والدولية.

وأعلنت الحكومة عزمها تحرير قطاع الطاقة بداية العام المقبل وبيع مشتقات البترول بالأسعار العالمية، بالتزامن مع انتهاء مدة امتياز شركة مصفاة البترول، لتخفيف وطأة ارتفاع أسعار النفط عالميا على المالية العامة، وتوجيه الدعم للشريحة المستحقة عبر شبكة أمان اجتماعي لم تظهر ملامحها النهائية بعد.

يذكر أن الحكومة رفعت أسعار المحروقات 4 مرات خلال أقل من عامين، ومنذ العام 2001، تراوحت نسب الرفع الإجمالي بين %50.6 للبنزين الخالي من الرصاص إلى %190.9 لمادتي السولار والكاز، في حين ارتفع سعر بيع اسطوانة الغاز بنسبة %77.

ودعا منصور إلى تشديد النواب المقبلين على مراعاة ظروف مختلف فئات المجتمع، والامتناع عن فرض ضرائب جديدة والتفكير مليا بالسيناريوهات التي ستعرضعها الحكومة لتعويض المواطنين عن رفع الدعم عن المشتقات النفطية.

وعلى صعيد متصل يرى خبراء مختصون في قطاع الطاقة أن مجلس النواب الجديد يواجه تحدي تحرير قطاع الطاقة نهائيا بنهاية شهر شباط (فبراير) المقبل تزامنا مع انتهاء عقد امتياز مصفاة البترول واعادة هيكلتها وانعكاسات هذه الخطوات على اسعار المشتقات النفطية وآثارها على المستهلكين بحسب مسؤولين وخبراء في القطاع.

وتضمنت خطة وزارة الطاقة لتحرير قطاع المحروقات في المملكة إنهاء عقد امتياز شركة مصفاة البترول وإعادة هيكلتها من خلال فصل نشاطاتها المختلفة (نشاط التكرير، التخزين، النقل والتوزيع)، وتأسيس أربع شركات تسويق لاستيراد وتوزيع المشتقات النفطية، إضافة إلى تأسيس شركة لوجستية لامتلاك وإدارة المرافق اللوجستية لتخزين ونقل المشتقات النفطية.

يذكر أن المصفاة أنهت رسم مشروع توسعتها من النواحي الفنية والمالية وقدمت تقريرها في حزيران من العام 2005. ويتم حالياً السير في المشروع من قبل المصفاة من خلال السعي لاستقطاب شريك استراتيجي ومن المتوقع استقطاب الشريك مع نهاية هذا العام.

وانتهت في نيسان (ابريل) الماضي الدراسة الدقيقة والشاملة لجرد الموجودات وتقصي المعلومات والتدقيق الفني والبيئي لمرافق المصفاة “Due Diligence Study”، من خلال الشركة البريطانية Channoil.

ونتج عن هذه الدراسة حصر موجودات المصفاة وتقييمها وتحديد النشاطات والمرافق اللوجستية والتوزيع والغاز المسال الممكن فصلها عن مرافق المصفاة، كما تم خلال الشهر ذاته تعيين شركة استشارية متخصصة للسير في برنامج تأسيس شركات التسويق والشركة اللوجستية والسير في عطاءات خصخصتها. ويتضمن مشروع التوسع الرابع للمصفاة زيادة الطاقة التكريرية للنفط الخام لتصبح 17.5 الف طن يومياً وإضافة وحدات لتحسين نوعية المشتقات النفطية وزيادة السعات التخزينية للنفط الخام والمشتقات النفطية وتقدر الكلفة الاستثمارية بحدود 1.3 بليون دولار حالياً.

يشار إلى أنه تم في نهاية العام 2004 إقرار الإستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة من قبل مجلس الوزراء والتي تضمنت الأطر العامة لإعادة هيكلة القطاع النفطي وفتحه للمنافسة.

وتم تشكيل لجنة توجيهية عليا لمتابعة مراحل إعادة هيكلة مصفاة البترول وتحرير سوق المشتقات النفطية وفتحه للمنافسة.

ويرى خبراء أن المرحلة المقبلة خاصة عام 2008 ستكون سنة صعبة لأن هناك قضايا مفصلية من تبعات الوضع الإقليمي والنزاعات السياسية في دول الاقليم التي تتفاقم إضافة إلى النزاع الإيراني الاميركي وأسعار النفط ووصولها الى سقوف غير مسبوقة.

وتظهر أهمية القضايا الاقتصادية كون مجلس النواب الرابع عشر تعامل مع عدد من القوانين المؤقتة ومشاريع القوانين اذ انجز وفقاً لاحصائيات موثقة في سنواته الاربع 314 قانونا حتى الدورة الاستثنائية الاخيرة.

وتركز الإنجاز النيابي في مجال التشريع في حده الأقصى في الدورة العادية الثالثة حين أقر 66 قانوناً في حين اقر في الدورة الرابعة 57 قانوناً وفي العادية الثانية 50 قانوناً وفي العادية الأولى 42 قانوناً.

وظهرت في إعلانات المهنئين لمجلس النواب المقبل العديد من الشركات التي يعمل فيها النواب الفائزون، إذ أن 4 أعضاء من جمعية المستثمرين في قطاع الاسكان فازوا في الانتخابات.

النيابي أمام امتحان رفع الأسعار
 
29-Nov-2007
 
العدد 4