العدد 4 - اقتصادي
 

هل نحسد حكومة الذهبي الجديدة على أن أجندتها اقتصادية بامتياز، وهل الهم الاقتصادي يمكن أن يعزل عن السياسي، ولماذا تعتبر المشاغل الاقتصادية أصعب من الهموم السياسية التي تحتمل بطبيعة الحال التأجيل؟ بخلاف حكومات سابقة فإن الظروف الاقتصادية والتحديات المقبلة لن تمنح الكثير من الوقت للحكومة “الذهبية”.

فعلى الرغم من التوقعات بأن لا يأخذ البرلمان موقفا عدائيا خلال المراحل الأولى لتعامله مع الحكومة، ورغم أن المعارضة ممثلة بتيار جبهة العمل الإسلامي ربما تكون في أضعف حالاتها، بينما التيارات الأخرى تنتقد الواقع ولا تقدم البدائل، فإن التداعيات السياسية للواقع الاقتصادي الصعب تعتبر مصدر التهديد الرئيسي لمدى قدرة الحكومة التقيد بكتاب التكليف السامي.

والحكم المسبق على النتائج لا يعتبر علميا، إلا أن الكثير من المقدمات تشير إلى مدى صعوبة الأوضاع المقبلة، فعلى سبيل المثال تعاني الموازنة العامة من عجز مرتفع نسبيا في الموازنة، ولا بد للحكومة الجديدة من تسوية ذلك العجز بإحدى طريقتين، الأولى تتمثل بضبط الإنفاق، وهذا صعب بسبب طبيعة الإنفاق العام الذي ترتفع فيه نسبة بنود الإنفاق الثابت مثل الأجور والرواتب، تسديدات القروض ومخصصات التقاعد والدفاع والأمن.

أما الطريق الثاني فيتمثل بزيادة الإيرادات الضريبية وهذا طريق محفوف بالمخاطر إذ من شأن فرض ضرائب جديدة كبح النشاط الاقتصادي والإثقال على دافعي الضرائب.

فما الذي يتبقى أمام الحكومة من خيارات وبدائل تأخذ صفة الاستعجال؛ ستجد الحكومة نفسها مضطرة لأن ترفع الدعم عن المحروقات. وهنا لا بد من القول ان التركيز على الشق الاقتصادي والقول بأن الحكومة أمام إستحقاقات إقتصادية وإجتماعية وليس سياسية يتجاهل أبجديات الاقتصاد السياسي، فعندما تقرر الحكومة رفع الدعم عن المحروقات في موازنة العام المقبل، فإن ردة فعل الشارع وليس التيارات السياسية تعتبر هي الأخطر، ومن يجادل بأن قرارا من هذا النوع لا يحمل مضامين سياسية وأمنية عميقة يكون سطحيا في طرحه.

ولنتذكر أن الشارع الأردني مستعد لرد فعل جماعي وعنيف عندما يتعلق الأمر بتغيير العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع، وقد شهدنا ذلك خلال سنوات الإصلاح الإقتصادي على مدى العقدين الماضيين في أكثر من مناسبة.

في النهاية يجب أن لا نحسد الحكومة على أن همها اقتصادي بالدرجة الأولى، لا سيما وأن القرارات الصعبة قادمة وهي لن تقبل التأجيل، والتعامل مع مشكلتي الفقر والبطالة وتحسين مستويات الدخول كما جاء في كتاب التكليف السامي ليس سهلا، وسجل الحكومات السابقة خير دليل على جسامة المهمات ومدى صعوبة تحقيق التوازن بين النمو والعدالة الاجتماعية، الهم الاقتصادي يرتبط بمعيشة الناس اليومية ولا يقبل التأجيل في حين أن السياسة فيها الكثير من هوامش المناورة.

الحكومة.. أجندة اقتصادية صعبة بامتياز – د.إبراهيم سيف
 
29-Nov-2007
 
العدد 4