العدد 25 - أردني
 

نهاد الجريري

تعود كلمة غرافيتي graffiti في جذورها اللغوية إلى الكلمة الإيطالية graffiato وتعني "يخربش".

والغرافيتي، "فن شعبي" قديم قدم الحضارة، كان يمثل أشكالاً ونقوشاً تراوح في موضوعاتها بين الإعلانات التجارية والآراء السياسية.

وربما كان أقدم غرافيتي عرفه التاريخ رسم اكتشف في مدينة إفسوس اليونانية (تقع اليوم في تركيا)، يمثل يداً (تشبه القلب) وقدماً ورقماً. ويُعتقد أن الرسم يشير إلى بيت دعارة حيث ترمز اليد إلى دفع المال!

الرومان القدماء نحتوا على جدران أضرحتهم وصفات للسحر، وإعلانات حب، واقتباسات شعرية وانتقادات سياسية.

الحضارات العربية وغير العربية، التي ظهرت في الشرق الأوسط، عرفت أشكالاً من النقش في الصخر البازلتي في جنوب سورية، وشرق الأردن، وشمال السعودية، في الفترة ما بين القرن الأول قبل الميلاد وaالرابع بعد الميلاد.

في العصر الحديث تبلور الغرافيتي إبان الحرب العالمية الثانية، وظهر في أول أشكاله برسم محدد كان يتركه الجنود الأميركيون في كل مكان يحلون به. كانوا يرسمون شكلاً كاريكاتورياً يطل بوجهه من على سور ويقول "كيلروي مر من هنا".

وفي الستينيات، طغت عبارة "يعيش يوساريان" على الخربشات الغرافيتية. ويوساريان هو شخصية في رواية لـ جوزيف هيلر ترفض أن تموت بالرغم من الحرب. وهكذا ظلت الصبغة السياسية مسيطرة على الشعارات الغرافيتية.

في السبعينيات، تطور الغرافيتي من حيث التصميم. فصارت الأحرف مضخمة ترسم بعلب الرش، ودخلت الأشكال ثلاثية الأبعاد على الأحرف والكلمات المفردة.

ومع انتشار ثقافة "الهيب هوب hip hop" انتشر الغرافيتي باعتباره التعبير الكتابي عن هذه الثقافة التي تمثل نمطاً سائداً بين الشباب في تلك الفترة، إلى جانب موسيقاهم ورقصهم وحتى لغتهم، فكانت موسيقى الراب rap هي التعبير الصوتي لهم، ورقص breakdance هو التعبير الجسماني.

مع ولوج الثمانينيات انخرط هذا "الفن" في الثقافة الشعبية، حتى إن بعض النقاد اعتبروه شكلاً من أشكال "الفن الشعبي" الذي يعبر عن حالة عامة، مشيرين إلى جدارية بلفاست في إيرلندا الشمالية، وإلى لوحات رسمت على الجدار العنصري العازل في الضفة الغربية.

الغرافيتي: تعبير كتابي عن ثقافة شبابية
 
08-May-2008
 
العدد 25