العدد 25 - حريات
 

سامر خير أحمد

لم يكد يمضي أسبوع واحد على زيارة الملك عبد الله الثاني إلى جامعة اليرموك في العشرين من نيسان/ أبريل الماضي، والتي أكد فيها أن لا قيود على المشاركة السياسية للطلبة، وأنه يدعم مشاركة وتفعيل دور الشباب في العمل السياسي، ومستعد شخصياً لتذليل الصعوبات التي تواجههم، حتى كانت رئاسة الجامعة نفسها تُلغي محاضرة كان من المقرر أن يُلقيها منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة «ذبحتونا»، فاخر دعّاس، أمام طلبة مساق «حقوق الإنسان» بدعوة من مدرّس المادة، قبل خمس دقائق فقط من بدء المحاضرة، إذ اعتذر مدرس المادة من دعاس، حسبما أوضح بيان أصدرته الحملة، قائلاً إن رئيس قسم العلوم السياسية تلقى اتصالاًَ من إدارة الجامعة يطلب إلغاء المحاضرة، كونها «مرفوضة».

«الحملة» التي طالبت في بيانها الغاضب بتدريس مفاهيم حقوق الإنسان لإدارات الجامعات قبل تدريسها للطلبة، ما لبثت أن نشطت للاحتجاج على نظام «تأديب الطلبة»، أي نظام العقوبات التي يواجه بها الطلبة «الذين يفتعلون المشاكل داخل الحرم الجامعي، أو يمارسون أنشطة غير مصرح بها» وبالتحديد تلك ذات الطابع السياسي. فقد أقر مجلس التعليم العالي هذا النظام، الذي ينص على السماح لقوات الأمن بدخول الحرم الجامعي لتوقيف من يخالف نظام التأديب، وهو أمر كان محرماً من قبل. وينتظر النظام الآن رفعه إلى مجلس الوزراء لإقراره.

من النقاط الأخرى التي أثارت احتجاج الطلبة الناشطين على "نظام التأديب"، ما نص عليه النظام المقترح أنه "يرمي إلى الحد من العنف في المؤسسات التعليمية وأي فعل من شأنه إثارة النعرات السياسية أو الطائفية أو الإقليمية أو الجهوية أو القبلية بين الطلبة"، باعتباره نصاً يوحد بين العصبيات القبلية والطائفية، التي تنتمي لثقافة غير مدنية، والانتماءات السياسية التي هي أساس المشاركة في العمل العام، وهي المشاركة التي شجع الملك الشباب على الانخراط فيها، ما يعني أن ممارسات الجهات المسؤولة عن التعليم العالي لا تتوافق مع الرؤية الملكية، عبر توحيدها بين السلوك الهدام الذي يخلق التوتر داخل المجتمع، والسلوك البنّاء الذي يؤسس عليه المجتمع المدني الحي.

بين مناسبتي منع المحاضرة الطلابية، وإقرار نظام "تأديب الطلبة"، كانت إدارة الجامعة الأردنية تُخالف كل التوقعات التي أشارت إلى أنها ستعمد إلى تغيير نظام انتخاب مجلس طلبتها، الذي يقوم منذ انتخابات العام 2000 على مبدأ تعيين نصف أعضاء المجلس، بمن فيهم رئيسه، مقابل انتخاب نصف الأعضاء فقط من قبل الطلبة، بحيث تقر نظاماً جديداً يعيد للطلبة حق انتخاب كامل أعضاء المجلس. فقد قررت الإدارة المضي في إجراء الانتخابات وفق نظام تعيين النصف، بعد تأخير دام عدة أسابيع عن الموعد المفترض للانتخابات، وهو التأخير الذي احتسبه البعض دليلاً على توجه الإدارة لتغيير نظام الانتخاب.

ليس هذا فقط، بل إن إدارة جامعة الزرقاء الأهلية قررت الاقتداء بالأردنية، ليصير نظام انتخاب مجلس طلبتها قائماً على مبدأ تعيين النصف وانتخاب النصف الآخر، وبهذا تكون جامعة الزرقاء هي الأولى بين الجامعات التي تنقل هذا النظام المثير للجدل، بعد نحو تسع سنوات من إقراره في "الأردنية"، وقد عزفت خلالها كل الجامعات الحكومية والخاصة الأخرى، عن نقله عنها، رغم أنها نقلت عنها سابقاً نظام "الصوت الواحد" في الانتخابات الطلابية، الذي ظل يحول دون نجاح الطلبة المسيّسين، للأسباب نفسها التي يحول فيها النظام في الانتخابات النيابية دون فوز النشطاء والمسيّسين، وأهمها شخصنة الانتخابات وتغليب الانتماءات الأولية والعلاقات المباشرة ،على البرامج الانتخابية في طريقة اختيار الناخبين لممثليهم.

هذه المواقف والقرارت من قبل إدارات الجامعات، ومجلس التعليم العالي، جرت في غضون أسبوع واحد فقط بعد تصريحات الملك في جامعة اليرموك، وهو ما دفع حملة "ذبحتونا" لاعتبار أنه ليس لدى الحكومة نية حقيقية لإحداث انفراج سياسي ملموس، أو إتاحة هامش للحريات ابتداءً من الجامعات، وصولاً إلى الانتخاب والأحزاب، على حد قول «الحملة»، في بيان طالبت فيه أيضاً باستقالة رئيس الجامعة الأردنية، «لعدم تمكنه من تنفيذ وعده بإلغاء نظام التعيين في انتخابات مجلس الطلبة».

أسبوع ساخن مرّ، إذاً، على الوسط الطلابي، الذي صُدم بكيفية تطبيق إدارات الجامعات للتصريحات الملكية. لكن الأمر لم ينته بعد، فما زال في جراب العمل الطلابي بقية، للدفع باتجاه تعزيز الحريات الطلابية، وتوسيع فرص المشاركة السياسية للطلبة.

أسبوع جامعي ساخن: تأديب ومنع نشاطات
 
08-May-2008
 
العدد 25