العدد 24 - دولي
 

محجوب الزويري

أكد المحافظون فوزهم في الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الإيرانية بفوزهم بأغلبية المقاعد في الجولة الثانية. هذه الجولة من الانتخابات حسمت مصير 82 مقعداً من المقاعد الـ 290 لمجلس الشورى. لقد نجح المحافظون بجبهتيهما المؤيدون للرئيس أحمدي نجاد وكذلك الجبهة المحافظة الموسعة،في السيطرة على أكثر من 230 مقعداً في البرلمان الإيراني، فيما شغرت المقاعد الباقية من قبل المستقلين والإصلاحيين وممثلي الأقليات الدينية والعرقية. الفوز المتوقع للمحافظين ينظر له بعين الأهمية بالنظر إلى جملة من التطــورات:

أولاً: رغم المحاولات التي بدت لإظهار وحدة المحافظين خلال الاستعداد للعملية الانتخابية، إلا أن هناك تبايناً حول طرق ووسائل مواجهة جملة التحديات التي تواجه إيران. إن المعالجة السياسية والاقتصادية التي حاول التيار المحافظ من مدرسة الرئيس من خلالها مواجهة الضغوط الدولية، قد أثبتت عدم نجاحها، فارتفاع نسبة التضخم إلى حوالي 18.3بالمئة، وكذلك الحديث عن تراجع نسبة الاستثمارات الأجنبية في حقلي البترول والغاز، والتراجع في برنامج الخصخصة وعدم الانسجام مع ما دعت إليه وثيقة مجلس صيانة الدستور حول إيران خلال السنوات العشرين المقبلة التي ركزت على تهيئة الظروف السياسية لمزيد من الاستثمارات الأجنبية، وخلق أجواء من الثقة مع دول العالم.. كل ذلك يرتبط بالأداء السياسي للحكومة المحافظة والتي يمثلها الرئيس أحمدي نجاد.

يضاف إلى ذلك زيادة التوتر بين جناحي المحافظين،وذلك من خلال ارتفاع وتيرة الاختلاف بين السلطة التشريعية التي يمثلها البرلمان، وبين السلطة التنفيذية التي يمثلها الرئيس. فخلال السنوات الثلاث الماضية لم يكن التصويت للوزراء أو مناقشة مشاريع الموازنة تمر دون انتقادات شديدة لأداء السلطة التنفيذية وسياستها الاقتصادية. في هذا السياق يجب التذكير أنه لم يتم التعرض إلى أداء الحكومة في الجانب السياسي والاجتماعي، باعتبار أن الموضوع الاقتصادي هو الأولوية للتيار المحافظ بشقيه: المحافظون التقليديون والمحافظون الجدد.

ثانياً: تفوق التيار المحافظ يمكن فهمه في إطار القدرات التي يمتلكها التيار، فالدعم التقليدي من طرف قائد الثورة ومن مؤسسات مثل مجلس صيانة الدستور والحرس الثوري والمؤسسات الإعلامية وعلى رأسها الإذاعة والتلفزيون. هذا التفوق ربما لا يعكس رغبة شعبية في العودة إلى المناخ المحافظ، بقدر ما يمثل نوعاً من القناعة لدى قاعدة واسعة من الناخبين بأن المحافظين ربما يكونون الأقدر على تحسين أوضاعهم الاقتصادية وذلك لامتلاكهم مقاليد الأمور في القطاع الاقتصادي، كما يسيطرون على آلية صنع القرار. بعبارة أخرى، فإن نجاح المحافظين ربما يكون اختباراً متجدداً هم بحاجة للنجاح فيه، إذا ما أرادوا الفوز بمنصب رئيس الجمهورية في العام 2009.

من المهم الإشارة هنا الى أن المحافظين بفوزهم هذا في الانتخابات البرلمانية، فإنهم بذلك يسيطرون على المؤسسة التشريعية لثماني سنوات متتالية، كما أنهم سوف يسيطرون على السلطة التنفيذية لأربع سنوات، وهم بذلك يمتلكون الفترة الكافية لتقييم أدائهم قبل التصويت لهم في الانتخابات البرلمانية التاسعة في العام 2012.

ثالثاً: إن الفهم الإيراني الرسمي لنتائج الانتخابات سيعتبر النتائج تصويتاً على شرعية النظام من جانب، كما أنه يعبر عن الديناميكية السياسية للنظام من جانب آخر، وهذا بالنسبة لأركان النظام يشكل، في حد ذاته، دعماً ورصيداً داخلياً للنظام في مواجهة التحديات الخارجية.

رابعاً: من المبكر تقييم كيف سيتعامل المجلس الجديد مع الرئيس أحمدي نجاد خلال الفترة المتبقية من رئاسته، لكن يمكن القول إن هناك زيادة في الجبهة المنتقدة لسياسات الرئيس،وهذه الزيادة نوعية أكثر منها عددية، فقدوم على لاريجاني وقالبياف، ومحسن رضائي إضافة إلى النائب السابق أحمد توكلي سيجعل الرئيس في موضع صعب فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي وكذلك الملفات الأخرى مثل: الموازنة، والملف النووي. المجلس الجديد يبدو أنه سيكرر ما آل إليه مصير الرئيس خاتمي حين فاز المحافظون في الانتخابات البرلمانية عام 2004، حيث أمضى عاماً كانت فيه العلاقة مشوبة بالنقد وبلا انجاز حقيقي لحكومته، وهو الأمر الذي ساعد المحافظين على التوجه إلى توحيد جهودهم للفوز بالانتخابات الرئاسية 2005، وهو ما حصل حين فاز الرئيس محمود أحمدي نجاد.

لا شك أن الفوز الخامس للمحافظين خلال أقل من عقد يعكس القدرات التي يمتلكها هذا التيار. لكن يبقى السؤال عمّا إذا كان بإمكان المحافظين الاستمرار في مسلسل النجاحات معتمدين على الآليات والقدرات المساندة نفسها التي جعلتهم يسيطرون على المشهد السياسي الإيراني؟.

المحافظون في إيران.. فوز متجدد ولكن!
 
01-May-2008
 
العدد 24