العدد 24 - أردني
 

ابراهيم سيف

سؤال سيظل يتردد طالما بقي الأردن يعاني من ارتفاع نسبة البطالة التي تبلغ رسميا نحو 15 في المئة. وبمقارنة عدد المتعطلين عن العمل في الأردن ( 200 ألف) مع عدد العمال الوافدين (300 ألف) يتبين أن الاقتصاد الأردني يولد فرص عمل، وأن المعادلة رقميا تعكس خللا في سوق العمل، فلماذا؟ وهل يمكن فعليا إحلال قسم من العمالة المحلية محل العمالة الوافدة؟

في محاولة للإجابة على هذا التساؤل قام مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية بإجراء دراسة مسحية قبل نحو عام، شملت فئات من المتعطلين عن العمل، أرباب العمل والعمال الوافدين، وكان الهدف هو البحث في الكيفية التي يمكن بها إدماج المتعطلين عن العمل للإستفادة من فرص العمل التي يولدها الاقتصاد. كما طرح سؤال على أرباب العمل لمعرفة انطباعاتهم والمشاكل التي يواجهونها مع العمالة المحلية ومقارنة ذلك مع العمالة الوافدة.

كانت خلاصة الدراسة تشير الى أن العامل الأردني، العازف عن العمل والذي لا يبحث بشكل جدي عن وسائل لتطوير مهاراته، مستعد للعمل حال توافر مجموعة من الشروط المرافقة للعمل. ويأتي في مقدمة تلك الأسباب الراتب الشهري ومزايا التأمين الصحي والضمان الاجتماعي، وغيرها من الضمانات التي يطلق عليها في الأدبيات الاقتصادية شروط العمل اللائق. ومع استعراض المهن المختلفة في القطاعات التي تشكل العمالة الوافدة فيها حضورا كبيرا، مثل قطاعات الانشاءات والزراعة والخدمات، كانت هناك نسب تقبل العمل إذا تجاوز الراتب حدودا بنسب لا تقل بأي حال من الأحوال عن 80 في المائة. وكان هناك استعداد للانخراط في التدريب في سبيل تأمين هذا النوع من الوظائف. ولم يظهر أن ثقافة العيب هي التي تحول دون تقبل الشباب للفرص المتاحة.

في الجانب الآخر من المعادلة، أي أرباب العمل، فإن لدى العديد منهم انطباعات حول العمالة الأردنية، في مقدمتها غياب الإلتزام وحب العمل، حيث يمكن أن يغير الأردني مكان عمله لأسباب بسيطة دون النظر الى المدى البعيد، في حين تجد التزاما أكبر وإستعدادا للعمل ساعات أطول من قبل العمالة الوافدة، كذلك أقرت غالبية من أرباب العمل بأن إنتاجية العامل الوافد أعلى من المحلي، وهناك التزام بحكم الواقع من قبل العامل الوافد فيما يخص مكان العمل. كما تبين أن العامل الوافد أكثر مرونة، ويستجيب لرغبات أرباب العمل بشكل أكثر سلاسة، وهذا يجعله مفضلا لدى أصحاب العمل.

الخلاصة، أن إمكانية الإحلال ممكنة إذا باتت الكلفة التي تصاحب إجتذاب عمالة وافدة أعلى من مكاسب الانتاجية التي ترافق الوافد على حساب المحلي. ونحتاج في هذا السياق إلى تعزيز إنتاجية العامل المحلي وتدريبه ليس فقط من الناحية المهنية بل والأخلاقية والثقافية أيضا، وهذا يفرض تحديات ومتطلبات على أرباب العمل بحيث يتم تطوير سياسات للحفاظ على العمالة الجيدة من خلال نظام الحوافز وتأمين الإستقرار.

من شأن التركيز على جانبي العرض والطلب في معادلة سوق العمل تجاوز الكثير من الانطباعات المحققة مسبقا، وحل معضلة النمو الذي لا يخفض نسبة البطالة يكمن في الشق الغائب والمتعلق بضرورة توفير شروط العمل اللائق في القطاعات التي تستحوذ العمالة الوافدة فيها على فرص العمل المتولدة، ففي النهاية لن يكون بمقدور العامل الأردني منافسة الوافد نظرا إلى طبيعة الالتزامات المترتبة على الإثنين، وهذا السبب إضافة، إلى الأبعاد الأخرى لسوق العمل، هي التي بررت وضع قيود على حركة العمالة في معظم دول العالم.

* مدير عام مركز الدراسات الاستراتيجية

في الجامعة الأردنية

هل تحل العمالة المحلية محل الوافدة ؟
 
01-May-2008
 
العدد 24