العدد 24 - علوم وتكنولوجيا
 

"محمد عدي" الريماوي

للذكاء الاصطناعي تطبيقات عديدة تجاوز القدرات التقليدية للآلة، وتحاول رفع "سويتها العلمية والحسية" إلى مستويات غير مسبوقة. ويعمد العلماء إلى استخدام عدة طرق وأدوات للوصول إلى حلول لمشاكلهم ويبنون عليها تطبيقات بعضها منطقي والثاني يقارب الخيال ويكاد لا يصدق، ولكنه يفاجئ كل المشككين.

يستند الذكاء الاصطناعي إلى مبادئ معقدة ونظريات مأخوذة من علوم كثيرة، ويتم استخدام هذه المبادئ للوصول إلى أفضل الحلول، وبعض هذه المبادئ هي:

البحث (Search): يتم استخدام الآلات للبحث في الحلول المتوافرة لدى العلماء، وتوفر هذه الطريقة الكثير من الجهد والوقت اللازمين لاختبار أي حل من الحلول المطروحة. وهناك أكثر من خورازمية (طريقة حل) يستخدمها العلماء لإتقان عملية البحث، وتختلف الطريقة المعتمدة في البحث، حسب التطبيق المستخدم وحسب البيئة المحيطة بهذا التطبيق.

المنطق (Logic): يعتبر استخدام المنطق في البرمجة الحاسوبية أمراً شائعاً، ويقصد بالمنطق هنا العلاقات بين الأشياء، والبحث في صحة الجمل باستخدام أدوات الربط بين الكلمات. ويتميز استخدام المنطق بـ"التراتبية" ويقصد بها تغير معنى الجملة إذا تغير ترتيبها، والتنظيم البنائي الذي يقصد به الخروج بحقيقة ما بناء على حقيقة سابقة. وتكون النتيجة خوارزميات سهلة التطبيق، ويتم استخدامها مباشرة في البرامج المختلفة. نظريات الاحتمالات (Probabilistic Theory): تعد نظريات الاحتمالات حجراً مهماً في بناء الذكاء الاصطناعي، فكثيراً ما تحتاج الآلة الاختيار من متعدد، وتلجأ بذلك لهذه النظريات، ومن خلالها أيضاً يتم استخدام المعلومات حتى لو كانت غير كاملة. ويستفاد من التطبيقات المعتمدة على الاحتمالات، في علم الاقتصاد وعلوم اتخاذ القرارات في الشركات الكبرى.

التصنيف (Classification): تعد هذه الوظيفة من الوظائف الأولى للآلات، إذ أنها تعتبر بسيطة جداً ويمكن الاستفادة منها بسرعة، إذ يعمد العلماء إلى إدخال مجموعة مترابطة من الأشياء ليتم تصنيفها في فئات معينة، ويتم تخزينها في ذاكرة الآلة بشكل دائم. وتغدو مهمة الآلات بعد حفظ الفئات وأنواعها، أن تقوم بتصنيفات متقدمة، واتخاذ أفعال بناء على مقاييس محددة مسبقاً.

الشبكات العصبية (Neural Networks): يعد علم الشبكات العصبية من أصعب العلوم التي يستخدمها العلماء، وقد تم الحديث عنها قبل الحديث عن الذكاء الاصطناعي. وتعد نظريات الشبكات العصبية معقدة جداً ويتم فيها استخدام خوارزميات تحتاج الكثير من التحليل، ويتم الاستفادة من هذه الشبكات في تطبيقات التعليم، لإيصال الآلة لدرجة متقدمة من الربط بين المدخلات والمخرجات.

نظرية التحكم (Control Theory): ظهرت هذه النظرية من علم التحكم والجمع الذي يعد من أكبر العلوم، ويختص بكثير من المواضيع وأحدها هو علم التكنولوجيا. أما هذه النظرية فقد أوجدت القدرة لدى العلماء لصناعة الروبوتات، فبرمجتها والتحكم بها والسيطرة على مجريات أفعالها، لا يتم إلا من خلال تطبيق هذه النظرية، التي يحتاجها فهمها والعمل عليها، لوسائل تقنية متقدمة وعقول نيرة جداً.

أما المشاريع القائمة على الذكاء الاصطناعي فهي غير عامة، وقلما ما نجدها في متناول اليد وتساعد الناس بشكل مباشر، ولكن هناك بعض الجامعات والشركات التي تحاول إيجاد تطبيقات بسيطة لمساعدة الناس وتسهل أعمالهم، ونذكر منها:

المرأة الافتراضية (Virtual Woman): رغم أن هذا المشروع لا يتعدى كونه لعبة كمبيوترية، إلا أن ما يحتويه من برمجة وتطبيقات يشمل: الحقيقة الافتراضية، التشات بوت (برنامج للتواصل بين الكمبيوتر والإنسان)، وبالطبع الذكاء الاصطناعي. عبر هذا المشروع تمكن الناس من التعامل مع حقيقة وجود عقل ومشاعر لدى الآلة. وأثار هذا المشروع جدلاً واسعاً حديثاً طويلاً عند صدوره في أواخر الثمانينيات، ولكنه يبقى من أشهر التطبيقات التي جمعت أعقد المواضيع في علم التكنولوجيا.

شياي SHIAI (Semi Human Instinctive Artificial Intelligence): يطمح هذا المشروع لزرع الغرائز والمواهب في الآلات، ويتم الاستعاضة عن التعليم هنا بالغرائز، فتتحرك الآلة وتتصرف كما الطفل الصغير، الذي لم يتعلم بعد ويستمع إلى غرائزه فقط. بدأ العمل في هذا المشروع منذ 2000 في جامعة أزاد الإسلامية في إيران، ويعتمد مبدأه الأساسي على تقسيم المشكلة إلى فروعها الأساسية، والوصول إلى الطريقة الفضلى للحل اعتماداً على غريزة الآلة.

دييب بلو (Deep Blue): طورت شركة IBM لعبة الشطرنج هذه في اوائل التسعينات، في العام 1997 هزمت هذه اللعبة بطل العالم الشهير جاري كاسباروف، في مباراة من ستة أشواط أجريت على مدى أكثر من سنتين، وفي النهاية هزم كاسباروف واتهم الشركة بالغش وبأنها استخدمت أساليب ملتوية، ولكن IBM رفضت هذا الاتهام، وأوقفت اللعبة عن الاستخدام. وهذا يدل على أن البشر لم يتكيفوا بعد مع فكرة أن تهزمهم آلة من اختراعهم هم.

لا نجد الكثير من مراكز البحث والمختبرات في العالم تختص بأبحاث الذكاء الاصطناعي، ولكن هناك بعضها يقوم بإجراء تجارب قائمة على هذا الحقل، وأهمها الموجودة في جامعة ماساشوستس للتكنولوجيا التي تعد الأفضل في العالم في هذا المجال، ويعمل فيها الكثير من عباقرة الذكاء الاصطناعي، وتعمل على تطوير البرامج وإجراء التجارب بشكل دوري.

ويبقى السؤال الذي يدور في أذهاننا، وخصوصاً نحن كعرب الذين لا نتواصل كثيراً مع التكنولوجيا الحديثة: كيف لهذا الحقل أن يلامس احتياجاتنا ونستفيد منه بشكل علمي ومباشر؟ يساعد الذكاء الاصطناعي في المراحل المتقدمة من التشخيص الطبي، وفي تجارة الأسهم، الاكتشافات العلمية وعلوم القانون. ورغم أنه لا يخطر على بال أحدنا كيف لهذه المواضيع أن ترتبط بالذكاء الاصطناعي، ولكن دور الآلات عند القيام بما يعجز عنه الإنسان. ويكون هذا من جانبين: جانب التفكير الذي تكون فيه الآلات أسرع وأدق من الإنسان، وأن تصل للحل الأفضل بوقت أقل، ويستفاد من هذا في التوقعات للأسهم (على أساس ما يسمى بتمييز الأنماط) والحصول على نتائج بعض التجارب العلمية المعقدة. وفي جانب الأداء عندما تبرع بعض الروبوتات في أداء بعض العمليات الجراحية المعقدة، والقيام بالكثير من العمليات الخطرة في أماكن صعبة مثل المناجم وبعض تجارب الطيران.

وتعد اليابان من الدول الرائدة في تطبيق الذكاء الاصطناعي، إذ تجاوز عدد الروبوتات المستخدمة في القطاعات المختلفة أكثر من 800 ألف روبوت، وتقع الولايات المتحدة الأميركية في المركز الثاني. ولم نتعلم نحن العرب بعد لغة التواصل مع الآلات.

**

بطوله للإنسان الآلي في اليابان

أقامت اليابان مؤخرا في مدينة فوكوكا اليابانية بطوله مميزة جدا خاصة بالإنسان الآلي هي أشبه بحروب الفضاء الخيالية وألعاب الكمبيوتر الخاصة بالحروب ، حيث عقدت المنافسة بين الإنسان الآلي من نوع Kondo>s KHR-1HV المدش بأسلحة من الليزر وأجهزة استشعار عن بعد ، ثم تشتعل الحرب بين أجهزة الإنسانa الآلي في مدينة اصطناعية .

وانتقد بعض الخبراء التكنولوجيا تلك البطولة، حيث يرون أن الإنسان حينما يسعى إلى استغلال ذكائه وابتكاراته في الاستخدامات السيئة للإنسان الآلي فإنه قد يجلب الدمار على البشرية ولكن من الأفضل أن يتم توجيه استخدامات الإنسان الآلي إلى المجالات الأكثر نفعا مثل الأعمال المنزلية أو رعاية الأطفال أو الكبار والمسنين أو حتى في العمليات الجراحية وغيرها.

الذكاء الاصطناعي: المبادئ العامة والتطبيقات المميزة
 
01-May-2008
 
العدد 24