العدد 1 - أردني
 

خلافاً لكل المراهنات والتوقعات، استكملت الحكومة مرحلة التحضير للانتخابات النيابية دون أن تتخذ قراراً بزيادة عدد المقاعد المخصصة للنساء، أو ما يعرف بالكوتا النسائية، ،وبهذا يتعين على جميع المرشحات أن يتنافسن على ستة مقاعد فقط، إذا لم ينجحن في اختطاف بعض المقاعد الإضافية في السباق المفتوح مع الرجال.

ورغم أن الكوتا النسائية، أقرت بقانون مؤقت حمل الرقم 11 لسنة 2003، قبيل إجراء الانتخابات النيابية في حزيران 2003، إلا أن القانون المشار اليه اكتفى بإقرار مبدأ الكوتا وطريق احتساب الفوز على مقاعدها، ولم يتطرق إلى عدد المقاعد المخصصة لها، حيث ترك ذلك للنظام الصادر عن مجلس الوزراء رقم 27 لسنة 2003، والذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من نظام تقسيم الدوائر الانتخابية والمقاعد المخصصة لها رقم 42 لسنة 2001، وهذا يعني أن تغيير عدد مقاعد الكوتا لم يكن يحتاج لإصدار قانون مؤقت في غياب مجلس الأمة، وإنما مجرد تعديل نظام تقسيم المقاعد الانتخابية المشار اليه، وهو ما يقع ضمن ولاية مجلس الوزراء الدستورية.

وينبغي الذكر أن مجلس الوزراء بإبقائه عدد مقاعد الكوتا دونما تغيير، إنما يكون قد تجاهل إجماع الحركة النسائية ومنظمات المجتمع المدني الداعمة لها على زيادة عدد المقاعد الى 12 مقعداً كحد أدنى، بحيث يتم تخصيص مقعد نسائي لكل محافظة، تفوز به المرشحة التي تحوز على أعلى الأصوات في الدوائر الانتخابية للمحافظة.

وقد جاءت هذه المقترحات بعد سلسلة من عمليات التقييم لتجربة الكوتا النسائية الأردنية، التي توجت بعقد اللجنة الوطنية لشؤون المرأة مؤتمراً في صيف عام 2004، حول المرأة والمشاركة السياسية، تمخض عن وضع خطة عمل للمرأة الأردنية، اشتمل الجانب التشريعي منها على المقترحات الخاصة بتطوير الكوتا. وقد سعت هذه المقترحات الى استيعاب الانتقادات التي وجهت الى النتائج التي أسفرت عن تطبيق الكوتا.

وفي تقييم الكوتا النسائية الأردنية، فإنه يمكن القول إنها تتميز بسمات ايجابية وسلبية معاً. أما أبرز سماتها الايجابية فهي انها «كوتا مفتوحة»، اي أنها لا تحد من حق النساء في المنافسة على جميع مقاعد مجلس النواب، خلافاً للكوتا المغلقة التي تقيد هذا الحق، كما هو حال كوتا المقاعد المسيحية ومقاعد الشيشان والشركس ودوائر بدو الشمال والوسط والجنوب.

بالمقابل، فإن الثغرات التي انطوت عليها الكوتا النسائية إنما تكمن في محدودية عدد المقاعد المخصصة للنساء التي اقتصرت على ستة مقاعد فقط، الأمر الذي ساهم في إبراز عيوب إضافية لطريقة تطبيق الكوتا، تمثلت في ضعف فرص الفوز للمرشحات في الدوائر الانتخابية الكبيرة من حيث عدد الناخبين فيها، ولا سيما في محافظات العاصمة واربد والزرقاء وجرش، فمثلاً حصلت آمنة الخصاونة وفايزة الزعبي (اربد الأولى) على 2224 و1942 صوتاً على التوالي، وحصلت فاطمة الخطيب وناديا بشناق (الزرقاء الأولى) على 1924 و1171 صوتاً على التوالي، وحصلت سهام الصالح من جرش على 1404 أصوات، وحصلت وجدان الساكت (عمان الثالثة) على 1211 صوتا، كما حصلت رفقة دودين (الكرك الأولى) على 1159 صوتاً، ونجاح أبوهزيم (البلقاء الأولى) على 1017 صوتاً. لكن لم تحصل أي من هؤلاء السيدات على النسبة المئوية التي تؤهلها للفوز بأحد المقاعد الستة، رغم حصولهن على أصوات تفوق ما حصلت عليه بعض الفائزات.

أما بشأن طريقة احتساب الفوز بمقاعد الكوتا، فهي طريقة عادلة من حيث المبدأ، لأنها لا تتجاهل الفروق في الفرص بين دائرة كبيرة وأخرى صغيرة للحصول على العدد نفسه من الأصوات. لكن ينبغي الاعتراف أنه في ظل الحياة السياسية القائمة في البلاد، ليس هناك مرونة في الحصول على أصوات أكثر كلما أصبحت الدائرة أكبر، ما دام أن الخيار الحزبي او السياسي ليس هو العنصر الحاسم في قرار الناخب. لهذه الأسباب مجتمعة كان المأمول هو أن يتم تطوير الكوتا النسائية بما يكرس ايجابياتها ويقلص ثغراتها في التطبيق من خلال على الأقل تخصيص مقعد لكل محافظة تفوز به من تحصل على أعلى الأصوات في دوائر المحافظة الانتخابية.

وفي ضوء هذه الإشكاليات، فإن من المتوقع أن يتركز الانتباه في انتخابات يوم 20 تشرين الثاني المقبل، على ما اذا كانت مقاعد الكوتا الستة، ستكون من نصيب الدوائر الكبيرة أم الصغيرة، وعلى ما اذا كانت تجربة الكوتا خلال الدورة البرلمانية السابقة، ستعزز فرص النساء للفوز بمقاعد إضافية إلى جانب مقاعد الكوتا أم لا.

الحكومة تخذل نساء الأردن – حسين أبو رمان
 
08-Nov-2007
 
العدد 1