العدد 23 - أردني
 

منصور المعلا

لم تفلح حكومة نادر الذهبي بعد إلغائها اتفاقية كازينو البحر الميت بتفسير «الإجحاف» الذي لحق بالطرف الأردني على الرغم من توفير إيرادات تقدر بمليار دولار للخزينة، فيما تنازلت الحكومة عن أراضي مقابل الشرط الجزائي.

الغاء المشروع اثار جملة من الانتقادات، لارتفاع الثمن الذي قدمته الدولة للمستثمر (100 دونم على شاطئ البحر الميت اضافة الى 50 دونم بمكان قريب من الشاطئ و50 دونم في منطقة شفا بدران) علاوة على انعدام الشفافية في الكشف عن المشروع في حينه.

الحكومة اكتفت بالغاء اتفاق الحكومة السابقة مع المستثمر كردي يحمل الجنسية البرطانية دون الافصاح عن هويته فيما علمت «السجل» انه يدعى «ايثروا اد زاد» فيما بقي موقع المشروع على شاطئ البحر الميت دون تحديد.

في المقابل تخبطت حكومة البخيت السابقة ما بين الموافقة على التوقيع او التراجع، حيث أوقفت الاتفاقية بعد اسبوع من الموافقة عليها في 3 تشرين الاول ,2007 بعد ان تم تفويض وزير السياحة السابق اسامة الدباس بالتوقيع عليها نيابة عن الحكومة، الا انها عادت في 6 تشرين ثاني 2007 الى تأجيل العمل بالقرار حتى اشعار اخر, ولم يقم المجلس بتبليغ المستثمر، حيث تنص الاتفاقية على الزام الحكومة بتبليغ المستثمر بوقف العمل بها.

رئيس الوزراء اكد للنواب على ان المستثمر أبلغ الحكومة السابقة باسم المشغل في 6 تشرين ثاني 2007 وفقا لنص الاتفاقية التي قررت الحكومة الجديدة «حكومة نادر الذهبي» وقف العمل بها في 29 تشرين ثاني 2007 لدراستها.

قرار الغاء اتفاقية المشروع جاء بعد سلسلة اجتماعات قانونية مكثفة ومفاوضات مع المستثمر ارغمت الحكومة على التنازل عن الارض مقابل تخليه عن شرط جزائي منصوص عليه في بنود الاتفاقية وكان يمكن ان يكلف خزينة الدولة غرامات طائلة قد تصل لمليار دينار.

قرار الغاء الاتفاقية لقي استحسان من التيار الإسلامي الذي عبر عن رضاه من الخطوة الحكومية في لقاء جمع النواب بالحكومة، حيث اعتبر نائب اسلامي فضل عدم كشف اسمه ان مشروع الكازينو كان انصياعا لرغبة "حيتان السياحة وبزنس الترفيه" بعد النجاح الباهر الذي حققه كازينو اريحا الذي تجمدت نشاطاته.

"دعاة الانفتاح الاقتصادي الراغبين باستنساخ تجربة اريحا علي شواطيء البحر الميت يحجمون عن التعبير علنا عن ارائهم ومواقفهم لانعدام شعبيتها" بحسب نفس النائب فيما يعبر النائب الاسلامي حمزة منصور عن وجود خلل " عقائدي" لدى الذين نصحوا الحكومة بانشاء هذا المرفق فيما يمتنع (العدو الصهيوني) عن انشاء كازينو داخل حدوده".

الاتفاقية "المجحفة" بحق الدولة الاردنية، بقيت في الادراج وفي السر نظرا لحساسية مضمونها، ورغم ان الارادة توافرت مسبقا في لابقاء القضية حبيسة الادراج والكواليس الا ان تسليط الضوء عليها اعلاميا ادى الى تحرك نيابي علني معارض ضمنيا لاقامة الكازينو.

النائب فخري سكندر عضو الجنة القانونية في مجلس النواب اشار الى ان تكليف الجنة القانونية بأجراء تحقيق في اتفاقية الكازينو في حال عدم انعقاد المجلس يتم من خلال المكتب الدائم، الا انه نفى أي علم له في ما اذا تم توجيه مثل هكذا تكليف.

اسكندر تحدث عن ان انشاء الكازينو « بعيدا عن مفاهيم الحلال والحرام « كان مجديا حيث تمكنت الحكومة من الحصول على 40 بالمائة من مدخلات هذه الاستثمار في حين كانت حكومة علي ابو الراغب 2000 الى 2003 كانت قد تفاوضت على 25 بالمائة من الريع فيما كانت كازينوا اريحا يدر دخل للحكومة الفلسطينية بالمبلغ نفسه.

رئيس تحرير العرب اليوم طاهرالعدوان يشيرا في مقاله في العرب اليوم الى "خلل اداري ادى أي اعطاء الحكومة السابقة ورئيسها المبررات والدوافع لتوقيع اتفاقية الكازينو وفي النتيجة ان المستثمر- في الحالتين - رابح وان البلد في الحالتين خاسرة, لانها تدفع ثمن قرارات متضاربة ومتناقضة".

ويحمل العدوان الجهاز الاداري مسؤولية الخسارة في كلا الحالتين حيث عمل على توظيف جميع المبررات والاسانيد التي تخدم قرار رئيس الحكومة السابق بالموافقة على اقامة كازينو على البحر الميت .

وعمد الجهاز الاداري، على توظيف المبررات والاسانيد التي تخدم القرار الحكومي بالغاء اتفاق الكازينو, مع تحمل الخسائر، مع منحه تعهداً بان الأولوية في الرخصة له ان فكرت أي حكومة مقبلة في اقامة كازينو. تراجع الحكومة عن الاتفاقية واجه صعوبة كون النص القانوني اعتبر القوانين البريطانية هي المرجعية لها لا القوانين الاردنية, وفي حال الخلاف على بنود الاتفاقية يتعين اللجوء التحكيم في لندن وليس في مكان اخر.

ورجح محامون بريطانيون ان نسبة نجاح الحكومة بالحصول على قرار ايجابي باتجاه منحها الحق بالتنصل من الاتفاقية في حال اللجوء الى التحكيم تتراوح ما بين 50% الى 60% , فضلا عن تأكيدهم على ان اللجوء للتحكيم يحمل مخاطرة كبيرة وفي حال خسارة الحكومة للقضية فانه سيترتب عليها دفع غرامة مالية.

وكان المجلس الوطني للسياحة اتخذ قرارا باعتبار نشاط الكازينو من ضمن الانشطة السياحية المسموحة, وقام وزير السياحة السابق بتسيب الى مجلس الوزراء بالموافقة على الاتفاقية التي تسمح باقامة صالتي كازينو في البحر الميت والمعبر الشمالي لجسر الملك حسين وعلى اراضي الخزينة التي قام مجلس الوزراء بتحديدها.

فيما نص القانون المدني الأردني في المادة 915 في الفقرة 2 على انه «لمن خسر في مقامرة او رهان محظور ان يسترد ما دفعة خلال ستة اشهر ابتداء من الوقت الذي ادى فيه ما خسره ولو كان هناك اتفاق مخالف لما ذكر ، وله ان يثبت مدعاه بجميع طرق الاثبات».

الحكومة السابقة تلقت ثلاثة عروض مالية لبناء كازينو في منطقة البحر الميت هي شركات "Casino Austria ", وشركة " Empire ", وشركة " Oasis Holding Investment ", وبعد تحليل العروض المالية المقدمة وبعد الاسترشاد كذلك بالعرض المقدم عام 2003 لمنطقة المعبر الشمالي والعرض المقدم لمنطقة العقبة الاقتصادية الخاصة, تبين ان العرض المقدم من شركة"Oasis Holding Investment "هو افضل العروض وانسبها.

ويتضمن عرض الشركة دفع رسوم ترخيص بقيمة 2 مليون دولار على دفعتين, ورسوم سنوية بقيمة مليون دولار, على ان يدفع الكازينو للحكومة نسبا مالية من صافي المبالغ المتأتية من لعب القمار حيث سيدفع نسبة 15% عن صافي قيم اللعب من صفر الى 10 مليون دولار, ونسبة 20% عن قيم اللعب من 10 مليون الى 20 مليون دولار, و 25% عن صافي قيم اللعب من 20 مليون الى 30 مليون دولار, و 30% عن صافي اللعب من 30 مليون الى 40 مليون دولار, و 35% عن صافي قيم اللعب التي تتجاوز 50 مليون دولار.

وكان رئيس الوزراء قد وجه في 31 تشرين الاول رسالة لوزير السياحة ابلغه فيها بموافقة مجلس الوزراء على استثناء قطع الاراضي المقابلة لقطع الاراضي ذوات الارقام " 61 و62 و 63 " في منطقة " Zone 6 " التي تم توقيع الاتفاقية بشأنها ما بين الوزارة والشركة من آلية تأجير الاراضي الواقعة على الشاطئ الشرقي للبحر الميت والواردة بقرار مجلس الوزراء رقم " 2545 " الصادر بتاريخ 4 كانون الاول 1999 من اجل انشاء مشروع سياحي لشركة " Oasis Holding Investment " عليها.

على الرغم من التقاء التيار الاسلامي مع الحكومة في وجوب الغاء الاتفاقية ألا ان حديث الحكومة عن اجحاف وقع يبقى مثار جدل كون المشروع أعتبر من وجهة نظر اقتصادية مربحا فيما يبقى المبرر الديني للحكومة غير مقنع في ظل اجواء الانفتاح التي تشهدها البلاد.

“الكازينو” حكومة تمسح بالممحاة ما وقعته سابقتها
 
24-Apr-2008
 
العدد 23