العدد 23 - كتاب
 

اتسعت الاختلالات في تجارة الأردن الخارجية، وتزايد واقع العجز في الميزان التجاري لتقفز قيمته في نهاية 2007 إلى 15.552 مليون دينار مقابل 4.498 مليون دينار نهاية 2006، بارتفاع 10054 مليون دينار، اي بما نسبته 23 بالمئة، لتتجاوز قيمة الخط الأحمر بتخطيها نسبة 50 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

تحقق العجز القياسي الأخير كمحصلة لمستوردات كلية متصاعدة بقيمة 9.594 مليون دينار مقابل مستوردات بمبلغ 8.187 مليون دينار في 2006، بارتفاع 1.407مليون دينار بمعدل 17 بالمئة، مقابل زيادة في الصادرات الكلية أقل من 3.690 إلى 4.041 وبارتفاع 351 مليون دينار بنسبة 10 بالمئة فقط.

الاتجاهات السابقة ليست وليدة اللحظة بل هي ظاهرة استمرت في التحقق المتسارع منذ 2003، عام الاحتلال الأميركي للعراق، وبعجز 1.887 مليون دينار حتى نهاية 2007، بعجز 5.552 مليون أو ما يقارب 3 أضعاف، ما يؤكد الاختلالات في تجارة الأردن الخارجية التي استمرت خلال الشهرين الأولين من 2008 بعجز بليوني دينار مقابل عجز 754 مليون دينار خلال الفترة نفسها من 2007 وبنسبة ارتفاع 33 بالمئة، يؤدي إلى مخاطر استنزاف أكيد لاحتياطي الأردن من العملات الأجنبية و/أو تفاقم أرقام المديونية أو كليهما معاً.

اختلالات وتشوهات تجارة الأردن الخارجية لا تقتصر على الاتجاهات الرقمية السلبية لقيم كل من المستوردات والصادرات والعجز، بل هي تلاحظ أيضاً عند رصد وتحليل القيم والاتجاهات التفضيلية للمفردات والبنود المكونة لكل من الصادرات والمستوردات.

باستثناء الجانب المتقدم لتواصل خط الزيادة في قيمة صادرات الأدوية ومستحضرات الصيدلية الأردنية التي قفزت من 200 مليون وصولا إلى 300 مليون دينار بنسبة 43 بالمئة، فإن صادرات الخضار قفزت بدورها من 162 إلى 273 مليون دينار، أي بنسبة 69 بالمئة، على حساب نقص حاد في المعروض منها في السوق المحلية، وتدني نوعيتها وجودتها، وارتفاع حاد في أسعارها المحلية.

كذلك، ارتفعت قيمة صادرات البوتاس والفوسفات والأسمدة وبنسب زادت على 20 بالمئة بسبب ارتفاع أسعارها في الأسواق الدولية، وليس نتيجة لزيادة موازية في كمية إنتاجها وتصديرها، كما يُلاحظ أيضاً تركز كبير في صادرات الألبسة وبنسبة 27 بالمئة من الصادرات الوطنية الكلية، التي يتم تصدير 90 بالمئة منها إلى سوق واحدة هي السوق الأميركية، إذ يجري تسهيل التصدير إليها بدون سقوف كمية وبدون فرض رسوم جمركية بدافع الرغبة الأميركية في تشجيع وتفعيل شرط مشاركة المؤسسات الإسرائيلية في ملكية ونشاط مشاريع المناطق الصناعية المؤهلة، بنسبة 8 بالمئة كحد أدنى، فيما يمكن أن تتلاشى التسهيلات الأميركية أو يتم التراجع عنها في أي وقت في المستقبل عندما يكون ذلك لصالحها وصالح حليفها الإسرائيلي.

اشتدت الاختلالات في قيم ونوعية معظم عناصر ومكونات المستوردات الرئيسية، فالآلات والأجهزة الكهربائية زادت مستورداتها بنسبة 36 بالمئة والحديد بالنسبة نفسها، كما قفزت الحبوب المستوردة بنسبة 64 بالمئة. كما تواصل نزيف مستوردات أجهزة الاتصالات الخلوية لتتجاوز نسبة 6 بالمئة من المستوردات الكلية.

نتيجة لتضخم العجز التجاري إلى هذا المستوى العالي بالقيمة والنسبة، لم يعد بمقدور الصادرات غير المنظورة، مضبوطات الأردن من حوالات المغتربين، صافي إيرادات السياحة، وباقي وفورات عناصر ميزان المدفوعات وحساب رأس المال تغطية العجز التجاري الكبير، لتكون المحصلة تحول رصيد الحساب الجاري من قيمة موجبة عالية قبل 2005 إلى قيمة سلبية تزايدت لتصل إلى 1277 مليون دينار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2007.

حتى لا يستمر العجز التجاري في النمو على هذا المنوال، فإنه لا بد من تصويب النهج الاقتصادي الانفتاحي المتبع نحو مزيد من فرض الرسوم والقيود على السلع المستوردة الكمالية، والتغيير في هيكلية الاقتصاد الأردني لصالح تنمية القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية، وتبني التوجهات والسياسات والأهداف الاقتصادية والاجتماعية الأكثر عدالة وتوازناً.

أحمد النمري: عجز قياسي في الميزان التجاري
 
24-Apr-2008
 
العدد 23