العدد 23 - احتباس حراري
 

يؤثر ارتفاع درجة حرارة الأرض على الحياة فيها، ما سيسبب فوضى بيئية تؤدي إلى انقراض بعض أنواع الحيوانات والنباتات، أو إلى تغير في سلوك بعضها الآخر وشكله.

ومن ضمن التغيرات التي لاحظها العلماء، أن هنالك نوعاً من السناجب بدأت تنهي فترة بياتها أبكر بثلاثة أسابيع عما كانت تفعل قبل 30 عاماً، وأن الدب القطبي يبدو اليوم أكثر نحولا مما كان عليه قبل 20 عاماً، وأن كثيراً من الأسماك بدأت تهاجر نحو المناطق الشمالية بحثاً عن مياه أبرد.

على مدى عقود، كان الاحتباس الحراري موضوع جدل شديد. فهنالك من يرى أن الإنسان هو من سبب هذه الكارثة، ومنهم من يرى أن الاحتباس الحراري تغير طبيعي وجزء من دورة الحياة.

ويقول الباحث في جامعة ستانفورد تيري رووت أن العلماء يجادلون في السبب الكامن وراء ارتفاع درجة حرارة الأرض غير مكترثين بالدلائل القطعية بأن الأرض تتعرض لخطر حقيقي، وهو ما بدأت بعض الحيوانات في إثباته.

وفي دراسة تناولت التغيرات التي أظهرتها بعض الحيوانات والنباتات بسبب التغير المناخي أعدها رووت وزملاؤه في العام 2003، تبين أن هنالك 1200 نوع من الحيوانات والنباتات من أصل 1500 نوع شملتها الدراسة ظهرت عليها بعض التغيرات الناجمة عن تأقلمها وتكيفها مع الاحتباس الحراري وتأثيراته.

وبيّن الباحثون أن الكائنات أظهرت عدة طرق للتكيف مع هذه الظاهرة، فهي بدأت تهاجر إلى مناطق الشمال مدفوعة بسعيها نحو التكيف، ولكن وجود الإنسان في هذه المناطق جعل من الصعب على بعض هذه الأنواع العيش في المناطق الشمالية، ما جعل هذه الأصناف المعزولة تبدأ تدريجياً بالاختفاء.

كما بينت دراسة أخرى أجرتها جامعة ستانفورد وقامت بفحص المستحاثات القديمة، أن الاحتباس الحراري يمكنها من لعب دور في تقليل التنوع الجيني بين الحيوانات، الذي يتم من خلال الاتصال بين الأنواع المختلفة من الكائنات داخل الفصيلة الواحدة، وهذا يعني أن تتحول تلك الكائنات إلى مخلوقات ضعيفة ومهددة بالإصابة بالأمراض، ومن ثم الانقراض.

كان العلماء في السابق يعتقدون أن سلوك التكيف مع الوضع الحراري الجديد داخل فصيلة معينة من الكائنات يتم بشكل متساو، وأنه يتم بينها كمجوعة، ولكن ما يحصل في الواقع أن كل فرد داخل المجموعة يتكيف وحده ويتشكل له سلوك منفرد، ما يؤدي، من ثم، إلى تفريق هذه المجموعات.

كما أظهرت بعض الكائنات تغييرا في أجندتها الطبيعية، كتغيير وقت الهجرة والتزهير ووضع البيوض على سبيل المثال، ما سيؤثر في النظام البيئي السائد، لأن سلوك الحيوانات في أوقات تكاثرها وهجرتها مرتبط ببعضه، وأي تقديم أو تأخير في هذا السلوك سيؤثر سلباً في البيئة.

ولاحظ العلماء أن أشكال الحيوانات والكائنات تتغير لتتكيف مع الوضع الجديد، فالكائنات في الأماكن الحارة شهدت صغراً في حجمها في حين كبر حجم تلك التي تعيش في المناطق الباردة. كما أظهرت حيوانات أخرى تغيراً جينياً، كما حدث مع السنجاب الأحمر.

ويبين رووت أن الاحتباس الحراري سوف يشكل خطراً كبيراً على جميع أنواع الكائنات التي تعيش على الأرض بما فيها الإنسان، فقد حذرت دراسة حديثة نشرها مركز التغير المناخي في فيرجينيا، من أن ارتفاع درجات الحرارة سوف يؤثر سلباً في صحة الإنسان.

وفي كارثة جديدة من كوارث الاحتباس الحراري، التي تخطت حواجز المياه وداهمت ما بها من مخلوقات، أضعف التغير المناخي حاسة السمع لدى بعض أنواع الأسماك، ما جعل من الصعب عليها العثور على مأوى لها.

وأكد الخبراء أن نحو 70 نوعاً من الضفادع انقرضت بسبب التغيرات المناخية، كما أن الأخطار تحيط بما بين 100 و 200 من أنواع الحيوانات التي تعيش في المناطق الباردة. 

ويبدي العلماء قلقاً تجاه بعض حيوانات المناطق الباردة مثل البطريق والدببة القطبية، وكيفية تأقلمها مع سرعة ارتفاع درجة حرارة الأرض، فقد تراجعت أعداد بعض أنواع البطريق المسمى "الإمبراطور" من 300 زوج بالغ إلى تسعة فقط في القطب الغربي فضلاً عن الدببة القطبية التي تراجعت أعدادها وأوزانها.

لذلك يعتقد رووت أن من المشجع رؤية بعض الدول والحكومات وقد بدأت في وضع البيئة على أجندة عملها، ويقول: «ما نريد أن نراه هو تفعيل قوانين تغيير أنواع السيارات واستخدام الطاقة البديلة من أجل تخفيف الأضرار».

الحياة البرية الضحية الأكبر للاحتباس
 
24-Apr-2008
 
العدد 23