العدد 1 - أردني
 

ما زالت الأحزاب (معارضة ووسطاً) غائبة بشكل كبير عن الحراك الانتخابي، بموازاة حراك مكثف لقوى عشائرية أعلنت منذ مدة عن أسماء مرشحيها للانتخابات المقبلة.

وفيما اعتبرت أحزاب بأنه من المبكر تسمية مرشحين، بدأت عشائر كثيرة بوضع اللمسات الأخيرة على عملية الترشيح للانتخابات المقبلة.

ويرى مراقبون وسياسيون أن الانتخابات المقبلة ستكون منافسة بين 37 حزباً سياسياً مرخصاً من جهة و«حزب العشيرة» من جهة ثانية، بتفوق واضح لـ«الحزب الأخير» من حيث عامل الوقت والفرصة في الوصول إلى البرلمان.

وتحمّل الأحزاب بجميع أطيافها قانون الانتــخـاب الحالي مسؤولية غيابها عن المشهد الانتخابي، باعتبار أن قانون الانتخاب المعمول به حالياً ساهم في النهوض العشائري، وبروزه على حساب الدور الحزبي، لدولة تتقدم باعتبارها دولة مؤسسات وقانون.

وتعتقد أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني ونقابات وهيئات شبابية ونسائية أن الحكومة تساهم في تغييب الأحزاب عن المشهد من خلال إصرارها على القانون الحالي قانون الصوت الواحد دون تعديل، معتبرين أن ذلك من شأنه التسبب في نكوص العملية الديمقراطية وعودتها إلى الوراء وتقليص العمل الحزبي.

كما تعتبر أحزاب ونقابات أن الحكومة (الحكومات) ساهمــت في إعــادة البـلاد عشرات السنين إلى الوراء من خلال قانـون الصوت الواحد الذي ساهم في «تقسيم المقسـم وتفتيت المفتت» وفق أمين أول حزب الشعب الديمقراطي (حشد) أحمد يوسف.

ويرى يوسف بأن فرصة الأحزاب في الوصول إلى البرلمان المقبل محدودة في ظل القانون الحالي حيث العشائرية هي العنصر الأبرز والأقوى والأشد تأثيراً، وتجد من يرعاها ويساهم في تقويتها وتعميق جذورها.

ويعتقد الأمين الأول لـ«حشد» الذي أعلن حزبه وأحزاب المعارضة مشاركتهم في الانتخابات النيابية المقبلة التي ستجري في العشرين من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، أن مشاركة حزبه، تأتي من أجل تعميق وجود الأحزاب في الأردن لدى المواطن والناخب، ومن أجل طرح البرامج السياسية لتلك الأحزاب، وعدم ترك الساحة السياسية التي من المفترض أن تكون للمتحزبين والسياسيين لجهات أخرى.

في السياق نفسه يرفض يوسف اعتبار مشاركة حزبه في الانتخابات المقبلة «مكياجاً تجميلياً» لتلك الانتخابات، وإضفاء شرعية على قانون الانتخاب محل انتقاد الأحزاب، معتبراً أن نقد قانون الانتخاب واعتباره سبباً في تفتيت العمل الحزبي وتهميشه، لا يعني بالضرورة مقاطعة الانتخابات المقبلة، ذاكراً أن قرار المقاطعة أسهل بكثير من المشاركة وتقديم رؤية الأحزاب حول أمور اقتصادية واجتماعية وسياسية. ورغم عدم إعلان حزبه عن قائمة مرشحيه أو مناصريه إلا أن يوسف يدعو متحزبيه للمشاركة الفاعلة في العملية الانتخابية، التي ستجري في العشرين من تشرين الثاني المقبل.

ويتفق أمين عام (الشيوعي الأردني) منيـــر الحمارنة الذي لم يعلن أيضا عن أسماء مرشحيه للانتـــخابات النيابية المقبلة، مع زميـــله يوسف في نقـــد قانون الانتخاب، معتبراً أن بداية النهوض بالديمقــــراطية تكــــون من تعديل القانون الحالي وتقديم قــــانون انتخاب يســـــاهم في تطــــوير العمل السياسي والحزبي والثقافي والاجتماعي.

واعتبر الحمارنة أن العمل الحزبي أساس التطور السياسي، وأن العشائرية استثناء طارئ فرضته المعطيات المتعلقة بقانون الانتخاب الحالي، مشيراً إلى أن القانون ساهم في جعل حزب العشيرة أكبر حزب سياسي (غير مرخص) في الساحة الأردنية، وأدى إلى تغييب العمل السياسي، وتراجع أداء المجالس النيابية.

وشدّد على أن العمل البرلماني لن يتطور إلا إذا تم التوافق على قانون انتخاب جديد ووجود رغبة سياسية لتحقيق ذلك، من خلال إدخال تعديلات دستورية تساهم في تحقيق هذا الهدف.

إلى ذلك يظهر أن الحراك الانتخابي لدى العشائر أكثر وضوحاً وعمقاً منه لدى الأحزاب، إذ تلتقي عشائر يومياً بهدف انتخاب مرشح إجماع، من جهة او لتجميع طاقاتها او معرفة قوتها الانتخابية من جهة ثانية.

ويظهر تأثير العشيرة في الانتخابات الحالية أكثر من ذي قبل، لإيمان المرشحين المفترضين بأهمية الإجماع العشائري وضرورة أخذ مباركة العشيرة على الترشيح، على اعتبار أن ذلك هو الطريق الوحيد للوصول إلى البرلمان.

ويعتبــر المرشح مجحم الصقور أن الإجماع العشائري «مهم وعامل حاسم لوصول اي مرشح للبرلمان»، معتبراً أن أي مرشح لا يحصل على إجماع عشيرته لن يحظى بفرصة المنافسة أو حتى الأمل بالفوز.

وتحفل الصحف اليومية بإعلانات التأييد والمؤازرة لمرشحين عشائريين، بينما تخلو تماماً من إعلانات لمرشحين سياسيين أو متحزبين.

وساهم إعلان حزب جبهة العمل لإسلامي بخوض الانتخابات النيابية المقبلة، في توسيع دائرة الحراك الانتخابي لدى الأحزاب التي ما زال حراكها بطيئاً وغير منظور. وتخلو يافطات مرشحين من أي حديث سياسي، وتتركز على هموم المحافظة والألوية على وجه التحديد، الأمر الذي يعتبره البعض خللاً سينعكس على البرلمان المقبل.

ويقول مواطن في دائرة عشائرية مغلقة إنه مجبر على انتخاب أفراد عشيرته، موضحاً أنه يفكر في القاء ورقة بيضاء تعبيراً عن رفضه لإجماع العشيرة التي لا يرى فيها إجماعاً صحيحاً، معتبراً أن ذلك سينعكس على مجلس النواب المقبل.

وتعتقد التيارات المحافظة أن وجودها سواء في مجلس النواب أو في الحياة العامة مبنيٌ في الأساس على مبدأ الصوت الواحد الحالي وأن أي غياب لهذا المبدأ من شأنه إبعادها عن صنع القرار المستقبلي، لذلك فإنها تعتقد أن تعديل القانون الحالي من شأنه خلق حالة توازن مستقبلية يساعدها على التمدد.

ويشكل قانون الانتخاب دوماً عقدة الحياة السياسية والبرلمانية ومحل خلاف دائم بين الحكومات والقوى الاجتماعية والسياسية، حيث أدى قيام الحكومة بإقرار مبدأ الصوت الواحد لإعلان حزب جبهة العمل الإسلامي أكبر الأحزاب المعارضة مقاطعة الانتخابات التي جرت عام 1997، إضافة إلى مقاطعة الانتخابات من قبل أحزاب معارضة أخرى.

ولاعتبارات سياسية وأمنية خضع القانون دائــــماً لتغييرات جوهرية منذ عام 1989 حتى خرج بصورته الحالية «الصوت الواحد» الذي تعتبره أحزاب وقوى أساسية عائقاً كبيراً في وجه الإصلاح المنشود.

وتطرقت اللـــجنــــــــة السياسية في الأجندة الوطنية لموضـــوع قانون الانتخــاب المقــبل مقتــــرحــة عـدة سينــاريوهــات مــنها القــانـون المختلط في القــائمــة النسبــيــة. ويعتقد حزبيون أ ن إجــراء الانتخابات دون تعديل للقانون من خلال منح الأحزاب حصـة مقبلة من شأنه أن يجعل الوضع الديمقراطي حبيساً، ولا يمكــنه الانطلاق على أساس أن وجود أحزاب في البرلمان المقبل من شأنه تغيــير وجه البـــرلمان نحو الأفــــضل، وإضفاء نوع من الديمقراطية البناءة على التجربة الأردنية التي آن الأوان لكي تتجذر وفق أمـــين عــام حـــزب اليسار الديمقراطي مـوسى المعايطة.

الصوت: للعشيرة أم للوطن – السجل خاص
 
08-Nov-2007
 
العدد 1