العدد 22 - أردني
 

حسين أبو رمّان

بين شكوك الرأي العام بقدرتها على إثبات فعاليتها، ومتطلبات التجديد والإنطلاق من جديد، تواجه الأحزاب السياسية التي هبط عددها من 37 إلى 16 حزباً تحديات المرحلة الجديدة بعد أن" صوبت أوضاعها القانونية" برفع عدد مؤسسيها من 50 إلى 500 عضو.

المرحلة المقبلة سوف تشهد إصدار نظام خاص بتمويل الأحزاب السياسية بعد أن رصدت الحكومة لهذا الغرض خمسة ملايين دينار أردني في موازنة الدولة للسنة المالية 2008.

مرحلة التصويب وإعادة الترخيص تشهد حراكا بطيئا بين الأحزاب.

أمين عام الحزب الوطني الدستوري أحمد الشناق يقول إن حزبه يستعد لعقد مؤتمر بعنوان "الانطلاقة والتجديد" الذي "سيكون مناسبة لإعادة هيكلة شاملة لأوضاعه على مختلف الصعد".

يعتقد الشناق أن الأحزاب دخلت مرحلة الأحزاب الوطنية الممولة من الدولة. ولهذا الأمر ترجمات خاصة به على صعيد النظام الأساسي للحزب وفتح مقار له في خمس محافظات على الأقل.

الشناق يؤكد أن الدعم المالي ينبغي أن يتجه للأحزاب التي صوبت أوضاعها، لتأمين احتياجاتها الأساسية وفتح خمسة مقار لها، على الأقل، دون أن يقترن ذلك بأية اشتراطات. على أن يأتي الدعم المرتبط بالحوافز في مرتبة ثانية. أما الدعم الذي قد يخصص للحزب مقابل عدد نوابه في المجلس النيابي، فهذا ينبغي أن يقتصر على النواب الذين خاضوا الانتخابات تحت يافطة أحزابهم فقط. ولا ينطبق على حزب استقطب نواباً بعد تصويب أوضاعه.

نخب سياسية أردنية تميل، في الغالب، إلى التشدد في رؤيتها لمتطلبات قيام الحزب رغم أن ذلك يتعارض مع روح الدستور الذي ينص على حق الأردنيين في تأليف الأحزاب السياسية دون أي شرط باستثناء "أن تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف أحكام الدستور"، حسب نص الدستور في مادته السادسة عشرة.

الرأي العام سيضع الأحزاب السياسية تحت المجهر في الفترة المقبلة ليتأكد من مدى أهليتها لتصويب أوضاعها، وإلى أي مدى ستتخلص من مظاهر ضعفها المزمنة في العقود الماضية.

المنحى العام لعملية إعادة التصويب لا تبعث على الارتياح. فتقليص الأحزاب، وزيادة عدد أعضاء مؤسسيها لا يشكل سبباً كافياً لانطلاقة جديدة للأحزاب. فالمطلوب ليس تصويب الأوضاع للمحافظة على الذات حفاظاً على ماء الوجه "التاريخي"، إنما المطلوب إرادة سياسية جديدة، تتعلم فيها الأحزاب من الشعب قبل أن تعد برامجها لتوعيته وتثقيفه.

لهذا السبب عزف حزب "اليسار الديمقراطي الأردني" حسب قائمين عليه عن تصويب وضعه نظراً لتحفظه على مجمل البيئة القانونية المحيطة بعمل الأحزاب، من قانون الأحزاب إلى قانون الانتخاب. وفي مسعى للمحافظة على تراثه ودوره، يتجه نحو تأسيس منتدى فكري للديمقراطية الاشتراكية.

أحزاب أخرى صوبت أوضاعها تتحدث بلغة المرحلة الجديدة. أمين عام حزب الرسالة المهندس حازم قشوع، يقترح في موضوع التمويل تشكيل لجنة حزبية حكومية لتضع الآلية المناسبة التي يعتقد أنها يجب أن تقر مبدأ تخصيص دعم أساسي لكل حزب مرخص، ثم يتم النظر بزيادة الدعم المالي وفقاً لحوافز مثل انتظام الحزب في ممارسة حياته الديمقراطية، ونسب النساء والشبان في عضويته ، وكذلك حجم تمثيله النيابي وحجم عضويته.

قشوع يعتقد أن الحد الأدنى لتمويل نشاط أي حزب يتجه نحو فتح خمسة مقار له ومقر مركزي، ينبغي أن لا يقل عن 100 ألف دينار أردني، هذا عدا عن الحوافز الأخرى.

يضيف أمين عام الرسالة : " إن من أولويات حزبه في المرحلة المقبلة أنه يستعد لتعزيز برنامجه السياسي تحت راية "نحو أردن أفضل"، بالتركيز على تحسين مستوى معيشة المواطنين لمواجهة المصاعب الاقتصادية الحالية. كما سيعمل على توسيع صفوفه لا سيما على صعيد إنشاء فروع له في المحافظات".

يوم 15 نيسان/أبريل الماضي، طويت صفحة في سجل الحياة الحزبية في الأردن، بتقليص عدد الأحزاب المرخصة من 37 حزباً إلى 16 حزباً منها اثنان حصلا على ترخيصهما بموجب القانون الجديد، وهما حزب" الجبهة الأردنية الموحدة" الذي يتزعمه الوزيران السابقان أمجد المجالي وعبد الرزاق طبيشات، وحزب "الحياة" الذي يقوده رجل الأعمال ظاهر أحمد عمرو .

الأحزاب التي صوّبت أوضاعها نصفها أحزاب عقائدية ، وهي ذات جذور إسلامية وقومية ويسارية، وتشمل:

- الاتجاه الإسلامي التاريخي يمثله حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1945، أمينه العام زكي بني ارشيد).

- الاتجاه القومي، يمثله جناحا حزب البعث: الاتجاه العراقي ممثلاً بحزب البعث العربي الاشتراكي (أمينه العام تيسير الحمصي)، والاتجاه السوري ممثلاً بحزب البعث العربي التقدمي (أمينه العام فؤاد دبور).

- الاتجاه اليساري، ويضم الحزب الشيوعي الأردني الذي استعاد بعض الأقسام التي انفصلت عنه في فترات سابقة (أمينه العام منير الحمارنة). كما يضم حزب الشعب الديمقراطي الأردني/حشد (وهو امتداد تاريخي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، أمينه الأول أحمد يوسف)، وحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني (امتداد تاريخي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أمينه العام سعيد ذياب).

الأحزاب الأخرى التي صوبت أوضاعها وعددها ستة، هي من الجيل الجديد الذي تأسس بعد عام 1992، وهي تتوزع بين ثلاثة اتجاهات: وسطي يمثله الحزب الوطني الدستوري (أمينه العام أحمد الشناق)، وحزب الرسالة (أمينه العام حازم قشوع)، والحزب الوطني الأردني (أمينته العامة منى أبو بكر). واتجاه إسلامي يمثله حزب الوسط الإسلامي (رئيس مكتبه السياسي فايز الربيع)، والحركة العربية الإسلامية الديمقراطية/دعاء (أمينه العام محمد أبو بكر)، واتجاه قومي وتمثله الحركة القومية الديمقراطية الشعبية (أمينه العام محمد القاق).

أما الأحزاب التي لم تصوب أوضاعها، وعددها 23 حزباً، فتمثل بدورها مختلف عناصر الطيف الحزبي، إذ تتوزع بين الاتجاه الوسطي الذي يعد الخاسر الأكبر الذي يغادر الساحة، ثم الاتجاهين القومي واليساري.

بعد هبوط عدد الأحزاب من 37 إلى 16: الوسط الخاسر الأكبر وشكوك في البيئة القانونية للتصويب
 
17-Apr-2008
 
العدد 22