العدد 21 - أردني
 

سليمان البزور

مجلس الأعيان الشقيق الأكبر لمجلس النواب، يعده كثيرون عنصر ضبط لأداء مجلس النواب إذا ما أخذ عمله وجهة راديكالية. فالمجلس وإن كان لا يمتلك صلاحيات منح الثقة أو حجبها عن الحكومة، فهو يستطيع إعادة مشاريع القوانين التي لا يرضى عنها إلى "النواب".

على مدى 60 عاماً من الحياة النيابية تعاقب على "الغرفة الثانية" من البرلمان الأردني تسعة عشرة مجلس أعيان تطورت بنيتها وعضويتها من عشرة أعضاء في المجلس الأول عام 1947، وتدرّج العدد وفق التعديلات الدستورية إلى أن أصبح اليوم 55 عيناً.

بالنظر إلى صلاحيات الملك في اختيار أعيانه، فإن هذا يعطيه فرصة في إخضاع هذا الاختيار لمتطلبات الخبرة لدى رجالات الدولة والتي ينص عليها الدستور، وكذلك لمتطلب الإصلاح السياسي.

ففي دول العالم الثالث، يأتي التغيير إما عن طريق الثورة والعنف،أو أن يحظى بدعم دوائر الحكم العليا وفي مقدمتها رأس الدولة الذي يجمع في الحالة الأردنية بين المعيار الدستوري وبين اختيار شخصيات تتسم بالكفاءة والانفتاح من أنصــار الإصلاح، ويمكن أن تكون في الوقـــت نفسه متميزة في سويتـها العلمية أو التخصصية.

المادة 64 من الدستور، حددت الفئات التي تدخل في تشكيلة مجلس الأعيان بـ "رؤساء الوزراء والوزراء الحاليون والسابقون ومن أشغل سابقاً مناصب السفراء والوزراء المفوضين ورؤساء مجلس النواب، ورؤساء وقضاة محكمة التمييز ومحاكم الاستئناف النظامية والشرعية والضباط المتقاعدون من رتبة أمير لواء فصاعداً والنواب السابقون الذين انتخبوا للنيابة لا أقل من مرتين ومن ماثل هؤلاء من الشخصيات الحائزين على ثقة الشعب واعتماده بأعمالهم وخدماتهم للأمة والوطن".

يرى الأكاديمي والوزير السابق محمد الحموري أن دور المجلس الإصلاحي تراجع تاريخياً في ضوء التعديلات التي طرأت بشأنه في الدستور... إذ تمت إضافة فقرة رابعة إلى المادة 34 عام 1974 "أجازت للحكومة حل المجلس وعزل أي عضو من الأعيان، شأنه في ذلك شأن أي موظف يخضع للعزل من وظيفته"حسبما جاء في دراسة للحموري بعنوان" التنمية السياسية في ضوء نصوص دستورية غيبت وأخرى أفرغت من مضمونها".

كذلك كانت المادة 65 من الدستور قبل تعديلها عام 1955 تعطي للمجلس ولأعضائه ضمانة القيام بدورهم على أكمل وجه، إذ كانت تنص على أن مدة العضوية في ا لمجلس هي ثماني سنوات، و يتجدد نصف الأعضاء كل أربع سنوات، على أن يجري الاقتراع على من يجب خروجهم في نهاية السنوات الأربع الأولى. هكذا تستمر آلية العمل ليبقى المجلس مطعماً بالخبرات، حيث يواصل نصف الأعضاء الذين مضى عليهم أربع سنوات عملهم في المجلس، ما يسمح بنقل التجربة إلى الأعضاء الجدد، ثم إلى من يليهم وهكذا دواليك.

المادة 34 فقرة 4 من الدستور كانت تعطي الأعيان قبل تعديلها ،حصانة من حيث عدم جواز حل مجلسهم أو عزلهم من العضوية أو إعفائهم منها، وهو ما من شأنه تمكينهم من أداء دورهم وزيادة رقابتهم على الحكومات، وطرح الاستجوابات والأسئلة الموجهة لها دون الخشية من العزل أو إنهاء العضوية.

إن عمل مجلس الأعيان يقترن دستورياً بعمل مجلس النواب حسب منطوق المادة 66 من الدستور، حيث تنص في فقرتها الأولى على اجتماع مجلس الأعيان عند اجتماع مجلس النواب وتكون أدوار الانعقاد واحدة للمجلسين. لكن إذا حل مجلس النواب يبقى مجلس الأعيان قائماً مع وقف جلساته.

مجلس الأعيان قابل لأن يجسد رؤية إصلاحية من خلال التشريعات. هذا ما نراه أحياناً حينما يلجأ الأعيان لإعادة مشاريع قوانين إلى النواب لتنقيحها باتجاه يضمن توازنها أو انسجامها مع التوجهات الإصلاحية لرأس الدولة.

وللإصلاح في عمل “الأعيان” مكان
 
10-Apr-2008
 
العدد 21