العدد 21 - حريات
 

بمناسبة مضي عشرة أعوام على إعلان نظام «المحكمة الجنائية الدولية»، طالب اجتماع عقدته عدة منظمات حقوقية عربية في القاهرة يومي 29 و30 آذار/ مارس الماضي، بتعجيل انضمام الدول العربية للاتفاقية الخاصة بهذه المحكمة، إذ لم تصادق معظم الدول العربية بعد على الانضمام لهذه المحكمة. والمنظمات التي حضرت الاجتماع تنتمي لكل من: مصر، اليمن، تونس، المغرب، الأردن، سورية، السودان، ولبنان.

أُنشئت "المحكمة الجنائية الدولية" خارج منظومة الأمم المتحدة، ولكن بموجب معاهدة دولية. وتعتبر مكمّلة للمحاكم الوطنية غير القادرة أو غير الراغبة في مقاضاة مرتكبي الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وقد أُعلن "نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية" في 17 تموز/ يوليو 1998، وأدخلت عليه تعديلات في 25 أيلول/ سبتمبر 1998، و 18 أيار/ مايو 1999، ودخل النظام حيز التنفيذ في الأول من تموز/ يوليو 2002، وعُقدت الدورة الافتتاحية للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في 11 آذار/مارس 2003.

تختص المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم العدوان. ولذلك فإنها قد تلاحق رؤساء الدول إذا ما رفع متضررون قضية على أحدهم أمام المحكمة. لكن نظام المحكمة يشترط أن تستفد وسائل القضاء المحلي أولاً، فإذا لم يبت في القضية لصالح المتضررين، يمكنهم أن يرفعوا القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي تعقد محكمة خاصة لكل جريمة من هذا النوع.

ثلاث دول عربية فقط انضمت للمحكمة الجنائية الدولية، منها الأردن، أما الدولتان الأخريان فهما: جيبوتي، وجزر القمر. لذلك، فقد اعتبر الاجتماع الذي عُقد في القاهرة أن حكومات الدول العربية، غير المنضمّة بعد للمحكمة، قد تراخت عن عمد في الانضمام، رغم ما توفره هذه المحكمة من "ضمانات للمتهمين أفضل من محاكمتهم أمام محاكم جنائية خاصة مؤقتة قد يتم تشكيلها وفقاً لمعايير مزدوجة"، بحسب البيان الصادر عن الاجتماع، وبخاصة لأن النظام الأساسي للمحكمة "ينص صراحة على أولوية القضاء الوطني في الاختصاص، ما دام مستقلاً وفقاً للمعايير الدولية، فضلاً عن أن الامتناع عن الانضمام لا يوفر أي حماية من المساءلة أو الإفلات من العقاب".

يقول الدكتور سليمان صويص، الخبير في شؤون حقوق الإنسان ومؤسس الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان، إن أهمية المحكمة تنبع من إشعارها الشعوب المضطهدة أن كل من يرتكب جريمة بحقها، لا بد أن يحاسب ويحاكم ويُعاقب، فهي بذلك تكرس قيم العدالة وحقوق الإنسان. ويشرح صويص سبب انضمام الأردن للاتفاقية، على عكس ما فعلت معظم الدول العربية الأخرى، فيؤكد أن الأمر يعود لموافقة الملك عبد الله الثاني شخصياً، وذلك بعد شهور من توليه الحكم، ما ينطوي على تأكيد منه على ترفعه عن أنواع القضايا التي تُرفع إلى المحكمة الدولية. ويتابع صويص، أن الدول الأخرى، ربما خشيت رفع قضايا من مواطنيها على حكامها، لذلك آثرت عدم الانضمام للمحكمة.

واستفاد الأردن من انضمامه للمحكمة، فقد عُيّنت القاضية تغريد حكمت عضواً في المحكمة الخاصة بجرائم الإبادة الجماعية التي وقعت في رواندا، حيث تهتم المحكمة بأن تضم ممثلاً عن كل منطقة ثقافية وحضارية في العالم، إذ يمثل العالم العربي، في العمل الدولي، منطقة ثقافية واحدة. لذلك، رأت المنظمات المشاركة في الاجتماع أن الامتناع عن الانضمام للمحكمة، يفوّت على الدول العربية فرصة الإسهام في ترسيخ العدالة الجنائية الدولية وأن يكون لها تمثيل فعال في تشكيل المحكمة وهيئاتها، ووضع لوائحها الداخلية، وتعديلها وفقاً لثقافتها، بالشكل الذي يُصحح الصورة المغلوطة عن ثقافة هذا الجزء من العالم".

يشير صويص، أخيراً، إلى أن الولايات المتحدة الأميركية، التي رفضت الانضمام للاتفاقية حتى لا يتعرض أي من جنودها أو مسؤوليها لملاحقة دولية، نتيجة مشاركتها في حروب عديدة، سعت لإفراغ الاتفاقية من مضمونها، حين وقّعت اتفاقيات مع عدد من الدول التي انضمت للمحكمة، يُحظر بموجبها قيام تلك الدول بتسليم أي مواطن أميركي للمحكمة الجنائية، وكان الأردن من الدول التي وقعت اتفاقية كهذه مع أميركا.

المحكمة الجنائية الدولية: عشر سنوات والعرب ما زالوا عازفين عن المشاركة
 
10-Apr-2008
 
العدد 21