العدد 20 - أردني
 

باتر وردم

تمتد المناطق الساحلية ملايين الكيلومترات حول العالم، وتشكل مسكناً لحوالي ثلث سكان الكون. ولكن سيحتاج أي شخص إلى الكثير من البحث في عدة مواقع عالمية وربما لن يفلح في إيجاد حالة شبيهة بالعقبة، منفذ الأردن البحري الوحيد. هذه حالة فريدة لمنطقة ساحلية ضيقة ومحصورة، وتتميز بحساسية بيئية عالية وجمال باهر للنظام البيئي المعرض للضغط الثلاثي من "مثلث التهديدات البيئية" المتمثل في الصناعة والسياحة والنقل. بالإضافة إلى ذلك، فإن العقبة تمثل حالة دراسية لإثبات مدى إمكانية الدمج ما بين النمو الاقتصادي المتواصل والاستدامة البيئية.

الجزء الأردني من خليج العقبة يمتد على مسافة 27 كم فقط. ولكونه المنفذ البحري الوحيد للأردن، فإن الكثير من النشاطات التنموية تنافست على احتلال الساحل القصير خلال السنوات الخمسين الماضية. وفي هذا السياق لم تبق سوى 7 كيلومترات من الساحل في حالة "طبيعية" بمعنى أنها خالية من الموانئ والفنادق والمنتجعات والمصانع، وتم تصنيفها "محمية بحرية" لكنها ما زالت تواجه خطر الاستثمار السياحي النخبوي.

ربما يكون أهم عناصر التغير البيئي في العقبة خلال السنوات القليلة القادمة هو النقل المزمع لميناء العقبة بتكلفة 3 مليارات دولار من موقعه الحالي إلى الشاطئ الجنوبي. حالياً تتوزع نشاطات الميناء المختلفة على ثلاثة مواقع، وتقترح الخطة الشمولية الجديدة للعقبة دمج هذه النشاطات الثلاثة في مكان واحد قريب من الحدود الأردنية السعودية في العقبة.

يتوقع أن تؤدي خطة النقل هذه الى تدهور بيئي، وبخاصة في نشاطات التجريف، وتدمير الحيود المرجانية في الشاطئ الجنوبي الذي سيضم الميناء الجديد. لن تكون الآثار مقتصرة فقط على المنطقة الساحلية، إذ ستكون حالات تلوث الهواء الناجمة عن أعمال الحفر والإنشاءات والنقل مؤثرة، بشكل كبير، على المدينة وسكانها.

وتقول الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية، وهي المنظمة المدنية المختصة بحماية البيئة البحرية في العقبة، إن هنالك الكثير من الشروط التي يجب توافرها في عملية النقل من أجل تقليل الأضرار التي سوف تتسبب بها العملية.

ويشير فادي شرايحة، المدير التنفيذي للجمعية، إلى أن الجميع متفق على ضرورة تطوير الوضع البيئي والاقتصادي الحالي للميناء، لأنه لا يسر عدواً ولا صديقاً، ولكن السؤال يبقى في الاختيار ما بين تطوير الميناء وتحسين البنية التحتية في الموقع الحالي أم في خيار نقل الميناء إلى الشاطئ الجنوبي.

ويشير شرايحة إلى أن الخيار المدعوم من قبل شركة تطوير العقبة هو نقل الميناء، وهناك الكثير من الحوارات التي تمت في الآونة الأخيرة مع الشركة. ويمتدح شرايحة تقبل الشركة للطروحات والأفكار التي قدمتها الجمعية فيما يتعلق بتحديد الإطار الهندسي للميناء الجديد، وتقليل المساحة التي يتم جرفها من الساحل، وتكثيف معظم المرافق في البر، وهي مقترحات أدت إلى تغيير جذري في مخطط الميناء وبقبول من الشركة. وهو يطالب في هذا الصدد أيضاً بإجراء دراسة للقيمة الاقتصادية للحياة البحرية في العقبة لمعرفة مدى الجدوى الاقتصادية لنقل الميناء مقابل تدمير موارد سياحية وبيئية متميزة.

ويشدد شرايحة على نقطة في غاية الأهمية، وهي ضرورة تحديد الاستعمالات المستقبلية للأرض التي سيتم إخلاء الميناء منها، حيث يتخوف من أن تتحول إلى مناطق سياحية لجذب رجال الأعمال والأثرياء. ويطالب بأن يتم تخصيص الأراضي التي يتم إخلاؤها لتصبح منافذ عامة للناس نحو الشاطئ مع الحفاظ على القيمة البيئية ومنع بيع هذه الأراضي للقطاع الخاص الذي بات يمتلك تقريباً شواطئ العقبة كافة. وقد زادت صعوبة وصول الناس إلى هذه الشواطئ بسبب القيمة المادية العالية لدخول المرافق السياحية.

وبالإضافة إلى ذلك، يطالب شرايحة بدراسة القدرة التحملية للبيئة الطبيعية في شواطئ العقبة في مواجهة المخطط الهادف إلى زيادة عدد الغرف الفندقية من 3500 غرفة حالياً إلى 12 ألف غرفة في السنوات الثلاث القادمة، ويطالب بالتوسع في عملية زراعة المرجان في المناطق المناسبة في الشاطئ لزيادة قدرة خليج العقبة على استقطاب السياحة البيئية التي تعتمد على جاذبية الغوص ومشاهدة المرجان والحياة البحرية الطبيعية.

مخاطر إزاحة الميناء إلى الشاطئ الجنوبي؟
 
03-Apr-2008
 
العدد 20