العدد 20 - أردني
 

أخيرا، يتنفس السكان المحيطون بخربة السمراء الصعداء إذ يهجرون خياما «وناموسيات» في العراء كانوا يلجأون إليها صيفا، هربا من أسراب حشرات كانت «تقلع» بكثافة من المياه الآسنة المعالجة جزئيا في تلك المحطة الحيوية.

التحول الإيجابي والعودة إلى المنازل بدأ العام الماضي بعد إحداث تعديلات جذرية في آليات تشغيل «خربة السمراء» بعد عقدين من خطط مؤجلة وتلكوء في التنفيذ.

أحد أبناء القرية، المحامي حسن المشاقبة، يستذكر كيف أدى تحول قاع وادي الظليل إلى مكرهة صحية عقب إنشاء «خربة السمراء» عام 1985، إلى تغير مناخ القرية ومزاج سكانها البالغ عددهم 2000 شخص غالبيتهم من عشائر بني حسن.

القرية «تحولت الى مكرهة صحية»، يضيف المدرس جلال المشاقبة، «مع قدوم المحطة التي تصلها المخلفات الإنسانية والصناعية وغيرها».

يصل المحطة نحو 220 ألف متر مكعب في اليوم على شكل مياه عادمة، كما تبين سجلات وزارة المياه، عبر خطي نقل يخرج الأول منهما من محطة «عين غزال» ويصل إلى «الخربة السمرا» مباشرة، ويبلغ قطره 1500 ملم وطوله 34 كيلومترا, أما الخط الآخر فيمر بعد خروجه من «عين غزال» بالرصيفة والزرقاء, بقطر 1200 ملم وطول 38 كيلومترا. ويخدم هذان الخطان الممتدان لهذه المسافة تحت الأرض, نحو 70 بالمائة من سكان عمان, بالإضافة الى سكان الزرقاء والرصيفة, أي نحو 2 مليون نسمة. وفي حين أن الأول منهما قابل للاستمرار في خدمة سكان عمان حتى عام 2030، فإن الثاني سوف يشهد تعديلا عليه، اذ أن من المفترض، بحسب الخطط الاستراتيجية لسلطة المياه، أن يتم اخراج «محطة الرفع» الخاصة بمنطقتي غرب وشرق الزرقاء من الخدمة بحلول عام 2010، حيث ستقام محطة تنقية في وادي الزرقاء لخدمة محافظة الزرقاء, وبالتالي تصبح محطة «الخربة السمرا» بالكامل في خدمة سكان عمان. محطة «الخربة السمرا» واصلت استقبال المياه العادمة بكميات تفوق قدرتها. ففي حين كان من المفترض أن تعالج بالطريقة الطبيعية 68 الف متر مكعب من المياه العادمة يوميا, اضطرت لاختصار الوقت المطلوب لمعالجة نحو 170 ألف م3/ يوم, وإلغاء بعض المراحل لتقوم بمعالجة جزئية. المحامي حسن المشاقبة يصف حال سكان القرية قبل تنفيذ المشروع بـ"الكارثي"، وذلك لمعاناتهم من أمراض التحسس, الجيوب الأنفية والاسهالات على مدار العام.

يؤكد الناشط البيئي محسن خالد ان "محطة الخربة السمرا" واحدة من أكبر أربع محطات في العالم تعمل بطريقة التنقية الطبيعية من خلال الأحواض المائية حيث تبلغ مساحة الأحواض المخصصة للتنقية الطبيعية بحدود (2000) دونم وبأعماق متفاوتة تتراوح بين متر إلى خمسة أمتار وبمعدل تدفق يومي يصل إلى (160) ألف متر مكعب من المياه العادمة». خالد يجادل بان «عدم قدرة المحطة على استيعاب الأعمال الهيدروليكية والعضوية اثر سلبا على المياه العادمة الخارجة من المحطة، ما ترك اثارا سلبية على الزراعة في المنطقة ناهيك عن الروائح الكريهة».

تعادل كميات المياه العادمة التي تدخل محطة الخربة السمرا (82 بالمائة ) من حجم المياه العادمة المكررة في الأردن.

نجحت وزارة المياه في تحويل عمل المحطة من طبيعية الى ميكانيكية، ما ساهم في التخفيف من نسب التلوث السابقة.

طوال اكثر من عقدين اثارت المياه المتدفقة من المحطة الى سد الملك طلال جدلا واسعا بين خبراء بيئة ومزارعين من جهة ومسؤولين حكوميين . الخبراء والمزارعين اعتبروا ان المياه غير صالحة للزراعة ما رتب خسائر جسيمة على مزارعين طالبوا الحكومة بصرف تعويضات لهم.

مشروع تطوير محطة «الخربة السمرا» الذي نفذ وفقا لآلية البناء والتشغيل والنقل, استغرق تنفيذه ثلاثة أعوام، بدءا من مطلع عام 2004 وبكلفة 170 مليون دولار. قدمّت الحكومة 14 مليون دولار، فيما خصّصت الوكالة الأميركية للإنماء الدولي 78 مليون دولار, والمبلغ المتبقي 78 مليون دولار هي مساهمة القطاع الخاص المحلي والأجنبي.

تقدر الطاقة الاستيعابية للمحطة الجديدة بنحو 530 ألف متر مكعب كحد أقصى يومياً، حيث يعاد استخدام المياه المستصلحة في مجال الري، وبهذا ستزيد نسبة المياه المتوفرة للشرب عبر التقليل من استخدام هذه المياه لأغراض الزراعة والصناعة. وتطابق نوعية مياه الصرف الناتجة عن المحطة الجديدة مع المعايير البيئية الأردنية الخاصة لتفريغها في السيول والوديان.

لم يكن قاطنو القرية و"جلهم من المتقاعدين العسكريين"، على ما يبين المشاقبة، وحدهم الذين تنفسوا الصعداء بعد تنفيذ مشروع الخربة السمرا. إذ كانت الروائح الكريهة تخترق المنطقة الممتدة من طريق المفرق شرقا إلى طريق جرش غربا، ما يجعل المشروع حقا قصة نجاح بيئية.

الذي أسس شركة اردنية من شركة «سويز» الفرنسية بحصة 20 بالمئة وشركة «ديغرامونت» الأميركية بحصة 3 بالمئة وشركة «مورجانتي» الأميركية بحصة 50 بالمئة علما بان مساهمة الائتلاف يقسم الى جزأين, 45 مليون دولار قروض محلية من بنوك ومؤسسات مالية بقيادة البنك العربي, 335 مليون دولار مساهمة الشركات الاجنبية الثلاث, التي ستدير المشروع مقابل رسم تتقاضاه عن كل متر مكعب من المياه العادمة التي تعالجها لمدة 25 عاما من ضمنها ثلاث سنوات فترة الانشاء.

الخربة السمراء: وداعاً لمكرهة صحية..
 
03-Apr-2008
 
العدد 20