العدد 20 - كتاب
 

يشكل دخل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في الأردن 12 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي أو مليار و200 ألف دولار بعد أن كان حتى أواسط التسعينات قطاعا محتكرا يشكو منه الكثيرون ونعاني جميعا من كلفة استخدامه وسوء نوعية خدماته، كما أنه نجح بشكل يفوق نجاحات أي قطاع آخر، وحتى قطاع البناء. ما الذي سبب هذا النجاح؟

لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات دور رئيسي في تحريك عملية التنمية في اي بلد، والأردن لا يختلف في ذلك عن غيره من الدول فالقطاع أحد ركائز البنية التحتية وممكّن رئيسي لبيئة اعمال تنافسية. كما أنه يشهد منافسة عالية لا توجد في أي سوق أردني آخر. الإجابة على التساؤل السابق يكمن في التحرير والمنافسة. فالمنافسة التي تحققت في القطاع بعد التحرير في 1995، فتخصيص الشركة المحتكرة وتمكين المنافسة من الدخول اليه في 2000 أديا معا ومن خلال أجهزة تنظيمية رائدة الى حماية المنافسة في هذا القطاع. بالنتيجة، يشغل القطاع حاليا 18 ألف موظف بشكل مباشر وحوالي 60 إلف موظف بشكل غير مباشر، ورافد للحكومة بحوالي 368 مليون دينار من خلال الضرائب المباشرة (25 بالمئة ضريبة دخل على الارباح) وغير المباشرة (16 بالمئة ضريبة مبيعات و4 بالمئة ضريبة خاصة) والرسوم (10 بالمئة مشاركة في العوائد ودينار سنويا عن كل خط للجامعات). وهو ثلاثة أضعاف ما كانت تدفعه شركة الاتصالات الأردنية قبل أن يتم خصخصتها، حين كانت الحكومة تدفع رواتب الموظفين والصيانة وفوائد القروض، إضافة إلى قوائم انتظار للخدمات نذكر منها أن فترة الانتظار للهاتف الثابت في عام 1994 كانت 90 شهر، أي سبع سنوات ونصف.

ساهمت شركات الاتصالات في تغيير ثقافة الأعمال الحاكمية والمسؤولية الاجتماعية وتطوير مهارات التسويق والإعلان وشؤون الموظفين في الأردن، وأصبحت مشاريع تجارية ناجحة ورفعت مستوى الرواتب، برغم من تذمر البعض من إنفاق الأردنيين على خدمات الخلوي، فإن هذا القطاع يشهد منافسة كبيرة، ولهذا ما تزال الأسعار في الأردن من الأقل في المنطقة.

ربما كان الدرس الأكبر المستقى من نجاح هذا القطاع هو أن المنافسة حين تكون محمية تؤدي إلى نجاح وأي نجاح. أما حين نقوم بحماية المتنافسين، فالنتيجة هي ما يحدث في قطاعات أخرى. وهنا لا بد من شكر أولئك الذين قاموا بقيادة عملية التخاصية وحمايتها من ذوي المصالح الخاصة بجهود كانت فردية وفريدة في وسط يبارك فيه من يقول «نعم» ويعاقب فيه من له رأي آخر يلتزم ويؤمن به فيقول أحيانا «لا».

لولا تضحيات هؤلاء لما نجحت التخاصية.

يوسف منصور: التحرير والمنافسة وجهان للنجاح
 
03-Apr-2008
 
العدد 20