العدد 20 - حريات
 

المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تَعتبر أن محنة اللاجئين في مختلف أنحاء العالم التي أدت إلى تدفق أعداد كبيرة من البشر من بلدان إلى أخرى، وإلى تشريد ونزوح مجموعات من البشر ضمن بلدانهم، واحدة من أكبر المآسي التي واجهت المجتمع الدولي خلال النصف الثاني من القرن العشرين. وترى المنظمة الدولية أن هذه المشكلة ناجمة عن الحروب الإقليمية والأهلية والمشاكل العرقية والطائفية التي شهدها العالم،.

يُعرف اللاجئون الإنسانيون، بحسب المفوضية، بأنهم «أشخاص يوجدون خارج بلدانهم، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقهم أو دينهم أو جنسيتهم أو انتمائهم إلى فئة اجتماعية معينة، ولا يستطيعون أو لا يريدون، بسبب ذلك الخوف، العودة إلى أوطانهم».

تقول أرقام مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، إن أعداد اللاجئين ارتفعت من 2.5 مليون إنسان في العام 1970، إلى 17 مليوناً في العام 1991، ثم إلى 23 مليوناً في العام 1993، ومنه إلى 28 مليوناً في العام 1995. وفي العام 1998، انخفض العدد إلى حوالي 22.4 مليون لاجئ. وتشير استطلاعات المفوضية حالياً، إلى أن واحداً من كل 200 إنسان على وجه الكرة الأرضية، هو لاجئ أو نازح، يعيش ظروفاً صعبة، ويواجه يومياً أخطاراً تهدد أمنه وحياته. وتعمل المفوضية على حماية اللاجئين، ومساعدتهم على بدء حياتهم من جديد في ظروف طبيعية، ضماناً لاحترام حقوق الإنسان الأساسية، وعدم إعادة أي شخص قسراً إلى بلد يخشى أن يتعرض فيه للاضطهاد.

وقد ساهمت حرب العراق الأخيرة، العام 2003، التي تحل هذه الأيام ذكراها الخامسة، في تفاقم هذه المأساة، إذ تتجه أعداد من العراقيين لطلب اللجوء الإنساني إلى دول أوروبية، أو إلى الولايات المتحدة، بحثاً عن الأمن والطمأنينة المفقودة في بلادهم. وتشير تقديرات شبه رسمية، نقلتها تقارير صحفية عن مصادر في الأمم المتحدة خلال الأسبوع الحالي، إلى أن أعداد اللاجئين العراقيين إلى دول الجوار تبلغ نحو مليوني شخص، فيما تبلغ أعداد النازحين العراقيين داخل العراق، نحو مليونين ونصف المليون شخص، يتوزعون على مختلف الطوائف والقوميات، بحسب المنظمة الدولية للهجرة، وينزحون عادة من «الأحياء المختلطة» التي تسيطر عليها جماعة تنتمي لطائفة بعينها، حيث يتوجه القسم الأكبر منهم لإحدى عشرة محافظة، من المحافظات الثمانية عشرة التي يتكون منها العراق، أبرزها بابل والأنبار في وسط العراق، الذي تقطنه أغلبية سنية، وكربلاء والنجف والبصرة في الجنوب، الذي تقطنه أغلبية شيعية، وكذلك المحافظات الكردية الثلاث التي تتمتع بشبه حكم ذاتي، إذ يتجه النازحون، في العادة، إلى المحافظات التي تسكنها أغلبية تنتمي لطائفتهم أو قوميتهم، ويكون لهم فيها صلات قربى تمكّنهم من إثبات جذورهم في تلك المنطقة، ما يخولهم تالياً الحصول على بطاقات تموينية.

وقد تقدم نحو 45 ألف عراقي بطلبات للجوء الإنساني في أثناء سنة 2007، بحسب تقرير أصدرته الأمم المتحدة حديثاً، بينما كان عددهم لا يزيد على 23 ألفاً في العام 2006، ما يجعل العراقيين يحتلون صدارة الشعوب الطالبة للجوء الإنساني في العالم، وللعام الثاني على التوالي، في الوقت الذي يتناقص فيه عدد طالبي اللجوء من الدول الأخرى، وللسنة الخامسة على التوالي، بحسب الأمم المتحدة.

وبعد العراق، تحل روسيا ثانية بـ 18 ألفاً و800 طالب للجوء، ثم الصين بـ17 ألفاً و100 طالب لجوء، فصربيا بـ 15 ألفاً و400، تليها باكستان بـ 14 ألفاً و300 من طالبي اللجوء. وكانت آخر مرة يحتل فيها العراق المرتبة الأولى بين الدول التي يطلب مواطنوها اللجوء الإنساني، في العام 2002، أي عشية سقوط نظام صدام حسين.

في المقابل، تحتل الولايات المتحدة الأميركية صدارة البلدان التي يتطلع إليها طالبو اللجوء من جميع الجنسيات، بما مجموعه 49 ألفاً و200 طلب، أي نحو 15 في المئة من إجمالي عدد طلبات اللجوء الإنساني. وتحتل السويد المرتبة الثانية بـ 32 ألفا ومئتي طلب، بزيادة تقدر الأمم المتحدة نسبتها بنحو 50 في المئة مقارنة مع سنة 2006، ثم فرنسا في المرتبة الثالثة بنحو 29 ألفاً من الطلبات، تليها كندا فبريطانيا.

وتشير الأمم المتحدة إلى أنه بينما توافق دول الاتحاد الأوروبي على ما معدله 2.6 طلب لجوء عن كل ألف من سكانها، فإن الولايات المتحدة، وبرغم كونها الهدف الأول لطالبي اللجوء، لا توافق سوى على طلب لجوء واحد لكل ألف من سكانها.

وتعتقد الأمم المتحدة أنّ سبب تراجع عدد طلبات اللجوء، باستثناء تلك التي يقدمها عراقيون، هو تحسّن الأوضاع في بعض دول طالبي اللجوء، بالإضافة إلى الشروط المُعقّدة التي اعتُمدت في عدد من الدول المستقبلة للاجئين، التي من شأنها ثني طالبي اللجوء عن تقديم طلباتهم، برغم أن ذلك قد يؤدي إلى حرمان بعضهم من الحماية التي يحتاجونها.

واحد من كل 200 إنسان يتعرض لمحنة التشرد: 4.5 مليون عراقي بين لاجئ ونازح
 
03-Apr-2008
 
العدد 20