العدد 19 - اقتصادي
 

السّجل-خاص

يرزح المواطن تحت وطأة أكثر من 50 ضريبة تتفاوت في مسمياتها بين رسم أو بدل خدمات وغيرها، ويلمس المواطنون ذلك عند مراجعتهم المؤسسات الحكومية لدفع بعض المبالغ ليجدوا، في كثير من الأحيان، في نهاية سند القبض فرضاً جديداً لضريبة على الضريبة.

النظام الضريبي المطبق في الأردن لا يحقق العدالة في التحصيل، إذ أن الضريبة العامة على المبيعات ونسبتها البالغة 16 بالمئة توصف بأنها أموال تقتطع من الفقراء لصالح الخزينة بدلا من التركيز على ضريبة الدخل التي تحصل من مداخيل الأغنياء.

تشكل الإيرادات الضريبية من إجمالي الإيرادات المالية المتحققة في 11 شهراً الأولى من العام الماضي، ما نسبته 70.9 بالمئة،علماً بأن الإيرادات المحلية بلغت 3.5 مليار دينار منها 2.49 مليار دينار.

في تفاصيل الضرائب التي يظهر بعضا منها في نشرة وزارة المالية والموزعة بين إيرادات ضريبية وغير ضريبة، فإن المواطن معرض لدفع ما مجموعه 12 نوعاً من الضرائب الرئيسية و19 رسماً و15 إيراداً كبدل خدمات حكومية وخدمات أخرى، بالإضافة إلى 8 أنواع من رسوم الرخص.

تتنوع نسب الضريبة العامة على المبيعات، حيث تأتي في مقدمتها نسبة الـ16 بالمئة، التي تتم جبايتها من خلال قانون الضريبة لعام 1994 وتعديلاته التي كان آخرها القانون رقم 23 لعام 2003، المفروضة على قيمة السلع والخدمات المباعة، وتستوفيها «دائرة ضريبة الدخل والمبيعات»، على قيمة السلع والخدمات المستوردة التي تستوفيها «دائرة الجمارك».

كما أن هناك ضريبة خاصة على المبيعات تُحتسب على بعض السلع والخدمات والواردات بنسب متفاوتة، خصوصاً السيارات. وتبلغ قيمتها 25 بالمئة للسيارات التي يكون عمرها 5 سنوات فما دون، في حين تصل إلى 45 بالمئة على السيارات التي يزيد عمرها على 5 سنوات، وتصل إلى 50 بالمئة على السيارات السياحية. وتُحتسب الضريبة أحياناً على بعض المواد كقيمة ثابتة على الكميات.

يقول رئيس جمعية المحاسبين السابق، محمد البشير، إن "النظام الضريبي في المملكة يمثل نموذجاً لتقاضي الإيرادات الحكومية من الفقراء عبر ضريبة المبيعات بدلاً من الحصول عليها بواسطة قانون ضريبة دخل عادل".

يضيف "إن ضريبة المبيعات في أغلب دول العالم لا سيما في موطن الرأسمالية الولايات المتحدة تصل نسبتها الى 7 بالمئة، لكن "استيفاء الأموال من الأغنياء يتم بواسطة تشريعات ناظمة تتعلق بالمداخيل الشخصية".

البشير يشير إلى أن التعديلات التي طرأت على التشريعات الضريبية في السنوات الخمس الماضية جاءت ضد الفقراء ومتوسطي الدخل.

الخبير الاقتصادي، الدكتور منير الحمارنة، يؤمن أن" ضريبة المبيعات تؤدي إلى تآكل مداخيل الفقراء أكثر من الأغنياء، وتتصف بغير العادلة ويجب إعادة النظر بها ".

إلى ذلك، يرى خبير الضرائب، رفعت عبيدات، إن "تعدد النسب الضريبية" كالنسبة المخفضة 4 بالمئة،فضلاً عن إعفاء مشتريات بعض الجهات من الضريبة، فتح المجال لمطالبة جهات عديدة بإعفاء مشترياتها أو حتى مبيعاتها من الضريبة ما "يخلق تشوها في النظام الضريبي ويضر بالموازنة"، كما أنه «يحقق مصالح البعض على حساب مصلحة الكل».

ويشرح إن «عدم وضوح بعض المفاهيم الضريبية؛ كمفهوم الخدمة، كيفية تصنيفه،(محلية أو مصدرة أو مستوردة أو خارج النطاق الضريبيي)، عدم وضوح بعض السلع والخدمات التي لا يجيز القانون خصم الضريبة المدفوعة عنها، وتعدد حدود التسجيل وعدم وضوحه أحيانا؛ كل ذلك يؤدي إلى إرباك لدى المكلفين والموظفين على حد سواء».

 تحتسب ضريبة الدخل على الفرد مثلاً من خلال نسب تتراوح بين 5 بالمئة لغاية 2000 دينار لتصل إلى 25 بالمئة في حال تجاوز الدخل السنوي 8 آلاف دينار، في حين يدفع المواطن 16 بالمئة ضريبة مبيعات، ومن الضرائب الإضافية ضريبة المغادرين والضرائب الإضافية على معاملات الأراضي والمساحة بنسبة 10 بالمئة من الرسوم المستحقة على معاملات التسجيل وغيرها من المعاملات والضرائب الإضافية على كميات الكهرباء المستهلكة، وضريبة تذاكر السفر بالجو بواقع 20 ديناراً.

فيما تظهر مسميات أخرى في معاملات مختلفة مثل: الجسور، والأنفاق، وفلس الريف،ورسم النفايات والتلفزيون، وضريبة الضرائب، إلى غير ذلك.

وشكّلت الضريبة العامة على المبيعات نحو 41.4 بالمئة من حصيلة الإيرادات المحلية في 11 شهراً العام الماضي، في الوقت الذي استحوذت الرخص والرسوم على نحو 17.4بالمئة من الإيرادات المحلية خلال الفترة نفسها.

يشدد المحلل الاقتصادي، الدكتور هاني الخليلي، على أهمية "توافر شروط العدالة في توزيع نسب الاقتطاعات الضريبية على دافعي الضرائب كل بحسب دخله، وأن يحقق القانون الإنصاف لكافة شرائح المجتمع بالنقيض مما جاء به القانون القديم الذي تم رفضه».

ويرى اقتصاديون أن المادة 111 من الدستور حددت  الضريبة التصاعدية أساسا لفرض الضرائب تحقيقا للعدالة الاجتماعية اعتمادا على قدرة المواطن على الدفع وحاجة الخزينة إلى المال.

النظام الضريبي يحابي الأغنياء
 
27-Mar-2008
 
العدد 19