العدد 19 - اعلامي
 

يتجّه المجلس الأعلى للإعلام لإدخال تعديلات على قانونه بما يوفر مزيداً من الاستقلالية لعمله ويوسع نطاق صلاحيته كمظلة للإعلام الأردني، وذلك رغم توصية الأجندة الوطنية بإلغائه بعد سنتين من نشوئه عام 2003.

وعلى الرغم من النص بوضوح على إلغاء «الأعلى للإعلام»، فإنه طلب من مستشارين قانونيين تقديم مقترحات أولية على شكل «مسودة» لتوزيعها على أعضائه لدراستها ومناقشتها يوم الخميس، تتضمن ادخال تعديلات على قانونه، توسيع صلاحياته بمنحه سلطة تنفيذية بسلطة القانون لم يتم معرفتها.

توسيع الصلاحيات التي يطالب بها «الأعلى للإعلام» بلسان رئيسته سيما بحوث لم يتم كشف طبيعتها، وآلية وسبل تنفيذها، ومدى توافقها مع حرية الإعلام، وكيف يمكن أن يكون «المجلس» مظلة للإعلام وهو يمتلك صلاحيات تنفيذية قد تتطور إلى صلاحيات رقابية تؤثر سلباً على الحياة الإعلامية في المملكة، كما هو السياق منذ عام 93 وحتى الآن.

مقترحات التعديل لم تصل للأعضاء حتى مساء الثلاثاء وفق نقيب الصحفيين نائب رئيس «الأعلى للإعلام» طارق المومني الذي أبدى معارضته لمنح المجلس «سلطة تنفيذية». المومني قال إن النقاش حول توسيع الصلاحيات لم ينتهِ، وإن كان أخذ شكلاً موسعاً في الاجتماعات الأخيرة للمجلس.

الأجندة الوطنية، التي وضعت مسارات هادية للدولة على مدى عشر سنوات (2005 -2015)، حثّت الحكومة تحت بند «حرية الإعلام» في الحقل الخامس من توصياتها على «إلغاء» المجلس وحفز الدولة لتشجيع وسائل الإعلام الجماهيري على تشكيل مجلس مستقل خاص بهم، يكون من مهامه إصدار تقرير سنوي حول حرية الصحافة والإعلام ووضع ميثاق شرف ملزم لممارسة العمل الإعلامي يتلاءم وروح العصر.

دور «الأعلى للإعلام» كان موضع نقاش دائم بين من يرى أهمية وجوده كناظم ومطور للعمل الإعلامي في المملكة ومن يعتبره مرشداً ومرجعية للإعلام فقط وبين من يرى بالغائه.

رئيس المجلس السابق إبراهيم عز الدين استقال من رئاسته لتباين الرؤى بينه وبين حكومة معروف البخيت (2005 - 2007) حول دور المجلس. إذ كانت الحكومة تتجه نحو إضفاء صفات تنفيذية على المجلس فيما كان يرى ضرورة اكتفائه بدور المرجعية والمرشد.

مزيد من الاستقلالية

رئيسة المجلس الأعلى للإعلام سيما بحوث تشدد على أهمية تعديل قانون المجلس لمنحه مزيدا من الاستقلالية، وإعطائه صلاحيات تمكنه من القيام بمهامه ومسؤولياته كمظلة للإعلام الأردني تعنى بمتابعة أداء قطاع الصحافة والإعلام، وذلك من خلال تعديل قانونه نحو تلك الأهداف.

وترى بحوث أن تحقيق ذلك يكون من خلال «المشاركة في رسم السياسات الإعلامية، ومتابعة الالتزام بالتشريعات الإعلامية، وجودة المحتوى والمهنية العالية، وتحديث التدريب الإعلامي، وتمكين وسائل الإعلام من ممارسة دورها الرقابي في جو من التعددية والاستقلالية والحرية المسؤولة».

لدى مناقشته لورقة الإعلام التي خلصت إليها «الأجندة الوطنية»، أخذ «الأعلى للإعلام» عليها عدم «تضمينها آفاقا جديدة تتخطى الاجتهادات القانونية التي تم التوصل إليها عبر منظومة تشريعية متكاملة، وعدم معالجة حاضر ومستقبل الإعلام الحكومي في وقت يشتد فيه الحوار حول جدوى إلغاء وزارة الإعلام، أو مدى فعالية التنظيمات القائمة حاليا على إدارة القطاع الإعلامي.»

حكومة الذهبي أعلنت في بيان الثقة الذي تقدمت به لمجلس النواب الحالي عن توجهها لإعداد «استراتيجية متكاملة للإعلام، والتقدم إلى المجلس النيابي بالتعديلات المطلوبة على البيئة التشريعية المحفزة لهذا القطاع، تمكين مؤسسات الإعلام الرسمي ومنحها مزيداً من القدرة على تطوير مداخيلها المالية، وتحسين أوضاع العاملين فيها، لتطوير أدائها ورفع سوية منتجها الإعلامي ليعكس الصورة المشرقة للأردن".

الحكومة الحالية استحدثت وزارة دولة لشؤون الإعلام والاتصال ما أعاد إلى الواجهة الجدال حول إمكانية عودة وزارة الإعلام وهيمنة الدولة على هذا القطاع. كما أن الحديث عن توسيع صلاحيات المجلس الأعلى وإعطائه صفة تنفيذية أعاد السجال حول استقلالية المؤسسات الإعلامية وإبعادها عن هيمنة الحكومات.

الحكومة قالت إن الحقيبة الوزارية المستحدثة ستكون بمثابة مظلة ومرجيعة لعمل مؤسسات الإعلام الرسمي وليس عودة لوزارة الإعلام بمفهومها السابق.

وكانت وزارة الإعلام ألغيت عام 2003 وتبع إلغاءها إنشاء ست مؤسسات إعلامية هي: المركز الأردني للإعلام، والمجلس الأعلى للإعلام، وهيئة الصحافة والنشر، وهيئة المرئي والمسموع، إلى جانب الاستقلالية المالية والإدارية لوكالة الأنباء الأردنية "بترا" ومجلس إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون.

ارتجال إعلامي

المؤسسات الإعلامية التي تبعت إلغاء وزارة الإعلام حاولت أن تكون وريثاً شرعياً للوزارة، ما خلق عدم تنسيق وتعددية مرجعيات وترهلاً إدارياً وفق رئيس تحرير صحيفة العرب اليوم طاهر العدوان.

مدير مركز حرية وحماية الصحفيين نضال منصور يرى أن الحكومات المتعاقبة لا زالت تتعامل مع الإعلام بـ"ارتجال ورد الفعل أكثر منه تنفيذ رؤية واضحة وترجمة لتوجهات الملك».

ويشدد منصور على ان الحديث عن صلاحيات تنفيذية وإشرافية «لا يتوافق مع الأجندة الوطنية في هذا الشأن» داعيا إلى «الكف عن طرح سيناريوهات وأفكار تؤدي إلى التراجع الإعلامي».

ويرى أن العودة إلى الأجندة الوطنية التي تتفق في تفاصيلها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، سواء من حيث استقلالية مؤسسات الإعلام الرسمية أو من حيث تركيزها على أن يكون لمؤسسات المجتمع المدني دور فاعل في دعم حرية الإعلام هو الحل الأفضل والأمثل لقطاع الاعلام.

المجلس الاعلى للإعلام أعيد تشكيله مؤخراً، وضم في عضويته: وزير الثقافة الأسبق محمود الكايد، وعلي الصفدي، مدير التوجيه المعنوي في القوات المسلحة الأردنية، ونقيب الصحفيين طارق المومني، عرفات حجازي، زاهية عناب، باسم الطويسي، وأمجد قورشة، وترأسه سيما بحوث.

“الأعلى للإعلام” يتجه لتوسيع صلاحياته رغم توصية سابقة بإلغائه
 
27-Mar-2008
 
العدد 19