العدد 3 - استهلاكي
 

الغلاء يطيح بكل شيء حتى جفت الزيتون وزيته. وقد تخلو «منقوشة» الزعترمن زيت الزيتون الأصلي هذا العام، وتفتقر موائد الفقراء لطبق المسخّن التقليدي في ظل ما يسميه مزارعون ومنتجون بأزمة «زيت وزيتون» تشهدها المملكة في ظل فتح باب التصدير وانخفاض انتاج الأردن من هذه المادة الأساسية الى الثلثين مقارنة بالعام الماضي.

مستهلكون يشتكون من أن زيت الزيتون «يعصر» ما تبقى من جيوبهم، بعد أن تضاعف سعر التنكة إلى أكثر من ستين دينارا، مقابل 40 دينارا في العام الماضي.

ويزيد من تعقيد الأزمة بحسب منتجين ومصنعين للزيتون «المخلل» سماح وزارة الصناعة والتجارة للمزارعين بتصدير الزيتون الى أسواق خارجية، خصوصا سوق اسرائيل والضفة الغربية، ما يهدد بانخفاض في الوفرة المحلية، وارتفاع الأسعار، فضلا عن تقليل ميزة السعر التنافسية لتصدير الأردن من الزيتون المخلل والزيت.

وقدرت أرقام رسمية انتاج المملكة من الزيتون لهذه السنة بنحو 150 ألف طن، فيما انتجت مزارع الأردن في الشمال والجنوب والبادية الشمالية العام الماضي حوالي 230 ألف طن.

وفي ظل الارتفاع الحالي لأسعار الزيت العام الحالي، يرجح مختصون هذا السعر للارتفاع بعد الهطول المطري القادم، في الوقت الذي ارتفع فيه سعر كيلو الزيتون للمستهلك من نحو نصف دينار العام الماضي الى الضعف هذا العام.

وقالت وزارة الزراعة في تصريحات سابقة إن الموسم الحالي لأشجار الزيتون هو موسم الحمل الخفيف بسبب بعض العوامل ذات الصبغة البيولوجية لهذه الشجرة او ما يعرف بظاهرة المعاومة (تبادل الحمل)، وكذلك بسبب تأثر اشجار الزيتون بموجات الحر العالية التي سادت المملكة خلال هذا الموسم، خصوصا اثناء مرحلة الإزهار والعقد، بالإضافة الى ان غالبية أراضي الزيتون الانتاجية في المملكة تقع في المناطق البعلية.

الى ذلك قدر رئيس جمعية مصدري منتجات الزيتون موسى الساكت كمية الزيتون التي صدرت هذا العام بنحو 40 - 50 الف طن، اي ما يعادل ثلث كمية الانتاج الكلي الحالي.

وقال الساكت في تصريح لـ «السّجل» إن جهود الجمعية، التي تضم في عضويتها 18 شركة، لإقناع وزارة الصناعة والتجارة بمنع تصدير الزيتون «الخام» للخارج باءت جميعها بالفشل.

وأضاف : “قرارات وزارة الصناعة والتجارة جعلت تصدير الزيتون امرا سهلا وبلا قيود، فيما يواجه تصدير زيت الزيتون قيودا واختبارات عدة”.

واشار إلى أن تصدير الزيتون يقطع الحلقة الصناعية ويحرم الأردن من الاستفادة من عوائد اكبر لهذه الصناعة.

ويرجح الساكت ان يسبب ارتفاع سعر الزيتون والزيت فقدان إحدى أهم الميزات التنافسية لتصدير الزيت الأردني الى أسواق عديدة في الوطن العربي وخاصة الخليج واوروبا (ايطاليا، اسبانيا وبريطانيا)، واسواق كبرى مثل اليابان والولايات المتحدة، حيث سينافس الزيت الأردني فيها الزيت السوري والتونسي.

وقدرت الوزارة الاستهلاك المحلي للزيت بنحو (23217) طناً، ما يعني وجود عجز في الانتاج المتوقع بحوالي (1728) طنا، في ضوء آخر المؤشرات الاحصائية التي تشير الى أن متوسط استهلاك الفرد السنوي من زيت الزيتون 6ر4 كغم.

وتوقع الساكات أن يكون انتاج المملكة من زيت الزيتون لهذا العام نحو 18 الف طن بانخفاض 30 ألف طن عن العام الماضي، فيما يستهلك الأردنيون سنويا زهاء 20 ألف طن.

وشوهدت سيدات مسنات يقمن بقطف الزيتون المزروع على أرصفة الشوارع. وكانت امانة عمان الكبرى منعت مؤخراً زراعة الزيتون على الأرصفة.

وفي المعاصر الأردنية التي يتركز معظمها في الشمال، شكا أصحاب معاصر من قلة المحصول الوارد إلى معاصرهم، ما يهددهم بخسائر فادحة.

إحدى المعاصر في الشمال الأردني بدا عليها انها لن تشهد الازدحام الشديد الذي كانت تشهده سنويا بسبب قلة الوفرة في «الثمرة.»

ويقول مالك أحد كروم الزيتون توفيق عبد القادر ملكاوي: “الموسم ليس مشجعاً”.

وحول سعر تنكة الزيت لهذا العام يضيف: “بلغ سعر التنكة في ملكا أكثر من 52 ديناراً وهي إحدى القرى المنتجة للزيت، فما بالك بسعرها في المدينة!”.

وكانت قرية ملكا وما حولها قد شهدت هبوطاً حاداً في سعر الزيت قبل أربعة أعوام بسبب الوفرة الكبيرة في الكميات، الأمر الذي خفض السعر الى حدود العشرين ديناراً.

ويتخوف منتجون من قرار للحكومة بالسماح باستيراد الزيت من اسواق خارجية في ظل عجز الانتاج عن الايفاء بحاجة السوق الأردني، ما قد يهدد الصناعة المحلية.

وتقول مدير عام شركة سلمى للاستيراد والتصدير والمتخصصة في تصدير زيت الزيتون لبنى عبهري إن الانتاج هذا العام «كارثي»، خصوصا في ظل منافسة تجار من عرب 48 للتجار الأردنيين في ما يسمى «ضمان المزارع»، حيث قام الكثير من هؤلاء بضمان مزارع عديدة، خصوصا في المفرق ورفع سعر كيلو الزيتون من 50 قرشاً الى 60 و 65 قرشاًً.

وارتفع بحسب عبهري سعر عصر كيلو الزيتون من 26 قرشا الى نحو 33 قرشا، خصوصا أن المعاصر تتوقع انخفاض الانتاج الى الثلثين

بسبب انخفاض محصوله وارتفاع أسعاره.. الزيتون "يعصر" جيوب الفقراء – علا الفرواتي
 
22-Nov-2007
 
العدد 3