العدد 1 - أردني
 

لأن قدرنا وخيارنا أن نكون هنا.. على أديم الوطن الأردني الحبيب، نمشي على دروبه وتحت سمائه ونتفيّأ ظلاله، يحيا بنا ونحيا ونموت على ترابه، يصبح من الطبيعي والواجب أن نبذل ما وسعنا الجهد والعزم للإسهام في بنائه وتنميته، وفي إنضاج تجربة مجتمعنا لاستكمال بناء الأردن الحديث، ومؤسساته المتطورة.

من نحن، وماذا نريد، كيف نمضي، وأين الطريق؟.

«السّجل» الصحيفة التي بين أيديكم، هي حصيلة تفكير معمق وجهد موصول، من طرف مجموعة من أردنيين وأردنيات، من أكاديميين ورجال أعمال ومثقفين وإعلاميين، ممن يؤمنون بأن الحياة الأفضل لنا ولأبنائنا غاية مشروعة بل واجبة، وهدف سامٍ كما هو حق مصان. لتحقيق هذه الغاية كان علينا الذهاب إلى ما هو أبعد، من النهوض بأعمالنا اليومية والوفاء بالتزاماتنا الاجتماعية، وأداء الضرائب والإلتزام باللوائح والقوانين.

لتحقيق غاياتنا في الحياة الكريمة، علينا الذهاب أبعد من مجرد مراقبة ما يدور حولنا ومتابعة الأحداث التي تعصف بنا، لرد الأذى عنا وتحقيق المنعة أولاً كدولة ومجتمع، والمشاركة الفعالة ثانياً مع مختلف فئات ومؤسسات الدولة والهيئات الاجتماعية، في دفع الحياة العامة نحو الأفضل وإلى الأمام.

إنّ هدف مجموعة المؤسسين من إصدار هذه الصحيفة ليس الربح، ولا الدعاية لأشخاص وترويج أجندات خاصة أو خفية. حقاً إن «السّجل» سوف تعمل على أسس اقتصادية، كما هو حال كل مؤسسة ترنو إلى النمو والازدهار، لكن الهدف يظل إشاعة المعرفة، ونشر ثقافة وطنية إنسانية وتقدمية، وتحفيز المواطنين لممارسة حقوقهم، في إطار احترام القوانين، وتوطيد ركائز الديمقراطية، واحترام مبادئ الحوار، والحق في الاختلاف.

كيف نمضي؟

لن نغرق في إجابة متشعبة، أكثر مما يقتضيه واجب العطاء للشعب والاستثمار في مشاريع الدولة الحضارية، ورفدها بأدوات القوة وأسباب المنعة.

وإذ نتطلع لبلدنا ولمجتمعنا أن يتقدما ويزدهرا، فالطريق واضح لدينا. رؤية مجموعة المؤسسين والتي سنجهر بها من خلال هذه المطبوعة، عدداً تلو عدد، عبر أفكار ورؤى تنويرية، سوف تتعزز أسبوعاً بعد أسبوع، في ارتياد مجالات وآفاق التعددية، والتقدم، والإصلاح الشامل. تؤمن مجموعة المؤسسين بأنّ خيار «السّجل» أن تكون مطبوعة نوعية مستقلة، تضع نصب أعينها خدمة المصالح الوطنية العليا، وتستخدم في ذلك ما وسعها أفضل الأساليب والمعايير المهنية، وتلتزم بأعراف الصحافة، ومواثيقها، وأخلاقياتها، مما يرتب عليها دوراً مميزاً ومسؤولية جليلة في تعزيز تطلعات شعبنا، ونصرة مؤسسات الدولة والمجتمع في أدائها لواجبها، بتحقيق العدل والأمن والرخاء.

منتج أول لمؤسسة المدى

يؤمن مؤسسو «السّجل» وهي المنتج الأول لشركة المدى للصحافة والإعلام، أن الأردن لكل أبنائه وبناته، في سائر مناطق وربوع الوطن، وعلى مختلف مذاهبهم ومشاربهم، وعليه لن تحيد هذه المجموعة عن الإيمان الراسخ، بأن الحقيقة ليست حكراً على أحد، وأن لمن يشاء الحق في تبني الأفكار والرؤى التي يشاء، ما دامت لا تهدد المصالح الوطنية العليا ولا السلم الاجتماعي. تؤمن مجموعة المؤسسين إيماناً راسخاً بشرعية الدولة الأردنية ورسالتها، كما تؤمن بأن المملكة الأردنيّة الهاشمية جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير، وأنها تقع في القلب من هذا الكيان القومي الفسيح، وعليه فإن الانشغال الحار بما يجري في المشرق والمغرب العربي، هو من صميم الإنتماء العربي للأردن والأردنيين.

إن القناعة بخصوصية المجتمع الأردني، الناشئة عن الطابع الخاص لتطوره ولمكوناته، توازيها القناعة بأن للمواطن الحق بالإسهام في تشكيل هذه الخصوصية الدينامية، على أساس الحق بالمشاركة في الحياة العامة، ومن منطلق احترام الدولة لحقوق مواطنيها الإنسانية والسياسية والمدنية والاقتصادية، كما نص على ذلك الدستور الأردني والأجندة الوطنية، والمواثيق والمعاهدات الدولية، بما يضمن سيادة قيم التسامح والعدالة والمواطنة والإخاء والمساواة، بعيداً عن التمييز والتأويل، أو على أساس العِرق والجنس والدين والمعتقد.

- ومع كون الأردن جزءاً أصيلاً من الوطن العربي، يؤثر ويتأثر بمجرياته، ويسهم في صنع المصير العربي، فإن وطننا الأردن هو كذلك جزء من هذا العالم ومن الأسرة البشرية والمجتمع الدولي. وعليه تؤمن المؤسسة والصحيفة المنبثقة عنها، أن الشرائع السماوية ومنظومة القيم الإنسانية والكونية، تملي الوقوف ضد امتهان كرامة الإنسان، وهضم حقوق أية فئة أو مجموعة أو شريحة مظلومة، ومن هذا المنطلق سوف تعنى هذه المطبوعة، بمتابعة الشؤون ذات الطابع الإنساني بكل اهتمام.

- الدين لله والوطن والمواطنة للجميع. لا قبول للأنظمة والتيارات الشمولية والأيديولوجيات المغلقة، أياً كان لبوسها وشعاراتها، وسوف تتابع الصحيفة المسائل المتعلقة بالإصلاح السياسي والديني، وموضوعات الدولة المدنية والدولة الدينية وسواها من موضوعات متصلة.

وتؤمن مجموعة المؤسسين بالعائلة، بوصفها وحدة اجتماعية راسخة وبالروابط العائلية والتماسك الأسري، لكنها تعلي من شأن عمومية القوانين وشموليتها، وولاية الدولة على أراضيها ومواطنيها الأحرار، وبما لا يفسح المجال للبنى التقليدية من قبلية وجهوية وسواها، بالطغيان على الفضاء الاجتماعي والحقوقي، وعلى قوانين الدولة النافذة، بما يشتمل عليه ذلك من تعديات وعنف فردي وأسري و«أخذ القانون باليد».

- الفقر آفة اجتماعية بغيضة، وخلل اقتصادي جوهري. مكافحة هذه الآفة وتصويب هذا الخلل هو واجب الدولة كما المجتمع، وسوف تعمل «السّجل» على القيام بجهد استقصائي، لكشف مواطن الخلل، والتماس السياسات الناجعة للقضاء على هذه الآفة، دون منّة على الفقراء من أبناء الوطن.

- ولأن البيئة عهدة في أيدي البشر، ومن منطلق أن مجموعة المؤسسين تؤمن بوجوب حمايتها بكل الطرق الناجعة، ووضعها موضع الاهتمام من قبل وسائل الإعلام (والوسائل الأخرى التثقيفية) فلسوف تولي الصحيفة اهتماماً خاصاً لمتابعة الممارسات المجتمعية والرسمية في هذا المجال.

- المرأة والرجل متساويان إلا بما فرق الله بينهما، يكمل أحدهما الآخر، هكذا تسير المجتمعات وتسير الإنسانية إلى الأمام. ستنظر الصحيفة إلى القوانين التي تميّز وتبحث عن جذور التمييز ضد المرأة، ستعمل على تحليل الظواهر الاجتماعية والاقتصادية وتقصي أثر القرارات الحكومية، بإعطاء الفرص ومنح الكوتات على وضعية المرأة، وأدائها لدورها.

لقد شهدت المنطقة العربية بصفة عامة والأردن بصفة خاصة تغيرات بنيوية هامة على جميع الأصعدة، دون أن تواكبها تيارات فكرية وسياسية تعبر عنها. ومنذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، شهد المجال العام في الأردن محاولات وخططاً إصلاحية عديدة سواء من قبل أفراد، أو مجموعات أو مؤسسات. إلا أن هذه المحاولات الإصلاحية التي طالت جوانب اقتصادية واجتماعية وسياسية لم تتسم بالطابع التراكمي، ولم تثمر عن بلورة تيار إصلاحي عام، يعبر عن رؤاها ويطلق أفكاراً مستنيرة بصفة عامة، أو يحقق تقدماً في إطار الانشغال بقضايا ذات أهمية خاصة، وتطوير المؤسسات العامة والخاصة لتكون أكثر ديمقراطية وشفافية.

ولكون الإصلاح ضرورة تاريخية للأردن والمنطقة، بهدف الإرتقاء بأوضاع شعوب المنطقة، وتعميق مساهمتهم في إدارة شؤونهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومن أجل أن يكون لهذا التيار القائم واقعياً منبر يعبر عن وجهات نظره، ويطرح رؤاه في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بصفة عامة، أو بالقضايا الطارئة بصفة خاصة في إطار ديمقراطي تقدمي مستنير وجاد، كان لا بد من السعي لتأسيس صحيفة أسبوعية لتكون أداة للتواصل بين هذا التيار وقطاعات المجتمع المختلفة، التي تلتقي مع آرائه من ناحية، ومن أجل توسيع القاعدة الاجتماعية لهذا التيار من ناحية أخرى.

فرصة للتيار الديمقراطي

ويعد إنشاء صحيفة أسبوعية كـ«السّجل» تعبر عن التيارات الديمقراطية المستنيرة فرصة بحد ذاتها، لهذا التيار ليتحاور ديمقراطياً حول قضايا هي أصلاً محل حوار بين أفراد هذا التيار، أو بين فئات المجتمع الأردني.

وسيكون إنشاء صحيفة أسبوعية ديمقراطية جادة، بمثابة فرصة لمختلف الفئات الاجتماعية لتعبر عن آرائها. هذا بحد ذاته يمثل غاية لرفع مستوى العمل المهني الصحفي من ناحية، ولتطوير آليات الحوار وموضوعاته في الأردن وفي المنطقة العربية من ناحية أخرى.

ونطمح عبر إنشاء «السّجل» كصحيفة تعبر عن توجهات تيار ديمقراطي، مستنير وإصلاحي وقائم فعلياً على أرض الواقع، وغير منظم في إطار سياسي إلى:

- نشر ثقافة تعددية غير اقصائية، قائمة على احترام التيارات الفكرية المتباينة، والاحترام الفعلي للحرية العامة والفردية.

- مواجهة الإرهاب الفكري أيّاً كانت مصادره؛ سلطة أو جماعات أو أفراد أو مؤسسات اجتماعية.

إن لهذه الصحيفة مبادئ غير قابلة للمساومة، في قضايا حرية التعبير والمشاركة السياسية والتنمية المتوازنة والمواطنة، وحقوق النساء والشباب والشرائح الضعيفة (الفقيرة) وحقوق الأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة.

رؤية فكرية وإصلاحية

بهذا تتقدم «السّجل» إلى قرائها: صحيفة أردنيّة عربيّة سياسيّة عامة، تحمل رؤية إصلاحية ونقدية شاملة لمختلف مناحي الحياة الأردنية وفي العالم. وذلك تجسيداً لقناعة المؤسسين والقائمين على الصحيفة، بالأهمية الحاسمة لاستكمال بناء أردن عصري مزدهر، ينعم أبناؤه بالعدالة والمساواة وسيادة القانون وتكافؤ الفرص، في ظل نظام نيابي ملكي تعددي ارتضيناه جميعاً، تجسده شرعية النظام الهاشمي والرؤى الملكية الإصلاحية، والسلطتان القضائية والتشريعية و«سلطة» الإعلام الحر.

وبالتزام «السّجل» بهذه الرؤية الرحبة والخلاقة، فإنها تسعى للإسهام بقوة في النهضة الإعلامية التي تشهدها المملكة الأردنية الهاشمية، وذلك بإنتاج مطبوعة متميزة: شكلاً، ومضموناً، وأداءً، ذات نزعة تعددية صريحة بغير تخندق أيديولوجي أو إدعاء امتلاك يقين حديدي، فالتقدمية عند القائمين على هذه المؤسسة تعني احترام حقوق والتزامات المواطنين الأساسية، ومواكبة العصر، والجمع بين الهوية الوطنية والإنتماء إلى عالمنا الحديث، والمزج بين الذاتية القومية والمعايير الكونية للتقدم السياسي والاجتماعي والإنساني. والإيمان بالتعددية بوصفها سمة أساسيّة للنظام السياسي، وثمرة لتنوع ثقافي واجتماعي تتسم به سائر المجتمعات ومنها المجتمع الأردني الفتي.

وتتخذ «السّجل» موقفاً مناوئاً لكل أشكال التطرف والعنف، المادي واللفظي، وتنبذ مفاهيم التعصب والعنصرية والإنغلاق والجمود، والتي تشكل وصفة لتدمير المجتمعات وإعاقة تقدمها.

تخاطب «السّجل» سائر فئات المجتمع، وبالذات الأجيال الجديدة وشرائح الشباب والمثقفين والمسيسين والناشطين في العمل العام، وتفتح صفحاتها لمساهماتهم ومتابعة نشاطاتهم، وإلقاء الضوء على أخبار مؤسساتهم، وتحقيق التفاعل بينهم وبين المجتمع بمجمله في سائر أنحاء الوطن.

إضافة إلى متابعة الشأن المحلي في جميع جوانبه واحتلاله موضع الصدارة، فإن «السّجل» تولي اهتمامها للقضايا العربية ذات الأهمية، وعلى الخصوص القضية الفلسطينية التي تظل القضية المركزية للأردنيين والعرب. إلى جانب تناول القضايا والشؤون العربية الأخرى في مشرق العالم العربي ومغربه، وذلك إيماناً بوحدة المصير العربي، مع احترام خصوصيات كل بلد ومجتمع وتطوره الخاص، ومن أجل بلوغ أكبر قدر من التواصل والتكامل القومي.

ويبقى أن «السّجل» تلتزم، وكما سبقت الإشارة، بمعايير مهنية رفيعة في أدائها، بنشر الأخبار الموثقة والتقارير الدقيقة والتحقيقات الاستقصائية، والنأي عن أساليب المدح والقدح وكل أشكال الشخصنة والمهاترات، والفسح في المجال أمام الآراء الموضوعية في الدفاع عن حقوق التعبير وحق الحصول على المعلومات، في إطار من الجدية والصدقية واحترام المصالح الوطنية القومية.

ومع التذكير والتشديد بأن جمهرة القراء، هم شركاء أساسيون في هذا المشروع الطموح الذي يتوجه اليهم، ويغتني بمساهماتهم وملاحظاتهم.

بين يدي القارئ: لماذا "السجل"؟
 
08-Nov-2007
 
العدد 1