العدد 3 - أردني
 

يبدو اجتماع أنابولس كمولود يتم الاستعداد لتشييعه قبل ولادته. هذا الانطباع لا يثيره فقط المعترضون على عقد الاجتماع كطهران وحركة حماس وحزب الله، بل يعبر عنه قادة ومسؤولون عرب وفلسطينيون معتدلون كالرئيس المصري حسني مبارك والرئيس عباس ووزير الخارجية السعودي سعود الفيصل، من المدعوين للمشاركة في الاجتماع، فضلاً عن التحذيرات القوية من فشل قد يحيق باللقاء عبر عنها غير مرة الملك عبدالله الثاني.

واشنطن الداعية للمؤتمر و«الراعي الرسمي» له، لا تنشر آمالاً حول هذا الحدث باستثناء الحديث عن أهميته المبدئية. أما تل أبيب فلا تكف عن الحديث حول ضرورة تخفيض الآمال المعلقة على الاجتماع.

قبل أيام صرح مصدر في السلطة الفلسطينية في رام الله أن السلطة لم تتلق بعد دعوة رسمية للمشاركة رغم أن الموعد المستهدف له قد حان هذه الأيام.

مبعوث اللجنة الرباعية توني بلير يتحدث عن دعم اقتصادي للأراضي الفلسطينية، وليس معلوماً لماذا انعطف دور اللجنة الرباعية الى المهمات الاقتصادية التي يتولاها عادة الاتحاد الأوروبي. وكيف حدث ذلك عشية الانعقاد المنتظر للاجتماع.

الأطراف الدولية الأخرى كالصين وروسيا قلما يتطرق دبلوماسيوها الى الاجتماع الذي يفترض أنه «دولي».

بريطانيا تأخذ في الاعتبار الأول موقف «الأخ الأكبر» الأميركي. تعبر عن تفاوت أو تباين ما معه بخصوص ضرورة وقف الاستيطان مثلاً، كما عبر عن ذلك وزير خارجيتها مؤخراً، لكن لندن اعتادت التعبير عن تباين لفظي وتطابق سياسي في نهاية المطاف مع واشنطن.

فرنسا تميزت باتخاذ موقف متحمس من الاجتماع «الغامض». الوزير كوشنار زار تل أبيب ورام الله وتحدث بنبرة حازمة عن ضرورة وقف الاستيطان ووجوب نجاح اللقاء في ولاية ميرلاند الأميركية.يتصل هذا الموقف بمقاربة فرنسية ترى قدراً من التفاعل وتبادل التأثير بين أزمات المنطقة، وهو ما يفسر حماسة أكبر تجاه الملف الرئاسي اللبناني وتشدد إزاء الملف النووي الإيراني.يحدث ذلك من جانب فرنسا ساركوزي في إطار أقرب الى المقايضة والتكامل مع واشنطن : موقف متشدد مع طهران يشكل غطاء لواشنطن، مقابل حماسة لتفعيل إرادة الشرعية الدولية نسبيا في فلسطين.

لكن باريس تدرك أن الاجتماع أميركي فكرة ومحتوى وتنظيماً وإشرافاً.وأن الأميركيين «يتنازلون» بقدر ما يفعل حلفاؤهم الإسرائيليون وإن تم ذلك على الطريقة الأميركية. باريس بذلك تسجل موقفاً مشكوكاً في النهاية بفاعليته لأسباب تتعلق بالبيت الأبيض.

غير أن الشكوك تمتد الآن حول اللقاء نفسه، وما إذا كان سوف يعقد في الأمد المنظور أم لا. فالأولوية ما زالت لحل الأزمة الرئاسية والسياسية في لبنان، والفلسطينيون الطرف الأساس في اللقاء يكادون لا يكتمون خشيتهم من خديعة ما. وسبق لعباس أن لوح بالامتناع عن حضور المؤتمر. غير أن ذلك لم يثن تل أبيب عن سعيها لتجويف اللقاء، بتمنعها حتى الآن عن العمل على وثيقة مشتركة تحمل قدراً من الالتزام تجاه القضايا النهائية. والحديث عن إحياء «خريطة الطريق»، يكشف السعي لإعادة الأمور الى الوراء.فالجدول الزمني للخريطة انتهى قبل عامين. ولم تبد تل أبيب في الأصل أية حماسة لها حين طرحت. وجل ما تسعى له حالياً هو التوقف عند المرحلة الأولى من الخطة بتفكيك المنظمات المسلحة وجمع أسلحتها. فيما تدعو السلطة لأن يتزامن ذلك مع وقف الاستيطان وعودة الأمور لما كانت عليه قبل اجتياحات شارون.

يضاف إلى ذلك ما طرحه أولمرت بدعوة الجانب الفلسطيني للإعتراف بإسرائيل «دولة يهودية» وكأساس لإنطلاق المفاوضات، وهو مطلب يتنافى مع المعايير الدولية التي لا تتضمن الاعتراف بديانات الدول علاوة على مخاطر ذلك على غير اليهود وهم عرب العام 1948 والذين يجري التخطيط لترحيلهم مستقبلاً في عملية مقايضة إلى الضفة الغربية.

لا أحد يتفاءل بعقد اللقاء وبنتائجه. وذلك لا يقلق أولمرت ورهطه، ولا يدفع واشنطن حتى تاريخه لتغيير خطابها الغارق في العموميات والتعمية ومع ذلك فالقافلة.. قافلة الاجتماع ما زالت تسير.

لكن الى أين؟.

لقاء أنابوليس: القافلة تسير.. لكن إلى أين؟ - سليم القانوني
 
22-Nov-2007
 
العدد 3