العدد 16 - ثقافي
 

السّجل - خاص

تحمل التجربة الشخصية الثالثة للفنان الأردني جهاد العامري بعنوان "مرآة" اقتراحات جديدة في الموضوع والتقنية تتصل الأولى بإعادة إنتاج الذاكرة بما يمكن أن ينعكس على سطح الماء، والثانية في تعدد المرايا.

ويقدم العامري الحاصل على بكالوريوس الفنون الجميلة من جامعة بغداد. وهو عضو الهيئة التدريسية في كلية الفنون والتصميم بالجامعة الأردنية في معرضه الذي يختتم نهاية الشهر الجاري في غاليري ليونز 51 عملا غرافيكيا.

يزاوج العامري في أعماله بين الطباعة الحجرية والخشب، وتناول فيه مشاهدات الفنان التي اختزنت في الذاكرة متشابكة مع المرئيات والأحداث التي تحيط بالإنسان العربي المعاصر.

وبدت الأعمال الطباعية للعامري الحاصل على الجائزة الأولى في مجال الرسم في مهرجان الشباب ـ الأردن 2002 ، الجائزة الثانية مناصفة بالمعرض السنوي لرابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين2005 ، في عدد الطبقات والألوان جملة من الخطوط الحادة والكتل التي تشق المساحة والسطح بحدة، فالمفردات تتنوع بين النمنمات والتنقيط والخطوط القصيرة والتونات البيضاء والأشكال الكبيرة التي تبدو أحيانا كمآذن أو تجسيدات بشرية أو كتل من الردم والفوضى غير أن هذه الفوضى منحت الأعمال ملمحا شعريا غامضا.

في أعمال الفنان العامري الذي شارك في أكثر من 40 معرضاً جماعياً ، وأقام ثلاثة معارض شخصية تتشابك الأمكنة والأزمنة، والواقع والأحلام والحقائق والأوهام في مساحة متشظية، زادها الفنان تمزيقا بإعادة الطبعات في ثلاث أو أربع لوحات لتشير إلى عدد لا نهائي من تداعيات الصور.

ويقول الفنان العامري إن فكرة " المرآة" دائما يطفو على سطحها ما هو وهمي، وكلنا إذا نبشنا سطحها جيدا ستسقط الحقيقة في دواخلنا، فالمعرض هو دعوة لاسترجاع ما غادر من تشظيات و دعوة لان نتأمل مرايانا الداخلية لنسقط في الحقيقة.

ويوضح العامري: المعرض هو مرآتي الشخصية، و استرجاع ل"مراياي" المكانية والزمانية، فتارة ترى مرآة القرية قد تشظت وتداخلت مع أماكن أخرى، وتارة ترى الشلالات (مكان الطفولة) قد امتزجت بماء دجلة.. وأحيانا ترى أقواس المقامات قد تداخلت واحتضنت قباب مساجد بغداد.. من يقرأ عملي (مرآتي) سيرى الكثير مني، وسيرى تجليات النهر، (القليعات) مسقط رأس الفنان ، وبغداد التداعيات التي جرت على (مكان الدراسة)، حاولت في كل مرآة أن أرى حالاتها وتقلباتها في نفسي وفي الواقع، والمعرض بالإجمال هو نص بصري واحد توالد بأكثر من وجه وروح. ويقول العامري: إن في المعرض الكثير من البحث في قضية الفن ، وقد خلصت إلى بعض الحلول عبر تجارب كثيرة ناجحة دون المساس بالجوهر، والناظر إلى الأعمال يرى بان هناك مزجا في التقنيات، كالطباعة الحجرية والطباعة على الخشب.

أما الناقد د.بلاسم محمد فيكتب في دليل وزع في المعرض إن المرآة في أعمال العامري تقدم حركة باتجاهات مختلفة منها ما يحاكي الواقع أو ما نسميه المشابهة، وهي نقل الواقع ليس كما نتمناه بل كما نراه، فكانت الأشكال تقوم على بقايا أُهملت أو أُسقطت مضامينها من خطوط وبقع وألوان ملأت حياتنا المعاصرة من دون أن نلتفت إلى جمال تكوينها ،مرآة الفنان عكستها في حدود ما نسميه لوحة مليئة بالأثر الذي ندير ظهرنا له دون شعور .

ويضيف د. بلاسم أن الأعمال بمجملها حملت جزءاً من أوهامنا، وأحلامنا المنسّية ، أما الجانب الخفي من فكرة المرآة .. فهو الواقع .. إنه واقع حقيقي، ولكنه محمل بمعان متعددة. وقد استطاع جهاد أن يستنطق الجوانب الخفية فيه.

“مرآة” التشكيلي في “ليونز”
 
06-Mar-2008
 
العدد 16