العدد 16 - أردني
 

منصور المعلا

تتنافس جهات رسمية وحزبية في جامعات حكومية وخاصة على تأطير طلبة ضمن توجهات حزبية وتنظيمات طلابية مؤدلجة قريبة من السلطة، في محاولة لكسب أكبر عدد من المناصرين وسط انحسار تأثير الأحزاب على الساحة الأردنية.

«عشرات المتطوعين من طلبة الجامعات يتولون جذب طلبة جدد إلى تيارات سياسية معينة من خلال تقديم المساعدة لهم في عمليات التسجيل وتعريفهم بمرافق الجامعة». على ما يستذكر الخريج خالد عواد.

وتكاد تتقاسم الأحزاب الإسلامية مهمة استمالة الطلبة مع جهات رسمية غير معلنة. في المقابل يتضاءل دور الأحزاب الأخرى اليسارية والقومية. يشرح عواد أن التنافس على استقطاب الطلاب ينحصر بين تياري الحركة الإسلامية، ونادي أبناء الثورة العربية الكبرى «وطن»، اللذين يتغلغلان في الجامعات.

أنشىء «وطن» عام 1992 بهدف الأخذ بيد «الجيل الجديد»، «لتحقيق الأهداف الوطنية في تنشئة الشباب وبخاصة الطلبة على المواطنة الصحيحة» بحسب بيانه التأسيسي. ويحظى «وطن» بدعم «القوات المسلحة، والمجلس الأعلى للشباب» ويوجه خطابه إلى الطلبة الجدد « لبناء الشخصية الوطنية وتوفير مجال حيوي للتعاون وتبادل الآراء».

يضم النادي في عضويته أكثر من أربعة آلاف عضو جلهم من الطلبة والخريجين، فضلاً عن أعضاء هيئات التدريس في الجامعات وشخصيات من المجتمع المحلي، يقدر عدد الطلبة في الجامعات الحكومية والخاصة ب 192 ألف طالب وطالبة يتوزعون على 22 جامعة، بحسب احصاءات رسمية.

يشرح رئيس نادي الثورة العربية الكبرى «وطن»، بكر خازر المجالي، أن هدف النادي هو «بناء جيل من الشباب الواعي والمثقف، يعتبر أن منعة الأردن واستقراره هو مصدر قوته، ما يمكنه من دعم أشقائه العرب».

هذا التوجه حسب المجالي «يأتي بالضرورة في مواجهة جهات تقدم القضايا الخارجية على الداخلية في اهتماماتها، معتبراً أن تلك (المزايدات) لا تخدم المصلحة الوطنية».

وبينما يقول بأن الجامعات هي «مراكز تعلم لها أنظمتها وقوانينها التي تحكمها، نافياً أن يكون للنادي أي تيارات داخل الجامعات»، ويتهم المجالي «حزب جبهة العمل الإسلامي بدعم الاتجاه الإسلامي داخل الجامعات».

وطن يمثل تياراً سياسيا فعلياً، ينازع التيارات السياسية الأخرى على النفوذ والتأثير داخل الجامعات.

يرفض النادي «السماح للأساليب غير السليمة والصحيحة بالدخول إلى عقول وأذهان الطلاب»، وفق المجالي، الذي يلخص إحدى أوجه عمل النادي بأنه «يسعى الى بناء جيل محصن، وعدم تمكين أحزاب وتيارات تسعى الى جرف الطلاب وراء أفكار تسمح بزيادة رقعة التوتر في المنطقة».

تتعدد مصادر تمويل «وطن» الذي بات يسهم بدور فعّال في انتخابات مجالس الطلبة في الجامعات، حسب طلاب جامعيين، وهي تأتي من تبرعات من مؤسسات رسمية ومجتمع محلي فضلاً عن اشتراكات الأعضاء، ودعم المجلس الأعلى للشباب.

يرى المجالي أن» مبلغ الستة دنانير، قيمة الاشتراك السنوي للأعضاء قليل مقارنة مع ما يقدمه النادي للمنتسبين وما يوفره لهم من نشاطات بما في ذلك: رحلات جامعية، وندوات، ودورات وغيرها».

دور «وطن» السياسي في الجامعات يشرحه خريج كان ترشح لانتخابات مجلس الطلبة في جامعة حكومية، يقول الطالب السابق: «تلقيت دعماً مالياً من النادي، للعمل على الاطاحه بمرشحين إسلاميين في الكلية التي أدرس بها»،

يسرد رائد (30 عاماً) الذي يعمل حالياً في القطاع الخاص، تفاصيل عدة لقاءات جمعته مع» طلاب سابقين ومسؤولين من جهات لم يحددها، باركوا ترشحه». ويستذكر كيف تلقى «دعماً عينياً لحملته الانتخابية (ورود، وبطاقات انتخابية ، وآرمات)، كان علية فقط توزيعها على طلبة الكلية، في مواجهة حملة يقوم بها الاتجاه الإسلامي».

بثقة بادية، يؤكد رائد أنه لا يعتبر دعم وطن لترشحه «تدخلاً رسمياً في انتخابات مجالس طلبة المراد منها إظهار توجهات الطلبة الجامعيين».

في المقابل يرى طالب ينتمي للاتجاه الإسلامي، رفض ذكر اسمه، أن «وطن» محاولة «لإحلال تيار قادر على حصد مقاعد مجالس الطلبة في الجامعات في إعقاب سيطرة التيار الإسلامي، من خلال جذب طلبة مستقلين».

يضيف الطالب ذاته نشاطات «وطن» وتعيين أعضاء مجالس الطلبة إلى قائمة طويلة من القوانين والإجراءات التي عملت على «الحد من نفوذ التيار الإسلامي، ليس في الجامعات فقط وإنما في الحياة السياسية». إلا أن نتائج ذلك التضييق، بحسب رأيه، «ساهمت في زيادة شعبيتهم».

نصر مصطفى، يقف على مسافة واحدة من كلا التيارين ، إذ يلحظ أن «تياري (الإسلاميين ووطن) تراجعاً، بشكل ملحوظ، في السنوات الأخيرة. معللاً ذلك، «بتفاقم حالة عدم الثقة بجدوى العمل السياسي نتيجة لما مرت وتمر به المنطقة العربية من ظروف صعبة، في الشأن العراقي، والفلسطيني، واللبناني، وما يمر به الأردن من ارتفاع في تكاليف المعيشة».

يشرح مصطفى، الطالب في الجامعة الأردنية، متأبطاً كتبه «إن عدم مقدرة أي من التيارات والأحزاب وحتى البرلمانات على التخفيف من وطأة ارتفاع الأسعار، او إحداث إصلاح سياسي حقيقي، أدى الى تشكل رأي عام بعبثية ما يجري».

“وطن” النادي والحزب والممول
 
06-Mar-2008
 
العدد 16